
العلامة فضل الله رعى احتفالاً تربوياً في الخيام: بالعلم يتقدم الوطن والحوار يبدد الهواجس والمخاوف
رعى العلامة السيد علي فضل الله احتفالاً تكريميا أقامته ثانوية عيسى بن مريم في بلدة الخيام الجنوبية لتلاميذها الناجحين في الامتحانات الرسمية للشهادة الثانوية ولطلاب البريفيه، في حضور المحسن الكريم أكرم حمود، رئيس بلدية الخيام عدنان عليان، الشماس الياس تامر ممثلا المطران الياس كفوري، الشيخ فؤاد خريس، مدير الثانوية أحمد عطية، وعدد من فاعليات المنطقة وأهالي الخريجين والمكرمين.
وألقت الطالبة رهف صادق التي حلت بالمرتبة العاشرة على صعيد لبنان كلمة الخريجين، ومن ثم ألقى العلامة فضل الله كلمة قال فيها: “من السعادة والفرح أن نقف اليوم جميعا من اجل أن نكرم من تحملوا المسؤولية وعملوا لكي يكونوا في الموقع المميز وان يدخلوا إلى ساحات الحياة من الباب الذي أراده الله وهو العلم والأخلاق وأن يكون لهم حضور في كل ميادين الحياة، فهنيئا لطلابنا الذين بذلوا الجهود وسهروا الليالي متحدين كل الصعوبات والعقبات من أجل ان يحصلوا على هذه النتائج المميزة وبذلك يمثلون الصورة المشرقة لهذه المؤسسة في هذا التفوق والنجاح”.
وتوجه الى الطلاب بالقول: “أنتم استطعتم أن تجتازوا هذه المرحلة من حياتكم بصبركم ومثابرتكم وتعبكم لذلك عليكم متابعة مسيرة الرقي والتعلم وتحرصوا على قيمة العلم التي هي من أهم القيم ولا يمكن ان نبني وطنا أو نكون في الموقع المتقدم في هذا العصر إلا بهذه القيمة”، مضيفا “العلم يجعلنا نستعيد دورنا الحضاري والإنساني بين الأمم والشعوب ونحن نملك كل الطاقات والإمكانات والقدرات التي تؤهلنا للعب هذا الدور رغم كل الصعوبات والتحديات والعراقيل التي قد توضع أمامنا من اجل فرملة هذا الطموح وإبقاء مجتمعاتنا تعيش التخلف والجهل والانقسام والحروب وتكون سوقا استهلاكية للدول الكبرى”، لافتا الى ان “الكثير من طلابنا أصبحوا رواد علم واختراعات في هذا العالم عندما وجدوا من يحتضنهم ويقدر طاقاتهم”.
وللطلاب قال: “مجتمعكم ينتظر منكم أن تتقدموا إلى المواقع العليا لانه بكم نستطيع أن نبني هذا الوطن وإنسانه فأنتم لا تحملون العلم فحسب بل تسلحتم إلى جانبه بالقيم الأخلاقية والإيمانية والإنسانية، وبهذه الصورة المشرقة سوف تمثلون انموذجا يفتقده هذا البلد حيث تشكل هذه القيم صمام امان لهذا الوطن”.
وأضاف: “أنتم تربيتم على الانفتاح ومد الجسور والتواصل مع الاخر وليس على منطق القطيعة والانقسام والتأكيد على مواقع اللقاء والمشتركات على الصعيد الإسلامي والمسيحي والوطني”، مشيرا إلى أننا “نؤمن بقدرة الأديان والرسالات على التعايش والتلاقي وهذا التنوع هو غنى لا نقمة وان الدين هو حل وليس مشكلة، وان مشكلتنا في ما وصلنا إليه على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي سببه انعدام هذه القيم أو ضعف الحس الوطني والرادع الأخلاقي”.
وأكد أن “هذا الوطن امانة ومسؤوليتنا أن نحفظه وندافع عنه أمام أي خطر يتهدده سواء من من يريد أن يدنس أرضه أو يفسد مجتمعه من خلال الترويج لثقافات غريبة عن قيمنا ومفاهيمنا لضرب وحدته الاسرية والمجتمعية”، مضيفا “نحن لا نريد وطنا على قياس طائفة أو مذهب بل وطنا للجميع يعيشون بكرامة وعز، نحن معنيون أن نعمل على صوغ هذا الوطن بالصورة النموذجية التي وجد من اجلها وهي رسالة الانفتاح والمحبة والتواصل، ومن هنا ندعو إلى إعادة إنتاج هذا الدور وهذه الصورة والتي للأسف ساهمنا أو شاركنا على تشويهها، فالوطن لا يبنى إلا بكل أبنائه وتنوعاتهم من خلال التواصل والحوار بدلا من منطق القطيعة والخطاب الموتر والمستفز”.
وأردف: “إن على كل منا أن لا يفكر بدوائره الضيقة والمغلقة بل بالدوائر الكبيرة والمنفتحة حتى بتنا نسمع لكم لبنانكم ولنا لبناننا، حتى وصل البعض إلى طرح مشاريع التقسيم والفدرلة”، مؤكدا أن “هذا الوطن يحتاج إلى جهود جميع أبنائه ويبقى رهاننا على هذا الجيل الذي يحتاجه الوطن ويحتاج إلى طاقاته فلا نريد له ان يتسكع في بلاد الله الواسعة او على أبواب السفارات في البحث عن مكان يفجر فيه قدراته وامكاناته، لذلك نقولها أمام ما نشهده من انقسامات حول الاستحقاق الرئاسي وحول أي استحقاق قادم تعالوا لنتحاور وعندها ستجدون ان الكثير من الهواجس والمخاوف التي صنعت أو صنعناها سوف تذوب وتتلاشى، لذلك لا يمكن ازالتها ما دمنا نتراشق من وراء المتاريس والخطابات الحادة”.
ولفت إلى ان “هذا الوطن قدمت من اجله الكثير من التضحيات والدماء لا سيما من هذه المنطقة التي تحتض الشعراء والأدباء والمثقفين وهذه الدماء تحملنا مسؤولية الحفاظ عليه”.
وختم فضل الله شاكرا للاهل “الذين وقفوا إلى جانب أبنائهم وقدموا لهم كل العون والمساعدة حتى يعبروا هذه المرحلة من حياتهم”، مقدرا “كل الجهود والتضحيات التي بذلت من قبل إدارة هذه الثانوية من معلمين ومعلمات وإداريين وعاملين، وتكللت بهذا النجاح وهذا التفوق”، مثمنا “هذه الإرادة وهذه الرسالة التي يحملونها في مكافحة الجهل والتخلف الذي ان استشرى سيكون مشكلة كبيرة لمجتمعنا ويمكن ان يسقطه في اتون الجهل والتخلف”.