وزير الصحة في ورشات عمل مع البنك الدولي عن التغطية الصحية الشاملة
في كلمة ألقاها خلال سلسلة ورشات عمل متخصصة حول التغطية الصحية الشاملة، نظمتها وزارة الصحة العامة شدد وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور فراس الأبيض على “أهمية تحديد حزمة الخدمات الصحية الأساسية في لبنان كخطوة أولى ضرورية نحو التغطية الصحية الشاملة”، مشيرًا إلى أن “النظام الصحي اللبناني كان يركز على الأدوية المتطورة والرعاية المتخصصة من دون الاهتمام بالرعاية الأولية وإجراءات الوقاية كفحوص الكشف المبكر لأمراض السرطان”. ولفت إلى “أهمية شمول حزمة الخدمات الأساسية جميع اللبنانيين وتمويلها من مصادر عدة”.
وجرت هذه الورشات على مدى ثلاثة أيام بالتعاون مع بعثة من البنك الدولي تزور لبنان وذلك بحضور ممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان الدكتور عبد الناصر أبو بكر ورئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور بلال عبد الله وأعضاء اللجنة وعدد من نقباء القطاع الصحي وممثلي شركات الأدوية ومتخصصين في مجال الصحة، وقد هدفت ورشات العمل إلى تكوين نظرة مشتركة حول كيفية إرساء التغطية الصحية الشاملة في لبنان بالمقارنة مع تجارب دول أخرى حيث طرح سؤالان أساسيان: ما هو النظام الصحي الذي نريده في لبنان؟ وهل يجب توحيد الجهات الضامنة كما هو حاصل في فرنسا أم الإبقاء على جهات ضامنة متعددة مع نوع من التخصيص كألمانيا وهولندا؟ أم التخصيص على غرار دول خليجية؟.
وقال الوزير الأبيض: “من الواضح أننا ذاهبون إلى نظام صحي جديد. علينا اتخاذ القرار في هذا الشأن. إن تجارب البلدان الأخرى تظهر أن ليس من نظام صحي مثالي بل لكل من الأنظمة المعتمدة حسنات وسيئات وعلينا اختيار النظام الأفضل لمجتمعنا. إن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر حيث يضطر المواطن لأن يدفع من جيبه حوالى ثمانين في المئة من الفاتورة الصحية ما يعني أن عددًا من المواطنين لا يستطيعون الحصول على الخدمات الصحية التي يحتاجون إليها. ومما لا شك فيه أن غياب العدالة في الوصول إلى الخدمات سيؤدي إلى الكثير من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية”، كما أوضح أن “الإنفاق على الصحة في لبنان راوح قبل الأزمة أي قبل 2019 بين 750 و1000 دولار للفرد سنويًا من بينها ثلاثون في المئة من جيب المواطن ومن دون أي تغطية صحية شاملة. في حين أن الإنفاق الصحي في تركيا يبلغ 370 دولارًا لكل فرد سنويًا مع تأمين تغطية صحية شاملة. وقال الأبيض إن هذه الأرقام تظهر أن لبنان كان يصرف الكثير من دون الحصول على النتيجة المطلوبة في حين أن دولا أخرى تصرف أقل وبفعالية أكثر.
ومن جهتها عرضت كبيرة الخبراء الاقتصاديين في البنك الدولي بيا شنايدر في مداخلة رئيسية عددًا من الأنظمة الصحية المتبعة في العالم. ورأت أن “البلدان الغنية التي يتمتع فيها الفرد بدخل مرتفع تنفق على الصحة أكثر من الدول ذات الإيرادات المنخفضة، كما أن مصادر أموالها لتأمين التغطية الصحية هي مصادر متعددة في حين أن الحصول على الخدمات الصحية في الدول الفقيرة يعتمد في شكل أساسي على حصة المدفوعات من الأموال الخاصة”، ولفتت إلى أن “ما تريد الدول تحقيقه هو أن تتوجه نحو النماذج الأخرى التي تتطلب المزيد من تشارك الأعباء من أجل تحقيق التغطية الشاملة، من خلال تخفيف المدفوعات من الأموال الخاصة وتعزيز المصادر المتعددة للتمويل المشترك عبر ضرائب أو أقساط أو مساهمات وجمعها في رزمة لإرسالها بطريقة فعالة إلى المورّدين من أجل إنشاء رزم صحية تكون فيها نسب الدفع المطلوبة من المواطنين منخفضة”.
وأضافت شنايدر:” إن المشكلة في لبنان أن غالبية المدفوعات من الأموال الخاصة، وعشرين في المئة من المجتمع في لبنان ما فوق الـ 65 عامًا بالإضافة إلى قطاع غير رسمي ناشط. لهذا السبب لا يمكن للتغطية الصحية أن تكون شاملة من دون الاستفادة من الإيرادات الضريبية الحكومية”، وأوضحت أن “غالبية البلدان التي تمكنت من تحقيق التغطية الصحية الشاملة تموّل هذه التغطية من الضرائب والإيرادات الحكومية الإلزامية المسبقة الدفع، كما أن ثمة بلدانًا مرتفعة الدخل تلجأ إلى التأمين الخاص الإلزامي إلى جانب دعم التغطية للفئات المهمشة والفقراء”.
وكان لرئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور بلال عبد الله تعليق تناول اقتراح القانون الجاري درسه حول التغطية الصحية الشاملة مشددًا على أهمية قوننة الضرائب والسعي لفرض أن تكون مخصصة للصحة وقال: “إن الهاجس أن نعيد للمواطن اللبناني كرامته بالاستشفاء”.
وقد أتاحت ورشات العمل البحث في سبل تمويل القطاع الصحي في لبنان والوصول العادل للخدمات تمهيدًا للتغطية الصحية الشاملة حيث تناول البحث قرضا جديدا مع البنك الدولي ومجالات التعاون المستقبلية إضافة إلى متابعة القروض الموجودة والمشاريع الجاري تنفيذها.