خاص “أجواء برس” العميد كميل حبيب: “إسرائيل” تعتبر نفسها فوق القانون
نحن نعيش في ظل نظام عالمي فوضوي بامتياز
حوار ريم المحب
يعيش الشعب الفلسطيني مأساة غير مسبوقة في تاريخنا المُعاصر حيثُ يتعرض قطاع غزة إلى دمار شامل وقتل ومجازر من دون رحمة أو إنسانية وتُستخدم ضدهم أسلحة مُحرّمة دولياً، وهم بالتالي معزولين عن العالم تماماً، فقد قطع الكيان الصهيوني الغاصب كافة وسائل الحياة الأساسية: فلا ماء، ولا كهرباء، ولا طعام، ولا وقود أو أدوية وغيرها الكثير من مستلزمات الحياة. وأمام هذا الإجرام الذي يستعمله العدو الصهيوني تجاه المدنيين الأبرياء والأطفال والسيدات لا نسمع صوتاً للمنظمات الدولية المسؤولة عن تطبيق القانون الدولي لإيقاف هذه الأعمال الوحشية، وكأن القانون الدولي غائب أو مُغيب، وكذلك الأمر بالنسبة إلى القانون الدولي الإنساني.
وللحصول على إجابات عن التساؤلات التي تُطرح، موقع “أجواء برس” كان له لقاء مع الأستاذ في القانون الدولي والعلوم السياسية والعلاقات الدولية عميد الجامعة اللبنانية السابق الدكتور كميل حبيب. وفي البداية كان السؤال التالي:
أين القانون الدولي من الذي يحصل في غزة الآن؟ وما هي الإجراءات الواجب اتخاذها في هذه الحالة؟
فأجاب الدكتور حبيب: ” القانون الدولي مُنتهك من قبل الكيان الصهيوني، وأي معايير في القانون الدولي الإنساني والتي هي تناسبية الحرب بين القوى المُتحاربة تناسبية استعمال السلاح، والتمييز بين المدنيين والعسكريين هذه الأمور لم تحترمها إسرائيل ونرى ذلك من خلال الاستعمال المُنفرد للسلاح للكيان الصهيوني واستعماله أسلحة مُحرّمة دولياً، وأيضاً عدم التمييز بين ما هو عسكري وما هو مدني وقتل الأطفال عمداً وتدمير المُستشفيات وما إلى ذلك، كُل هذه الأمور انتهكتها إسرائيل عن سابق تصوّر وتصميم، هذا الكيان الذي يعتبر نفسه فوق القانون الدولي وهو يعلم أنّه لا يُمكن محاسبته لأنه فوق القانون ولأنه مدعوم من قبل قوى دولية كبرى.
أما فيما يتعلّق بموضوع الإجراءات التي يُمكن أن تُنفّذ في هذه الحالة، فيُمكن لأي دولة أن تُقدّم شكوى للمحكمة الجنائية الدولية لإدانة ومُحاسبة إسرائيل على الجرائم التي إرتكبتها ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. والأمر الآخر أنه يُمكن لمجلس الأمن أن يطلُب من محكمة العدل الدولية مُقاضاة إسرائيل، ولكن هذا الأمر تحول دونه عقبات بسبب الـ “فيتو” الأميركي الذي لا يسمح بذلك.
وفي سؤال حول ما اذا كان القانون الدولي ومنظماته يتبعون العمل بمعيارين وما السبب في ذلك؟
أجاب العميد حبيب: ” نعم هناك إزدواجية معايير على الساحة الدولية مثل ما نراه من قبل مجلس الأمن، وأُعطيك مثالاً على ذلك أنّ كل القرارات التي صدرت لإدانة إسرائيل صدرت تحت الفصل السادس لميثاق الأمم المتحدة يعني مُخفّفة، بينما القرارات التي صدرت بحق العراق مثلاً هي قرارات مُلزمة وصدرت تحت مظلة الفصل السابع، والفرق كبير بين الفصل السادس والفصل السابع. فالفصل السابع يدعو إلى استعمال السلاح (إلى توافق الدول على استعمال السلاح ضد المُعتدي) وهذا لم يحصل بالنسبة إلى كُل تاريخ إسرائيل مُنذ احتلالها لأرض فلسطين وحتى اليوم.
وحول قدرة القانون الدولي الإنساني على إيقاف المجازر الوحشية التي تحصل في غزة؟ وأين هو من منع الجرائم الغير إنسانية التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني الأعزل من مدنيين ونساء وأطفال؟
قال العميد: “القانون الدولي الإنساني مُغيب أيضاً لا تحترمه إسرائيل، وهي دولة غير موقعة على الميثاق الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ولا تعترف بوجود قانون إنساني. وقد رأينا أنّ إسرائيل ترفُض وقف إطلاق النار ترفض الهدنة الإنسانية لتمرير المُساعدات الإنسانية من أدوية ومياه إلى الشعب الفلسطيني المُحاصر”.
وأضاف: “القانون الدولي الإنساني للأسف الشديد نحنُ نتمسّك به لأنه مصدر للعدالة. غير أنّ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والأُمم المُتحدة ومعاهدتي جنيف الثالثة والرابعة بالنسبة إلى حماية الأسرى وحماية المدنيين كل هذه الأمور مُغيبة ومُنتهكة من قبل العدو الصهيوني، وبجانب ذلك فإنّ إسرائيل لم تُطبّق أي قرار من قرارات مجلس الأمن التي تدعوها إلى الانسحاب إلى حدود 1967، أو إلى وقف الاستيطان وبناء المُستعمرات الصهيونية على أرض فلسطين، أو الامتناع عن الاعتقال الإداري أي اعتقال الفلسطينيين من دون مُحاكمة، كُل هذه الأمور التي يُقر بها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني هي مُغيبة وغير مُحترمة وتُنتهك كل لحظة من العدو الصهيوني”.
كما أشار إلى أنه: ” يُمكن القول الآن وبسبب الانتهاكات الصهيونية وعدم احترام ميثاق الأُمم المُتحدة، فقد أصبح مصير الأُمم المُتحدة مهدّداً ووجودها في الأساس أصبح مُهدّد وهي بحاجة إلى عملية إصلاح في الهيكلية وإلى ديموقراطية مجلس الأمن وما إلى ذلك. فالأُمم المُتحدّة اليوم وبسبب ما قامت به إسرائيل أوجب على الكثير من المُفكرين والأكاديميين وأصحاب الاختصاص إلى عدم ثقتهم بهذه المواثيق الدولية، وقدرة الأمم المتحدة على تحقيق الأمن والسلم الدوليين والسبب في كل ذلك أننا نعيش في نظام دولي فوضوي بامتياز وهو لامركزي يقوم على مبدأ القوة”.
وفي النهاية ختم الدكتور كميل حبيب اللقاء بكلمة قال فيها: ” النظام الدولي أكان مُتعدّد القطبية أم ثُنائي القطبية أم أُحادي القطبية هو نظام لا مركزي، وبالتالي فإنّ حق القوة هو الفاصل في العلاقات الدولية”.