“إسرائيل” كما قدمت نفسها… تخسر حربها الوجودية
ميخائيل عوض
عن أي إسرائيل سأحدثك بعد عملية طوفان الاقصى وما استدعته من حرب اقليمية واسعة وكبرى. وكشفت عن أسرار إسرائيل التي كانت مخفية واسقطت اطنان مساحيق التجميل التي طليت بها خلال ال75 سنة التي مرت على اغتصابها لفلسطين واستيطانها وابادة وتهجير اهلها.
إسرائيل العارية في حرب غزة المفصلية والتاريخية بمنتجاتها ظهرت على حقيقتها؛
– ليست اكثر من تجمع لجماعات جرى جمعها من شتات لا روابط حقيقة بينها وتم تلصيقها بشمع الادعاء بوعد الهي وبقومية ورباط امة واهية لا اساس ولا اصل لها.
– أداة تفصيلية في خدمة مشروع استعماري امنته اوروبا لتحقيق مصالحها وورثتها امريكا وتكلفت عليها لتخديم استراتيجياتها ومصالحها في العرب والاقليم، وقد باتت عبئا بعد ان كانت كنزا تصديقا لشهادة بترايوس مدير السي اي ايه امام الكونغرس الأميركي عام 2009.
– أوهن من بيت العنكبوت وقد سقط خط دفاعها الاعلى كلفة والاكثر تقنية وتقدما تحت اقدام ثله من مجاهدي كتاب القسام بلمحة البصر. وتحول جنودها وضباطها الى جرذان مذعورين امام قامات ونظرات ابطال القسام واستسلموا بلا حراك كالأرانب.
– لأنها اضعف من ان تحمي نفسها، ولم تكن قوتها المزعومة الا افلام ودعايات هوليودية افتراضية. استعجلت امريكا والاطلسي برئيسها ووزرائها ورؤساء ووزراء اوروبا لنجدتها، وحشدت امريكا اساطيلها واحدث قطعها البحرية للتهويل وسمت جنرالات البنتاغون لقيادتها في الحرب وبضعة الاف من دلتا فورس والمارينز للقتال مع قواتها المنهارة ولشد ازرها ورفع معنوياتها كما فتحت مخازن السلاح والاكثر تدميرا لإبادة غزة ولم تفلح.
– التسرع الاميركي لقيادة الحرب وخوضها عن اسرائيل كشف حبل السرة وسر التكوين التي تشتركان به امريكا واسرائيل فكلتاهما دول مصنعة ومفروضة من خارج سياق التطور التاريخي والاجتماعي فليس على وجه الكرة الارضية الا امريكا واسرائيل دول صنعت في خدمة الشركات كدول وظيفية ونظام وحشدت لهما حشود المهاجرين، ولم تكتسبان صفة الامة او الحضارة ولا حتى الوطن والهوية المشتركة. وهذا ما يفسر سرعة التدخل الامريكي لإنقاذ اسرائيل وادارتها وادارة حربها ما ينبئنا بان امريكا تصرفت بدوافع وبغريزة الدفاع عن نفسها ونموذجها فسقوط اسرائيل ” نموذجها المصغر” مؤشر ونذير بسقوط امريكا نفسها وانهيار الصمغ اللاصق لإسرائيل ينذر بانهياره في اميركا…
– اسرائيل واميركا الدولتان المصنعتان، قد بلغتا الشيخوخة والعجز عن ادارة امورهما ولعب دورها الوظيفي، وقد اعلن زمن نهاية اسرائيل القريب وربما القريب جدا بلسان قادة اسرائيل بإعلانهم انها في حرب وجودية وبإعلان حالة الحرب والتعبئة العامة، وبما ان اسرائيل هزمت وخسرت الحرب ولم تحقق اي من اهدافها فيها سوى الكشف عن حقيقتها والاطلسي والعالم الانكلو ساكسوني الذي لا يحترم تعاقدات ولا قوانين ولا شرعيات هو اصدرها وكرسها واطلاق يد اسرائيل بتدمير غزة ومحاولة ابادة اهلها وتهجيرهم وتدمير المشافي واستهداف الامنين والمدارس وفرق الاسعاف وقطع المياه والكهرباء والغذاء. انما هي حقائق لتصرفات وثقافة وقيم الغرب ومنتجات العالم الانكلو ساكسوني، طالما اخفاها خلف براقع ومساحيق تجميل اسقطتها غزة وعرت إسرائيل والغرب واكدت ان الدول المصنعة لا تعيش الا بإبادة الشعوب واصحاب الحق القومي الامر الذي فعلته قطعان المستوطنين في أميركا وتعجز قطعانهم في فلسطين والعرب.
