
الحرب الكبرى جارية والمحور منخرط فيها
ميخائيل عوض
مازال محور المقاومة بمسارحه المختلفة ودوله وفصائله محط ملامة من البعض. وموضوع تشهير وافتراء من آخرين دأبوا على مناصبته العداء منهم من يفعلها خدمة لإسرائيل وأميركا، ومنهم من يروج لها بدوافع عداء عقائدي او فصائلي او غيرة أو لأسباب شخصية.
الواقع ومساراته وأحداثه الجارية، وفهمها بموضوعية تعطي الجواب الشافي وترد على الحملات الافترائية والمشغولة لأهداف مذمومة.
في الواقع
هي المرة الاولى في تاريخ الصراع العربي الصهيوني التي تظهر فيها أميركا والأطلسي شركاء. بل يقودون الحرب مع ونيابة عن إسرائيل بدء من تسلم ضباط أميركيين قيادة اركان جيش اسرائيل، ويقال إن وحدات الدلتا والمارينز منخرطة في العدوان على غزة وقد اشتبكت وانزل فيها خسائر فادحة.
فالحرب اذن تطورت من جولة مع إسرائيل إلى أن اصبحت حرب مفتوحة مع أميركا والاطلسي ومجمل العالم الأنكلو- ساكسوني العدواني المتوحش والشائخ، وقد تولى أصحاب المشروع المتداعي والعاجز مهمة القتال مباشرة بعد ان فقدت إسرائيل قدراتها وثبت عجزها.
هي المرة الأولى التي يكون فيها مسرح الحرب وجغرافيتها من غزة الى الضفة الغربية والجولان وجبهة الجنوب إلى باب المندب وهرمز فالهضبة الايرانية، وبعمق جغرافي واسع جدا وبكتلة شعبية هائلة العدد والقدرات.
فما إن التهبت الحرب في غزة على أثر العملية الإبداعية والعجائبية لكتائب القسام حتى دخلت جبهة الجنوب، وكسرت قواعد الاشتباك وتشغل الجبهة على طول 105 كيلو متر وبعمق 7 إلى 10 كيلو متر، وتصل مسيرات حزب الله إلى صفد وحيفا. ونجحت جبهة الجنوب في تدمير خط الدفاع الإسرائيلي الالكتروني والتحصينات والزمت الجيش بالتسمر في المواقع بلا حراك، بعد ايقاع خسائر كبيرة بالدبابات وناقلات الجند وبالعسكريين. واضطرت إسرائيل الى ترحيل المستوطنات وتجميد ثلاث فرق ولواء من القوة العاملة. وفي جبهة الجولان اصلا سورية في حالة حرب منذ 2012 والضفة مشتبكة وتحولت الى حالة الحرب، وتم تثبيت اكثر من خمسة فرق عسكرية بين الضفة والجولان وهذا يخفف الضغط كثيرا عن عزة من جهة ويربك إسرائيل ويستنزفها ويضعها دوما امام احتمالات ان تعصف الجبهتين الجنوب والجولان.
وهي المرة الاولى التي يدخل فيها اليمن الحرب مباشرة وصواريخ ومسيرات الحوثين تضرب وتهدد الملاحة في البحر الاحمر وتصيب قاعدة عسكرية إسرائيلية في ارتريا وتضطر مدمرات أميركية للتصدي للصواريخ والمسيرات الحوثية، وامريكا شريك تقود الحرب.
وعلى وقع الحرب العاصفة في غزة والمدوزنة في الجنوب والجولان صعدت فصائل المقاومة في الحشد الشعبي في العراق ضرباتها اليومية باستهداف القوات الأميركية في سورية والعراق وأميركا محتلة وتقود حرب اسرائيل على غزة.
فكل كلام عن ان المحور ورط غزة او هو يتفرج او هو لم يتدخل يصبح في ارض الواقع مجرد حملة تشهير وتضليل تكذبها المعطيات والواقع والاشتباكات الجارية.
والحرب جارية ومفتوحة بصفتها كبرى وشاملة وبمسارات وجغرافية واسعة جدا واليد العليا للمحور وهو يبادر ويقود ويقرر منسوب وشدة الاشتباك.
اما المطالبة بان تعصف كل الجبهات في ان واحد فهذه من بنات افكار المستعجلين او غير العارفين في قواعد ومسارات الحروب والمعارك وخاصة في الحرب الجارية والتي اصبحت حرب كبرى بل شاملة وجارية وبالنار والصواريخ ومختلف اصناف الاسلحة.
الحرب الكبرى والشاملة ليس بالضرورة ولا من مبادىء العمل العسكري ومدارسه ان تعصف في ان في كل تلك الجغرافية وعلى كل الجبهات فالحرب والقيادة العسكرية هي التي تقرر درجة العصف واين تتركز المعارك العاصفة وما هي مهمة ودور الجبهات الاخرى. وهكذا تجري الحروب منذ بدء الخليقة الى يومنا ومن يشكك فليقرأ بخارطة الحرب الاوكرانية وفيها يتقاتل اقطاب عالمية كبرى.
اذن في المعطيات والاحداث لم تتخلف الجبهات ولم يتخلف محور المقاومة انما هو في قلب الحرب وجبهاته تعمل بإيقاع مدوزن تبعا لتطورات الحرب والحاجات ولتحقيق الغايات والأهداف المرجوة منها.