
أهمية اعادة مأسسة العمل الخيري – 8
كتب محمد حسن العرادي
يعتقد البعض أن تحويل الجمعيات الخيرية إلى جمعيات اجتماعية منتجة هو ضرب من الخيال والأحلام الوردية، ويدافعون عن اعتقادهم بالقول أن الجمعيات غير قادرة على تحمل المزيد من الأعباء المجتمعية والمالية بسبب قلة مواردها وضعف إمكانياتها الإدارية والبشرية، لكن هذا الاعتقاد بعيد عن الواقع، خاصة إذا عرفنا ان أغلب هذه الجمعيات تمتلك أموال فائضة مكدسة في حساباتها، لكنها لا تستطيع توظيفها لخدمة المجتمع بالشكل والمضمون المطلوبين.
ولا يرتبط الأمر بعدم وجود كفاءات تدير المشاريع المقترح تنفيذها، فالمجتمع مليئ بالكفاءات والكوادر القادرة على التوظيف والتعاون والتنسيق لادارة هذه المشاريع، لكن القوانين والأنظمة التي تضعها وزارة التنمية الاجتماعية والجهات المعنية الأخرى، تعيق وتعرقل هذه التوجهات المجتمعية، من خلال التعقيدات التي تعترض طريق هذه الجمعيات، خاصة التهديد بالتحويل للتحقيق أمام النيابة العامة وما يترتب عليه من عقوبات فردية تطال الكوادر المشرفة على عمل الجمعيات، وتحرمها من ابسط حقوقهم المدنية والسياسية.
لقد حان الوقت لاطلاق طاولة حوار مجتمعي فاعلة بين وزارة التنمية الاجتماعية والجمعيات الخيرية والأهلية بشكل عام، تحضرها الجهات المعنية بعمل هذه الجمعيات لاسيما النيابة العامة وممثلون عن القضاء والمحامين، من أجل مناقشة القضايا العالقة والمعيقة لعمل الجمعيات وقدرتها على إدارة المشاريع والبرامج الانتاجية، وقد يتطلب الأمر إعادة نظر شاملة في القوانين والقرارات والاجراءات التي تتخذها الوزارة من أجل تعديلها وزيادة هامش الحريات والابداع لاعضاءها وانشطتها.
لقد حان الوقت لعقد أكثر من طاولة حوار من أجل التباحث حول كافة الحيثيات المحيطة بعمل الجمعيات والإجراءات التي تتخذها الوزارة تجاهها، ما أدى إلى افراغ العديد من الجمعيات من الكوادر المناسبة لادارتها بفعالية، وقد فاقمت هذه الإجراءات القاسية من ظاهرة العزوف التي تعاني منها العديد من الجمعيات، من هنا تبرز الحاجة إلى إدخال تعديلات جوهرية على القوانين الناظمة لعملها تقود إلى تفعيل دور الجمعيات وتسهيل تحولها لجمعيات اجتماعية تنموية منتجة، وللحديث صلة.