
عبيدو باشا: نحن أمام فرصة تاريخية للتغيير
أجواء برس- هناء حاج
يوضح الناقد عبيدو باشا في شكل مفصّل انعكاس تأثير ازمة الكورونا على الثقافة عامة والمسرح في شكل خاص، في ظل تخلي الدعم الرسمي لهما، وهو كاتب وممثل ومخرج مسرحي ويعرف أهمية الدعم مع أنه مفقود في ظل الأزمات المتراكمة، وعن هذا الأمر يقول:
ليته لا يوجد دعم فقط، بل هناك غباء في التعاطي مع القطاع الثقافي، إذا رجعنا لقرارات اللجان- لجنة كورونا واللجنة الوطنية العليا وغيرهما- لجان لا تهتم بالمرافق الثقافية مثل المسرح ودور السينما، علماً أن سعة السينما واسعة ويقصدها القليل من الناس، قضوا على الصالات السينمائية والإنتاج السينمائي وقضوا على حركة الاستيراد السينمائي، علماً أن اللبنانيين كانوا يشاهدون الأفلام قبل مشاهدة صنّاعها، صرنا قرابة السنتين لم نشاهد فيلماً جديداً.
أما المسرح لا أعرف اذا كان المسؤولين في لبنان يعرفون إذا كان هناك مسرحيين ومسرح في البلد، وكيف يعمل المسرحيون، وأشك أنهم يعرفون أن بيروت كانت سابقاً منصة ثقافية في العالم، تعرض في واجهتها مختلف الاعمال المسرحية في العالم من خلال التعاطي معها بوجهات نظر الصناعة المحلية، اليوم أفقدونا فرصة كبيرة للتعامل مع المسرح بطريقة لا قدرية، كنا سابقاً كمسرحيين اعتدنا وجودنا في المسرح، كنا نقرأ النص ونبني العمل لنقدمه على المسرح للناس الذين يقصدون المسرح.
اليوم اختلفت الشروط والمعايير مع جائحة كورونا، لم نعد نستطيع فتح الباب ليتجمع الناس كما كنا سابقاً، لا نستطيع العمل في الطقوس القديمة لصناعة وإنتاج المسرحيات في لبنان، نحن أمام فرصة تاريخية ليس فقط لتغيير اشكال العلاقات بين المسرحي والمسرح وبين الجمهور، بل أمام مرحلة تاريخية فعلية ممكن ان تساهم بتغيير النمط المسرحي وعلاقته بالمسرح، من خلال تصميم أشكال وعمارات تراعي ما تهدد به الجائحة المسرحيين والجمهور، ومن هنا لا بد من إعادة النظر بهذه المنصة لتأمين حضور الناس فيها وإقامة علاقة مختلفة بينهم.
وبسبب نبوغ وزير الداخلية بالتعاطي مع الكثير من الأمور، فوّت علينا فرص كثيرة كبيرة بحجة انه يحمينا، ولكن ليس لديه مانع أبداً بفتح الفنادق والبارات على رأس السنة بحيث ارتفعت عدد الإصابات من 800 الى 4 و5 آلاف، لأنهم لا يعرفون شيء، جلبوهم من مكان خفي وبعيد ليتسلموا مقاليد البلد وهم لا يدركون شيئاً ليضعوا أيديهم على القضايا المصيرية في البلد ومنها قضية الثقافة التي هي قضية متقدمة، خصوصاً أننا الآن في حالة صراع ثقافي بين الحضارات والثقافات، والخطير عن تحويلها الى حوار الحضارات وهذا ما يستدعي العمل الثقافي والبحث عن طرق لتحويل الصراع الى حوار، لا يسمحون لنا ولا يساهمون.
وعن إمكانية نقل المسرح الى الهواء الطلق لاستعادة دور المسرح، قال: “أساساً كنا نعمل هكذا أنا عملت مسرح “الحكواتي” مدى 15 سنة تقريباً، حتى في ثورة 17 تشرين، قدم زملاء لنا عروض في الهواء الطلق، وجربوا إيجاد اشكال تعبير جديدة ومنها الرسم على الحيطان.
قبل أن يكون المسرح مأزق صحي هو صراع معركي، فكل الدول تتوجه الى تمويل التسلّح، وفي هذا الوقت جاء فيروس صغير مسح معظم العالم، المأزق هو وصول التجارب المسرحية في العالم الى مكان مغلق ومسدود، من قطبيته الثنائية الى آحاديته.
قبل كان هناك صراع بين معسكرين، أحذ أوجهه الصراع فكري- ثقافي وكنا نستغله ونستلهم منه كل ما يتقدم من تجارب ثقافية سواء مسرح أو سينما وغيرهما، لذلك قدمت بيروت أشياء متقدمة في العالم من أواخر الخمسينات الى الثمانينات، وانتهى الموضوع.
الآن نحن أمام وحدانية السيطرة الأميركية على العالم ما نتج عنها العولمة، وهنا من المفترض أن ننتبه الى أمر أساسي أنها تستطيع أن تحول العالم الى قرية، وهذا الكلام ليس بريئاً لأن الثقافة مدينية، فحين نحوّل العالم الى قرية ونغير اشكال العلاقات والنظم أو ما تلغى هي الثقافة، فالتغيير في العالم عبر تحويل المعلومة المختصرة التي تسطّح الثقافة. ولأننا في فضاء من التسطيح الثقافة والغباء لا يسمح بتطور الثقافة، فنحن في مرحلة انتظار وانصات بانتظار التطورات المقبلة التي على ضوئها ممكن أن نبني أو لا نبني، إلا اننا فوّتنا فرصة تاريخية لنعمل على أعمار مسرح جديد لمواجهة الجائحة.