– وتكشف الحرب ونتائجها واتجاهها الى الهدنة كسيناريو مرجح بتبني ودعم امريكي ومن بايدن نفسه الذي تتراجع فرصته في الانتخابات الرئاسية بشفاعة دماء وارواح نساء واطفال غزة وتحول حربها الى عنصر فاعل في تقرير مستقبل امريكا وانتخاباتها ومستقبل النخب الاوروبية المتامركة الحاكمة، وربما مستقبل اوروبا نفسها، تتطلب لتكريسها هدنة طويلة غطاء دبلوماسي وسياسي اطلقت نذره في التصريحات والمواقف المتناسلة والكل يتحدث عن ضرورة حل الدولتين كخيار وحيد لمحاولة ايجاد حل للقضية الفلسطينية بعد ان فشلت وانهارت الحلول التصفوية والتسووية والتطبيعية وانكشفت على اعطابها وبصفتها حلول تأمريه لتمكين اسرائيل من تهجير اصحاب الحق القومي وتهويد فلسطين كلها والتحكم بالقطريات العربية المصنعة والعاجزة والفاقدة لأدوارها الوظيفية ايضا.
– الا ان السر الكبير الذي لم يعرفه الكثيرين وبينهم الواهمين بحل الدولتين والداعين الى اقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح يتجسد بحقيقتين كاسرتين للأوهام والمشاريع ومقررتان بما ستنتهي اليها الحرب بصفتها حرب تحرير فلسطين من البحر الى النهر الجارية ايامها.
– سر اسرائيل ان طبائعها وعناصر التأسيس وادواتها من العصابات الاجرامية والتي قامت على الابادة والمجازر عادت لتحكم وتدير اسرائيل وتنكشف في حرب غزة وينهض العالم والرأي العام في وجهها ويلزمها بوقف عدوانها وحملتها للإبادة والتهجير. والاهم ان اسرائيل العقدين الاخيرين تحولت الى اليمينية والتطرف وتحكم المتدينين في بنيتها وادارتها وحكوماتها وفي انتخاباتها فقد هجرها منذ ال2000 مليون ونصف من الاشكيناز، والعلمانيين والطبقة الوسطى وباتت في قبضة التطرف والمتدينين والسفارديم والحريديم وتاليا ستنفجر على نفسها بمجرد ان تقبل او يفرض عليها حل الدولتين بما يعني تفكيك المستوطنات في الجولان ويهودا والسامرة. والانسحاب الى حدود الرابع من حزيران الامر المستحيل تحققه في واقع ما رست عليه بنية وتوازنات اسرائيل وطبائع مجتمعها، ومن الثابت انها عاجزة عن اعادة هيكلة نفسها لإنتاج حكومة سلامية وقد عجزت خلال انتخابات اربع للكنيست في اربع سنوات من انتاج حكومة قوية متماسكة وبفارق ضئل انتجت حكومتها اليمينة المتطرفة التي قادتها الى انقلاب قضائي يهددها بحرب اهلية وسقطت في حرب غزة وانهارت صورتها وتزيد في تفككها.
– والسر الاكثر اهمية ان تجربة التاريخ الانساني برمته لم يشهد على انتهاء حق قومي الا بإبادة اصحابه كما في نشأت اميركا اما اسرائيل فقد حاولت وفشلت وسقطت واصبحت هي موضوع تفكك وانهيار ورحيل.
وفي التجربة الفلسطينية نفسها فقد كشفت حرب غزة ان المستوطنين عندما اقر لهم بعض الفلسطينيين والعرب بان لهم حق في فلسطين فقد قرروا وعملوا الى انها كلها لهم وكان لهم خطط ومشاريع لتهجير غزة الى سيناء والضفة الى الاردن وفلسطيني ال٤٨ الى لبنان هكذا اذن تجزم المعطيات التاريخية ودروس تاريخ القضية الفلسطينية وتجلياتها ان الحق القومي لا يقبل القسمة او المساومة او التنازل.
حرب غزة كشفت اسرار اسرائيل وحبل سرتها مع امريكا واجابت على سؤال لماذا سارعت امريكا نفسها لقيادة إسرائيل والحرب وتقطع بان نتائجها ومسارتها تؤكد بانها حرب وزمن تحرير فلسطين من البحر الى النهر كيفما جرت الامور وكيفما سارت سيناريوهات الحرب.
اعلن قادة اسرائيل بالعبرية ان اسرائيل في حرب وجودية وترجمتها الى العربية تعني؛ ان فلسطين في حرب تحريرها من البحر الى النهر.