تأثير الحالة النفسية على جهاز المناعة…

الكثيرون يعتقدون أن الحالة النفسية تؤثر فقط على الجانب النفسي، ولكن ثبت أن الاضطرابات النفسية، كالاكتئاب والقلق، تؤثر على الحالة الجسدية إلى جانب الحالة النفسية، وأحد الأعراض الجسمانية لمن يعانون من المشاكل النفسية هو ضعف الجهاز المناعي.

لا تمر الفترات العصيبة في حياة أي شخص إلا وتترك أثرها على جسده على هيئة: مرض، أو مشكلة صحية عارضة، أو مزمنة، وجميع من مروا بفترات مثل تلك جربوا ذلك بأنفسهم، ولمسوا مدى تأثير  الحالة النفسية على جهاز المناعة والصحة العامة، والسبب في ذلك هو وجود روابط بين جهاز المناعة والجهاز العصبي، حيث يتعاون كلاهما في القيام بالأنشطة العديدة للجسم، ومن هنا فإن العلاقة بين النشاط العام لجهاز المناعة، الحالة المزاجية، والنفسية للإنسان وثيقة.

كيفية تأثير الحالة النفسية على جهاز المناعة :

إن أي توتر يشعر به الإنسان يؤدي إلى حدوث خللٍ ما في جهازه العصبي، وهو ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع هرمونات الإجهاد والتوتر في الجسم، مثل: هرمون الأدرينالين، والكورتيزول، وهذا يتسبب في إحداث ضغط على الجهاز المناعي ويصيبه بالضعف، وهناك العديد من الأعراض التي تنبئ بتأثر الجهاز المناعي بالحالة المزاجية والنفسية، والتي تشمل ما يلي:

  • بطء التعافي من الإصابات، والتئام الجروح.
  • زيادة فرصة الإصابة بالعدوى، وتكرار حدوث ذلك.
  • زيادة خطر الإصابة بالأمراض المناعية، مثل: الصدفية، التصلب اللويحي، التهاب المفاصل، الربو، وتفاقم أعراضها.
  • ظهور مشكلات بالشعر والبشرة، مثل: تساقط الشعر، ضعفه، وظهور حب الشباب على البشرة.

 

تأثير الأمراض النفسية على الجهاز المناعي :

هناك فرق بين أن يمر الشخص بفترة يتخللها بعض التوتر والضغط النفسي، وبين أن يكون مريض اكتئاب أو غيره من الأمراض النفسية التي بتنا نسمع عنها كثيرًا في وقتنا الحاضر، ولعل نسبتها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بنسبة انتشار الأمراض العضوية التي لم نكن نسمع بها من قبل، وتفسير ذلك هو أن الجهازين: المناعي والعصبي يرتبطان سويًا بعدة طرق، منها أن الجهاز المناعي يتحفز، ويصدر ردة فعل بمجرد الشعور بالقلق، وهنا يفرز هرمون السيتوكين الذي عادةً ما يفرزه عند الإصابة بالعدوى.

من ناحيةٍ أخرى، فإن انتقال هرمون السيتوكين إلى الدماغ، وتأثيره على النواقل العصبية التي تتحكم في الصحة النفسية والمزاج يؤدي إلى حدوث اضطرابات في هرمونات أخرى، مثل: الدوبامين، السيروتونين، والجلوتاميت، وهو ما يؤدي إلى الإصابة بالأمراض النفسية، مثل: الاكتئاب، الفصام، والقلق، ومن هنا يظهر تأثير الحالة النفسية على جهاز المناعة بوضوح، وهذا الخلل يؤدي إلى تفاقم المشكلات النفسية وزيادة حدتها، ولعلنا نلاحظ أن مرضى الاكتئاب دائمًا ما يصابون بأمراض القلب وغيرها.

دراسات أثبتت العلاقة بين الحالة النفسية والجهاز المناعي :

هناك العديد من الدراسات التي أُجريت في العصر الحديث، والتي تثبت نظريتنا التي تقول بأن هناك ارتباطا وثيقا بين الصحة النفسية، ومدى قوة الجهاز المناعي، ومن هذه الدراسات ما أُجريت على الإنسان، كما أن منها ما استخدم فيه بعض الكائنات الحية الأخرى، كالقوارض، وفيما يلي نورد أهم هذه الدراسات التي تثبت تأثير الحالة النفسية على جهاز المناعة وغيره:

الدراسة الأولى

أُجريت هذه الدراسة على مجموعة من البشر، ونشرت في إحدى المجلات الأجنبية، وهي تفي بأن اضطرابات النوم، الشعور بالتوتر، تناول الطعام غير الصحي، غير ذلك من المؤثرات، والعوامل الاجتماعية غير الصحية يؤثر بالسلب على نشاط الجهاز المناعي وكفاءته، وقد رُصِد الاكتئاب كمسبب رئيس لكل هذه الأعراض، فهو يؤدي إلى العزلة عن الناس، تغير الشهية، واضطرابات النوم، ومن هنا ننتقل للمرحلة الأخيرة، وهي تأثير كل هذه الأعراض على جهاز المناعة بالسلب.

الدراسة الثانية

أجريت هذه الدراسة على مجموعة من الفئران، ومن الجدير بالذكر أنها أثبتت وجود علاقة وطيدة بين الشعور بالقلق والتوتر والاكتئاب، وحدوث ضعف في الجهاز المناعي، وما حدث أنه عند تعريض هذه الفئران إلى مسببات القلق والإجهاد بشكلٍ متكررٍ، فإن جهازها المناعي استجاب لذلك على هيئة بروتينات التهابية أطلقها في الجسم، والتي تسببت في ضعف جزء من الدماغ وضموره، وهو ما أدى ثانيةً إلى وجود أعراض اكتئاب، وهو نفس التسلسل الذي يحدث مع الإنسان.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى