
دعوة لقيام تيار إصلاحي وطني في البحرين
كتب محمد حسن العرادي
قال لي أحد الأصدقاء القدامى، لقد أصبحنا لا نعرف كيف نقوم توجهاتك ومواقفك، فهل نحسبك على المعارضة أم نعتبرك انتقلت إلى الموالاة، فتارة تنتقد الحكومة بشدة بالغة حتى نكاد نعتبرك قائداً وزعيماً معارضاً، وأخرى تمارس نقداً لاذعاً قاسياً للمعارضة حتى نخالك تبغي الانتقام منها والتسفيه بمطالبها والتصيد عليها، فمن تكون ولماذا هذا الغموض، حتى لا نقول لماذا كل هذا التلون؟
ابتسمت في وجهه، واعتدلت في جلستي وقلت له من دون تكلف، يا صديقي العزيز، بعد كل هذا العمر والسنين والتجارب الحلوة والمرة، لم أعد أنظر للأمور وفق هذه الثنائية التي تقسم المواطنين إلى معارضة وموالاة، ذلك أنني لا أستطيع تصنيف الناس ومواقفها بين خيرٍ مُطلق وشرٍ مطلق، فالحكومة تبذل جهوداً كبيرة من أجل تنمية هذه البلاد وتوفير الحياة الكريمة لشعبها، وفي خضم عملها الدؤوب هذا لا شك أنها ترتكب الأخطاء وتقع في الإخفاقات، فأختار أن أوجه التحية والتقدير لها على إنجازاتها، كما أوجه النقد للإخفاقات التي تقع بها، وبكل صدق أجد أن صدر الحكومة واسعاً متفهماً ومتقبلاً للنقد في أغلب الأحيان.
وعلى الجانب الآخر أنظر إلى المعارف الأصدقاء أمثالكم من زملاء الدراسة ورفاق الدرب والمسيرة المطلبية والنضالية، فأرى أنهم يجتهدون في توجيه الانتقادات الهادفة وطرح المبادرات والبدائل التي تعبر عن وجهة نظرهم لتصحيح الأخطاء والاخفاقات التي تقع بها أو ترتكبها الحكومة، نتيجة الإهمال أو التقصير، او بسبب الضغوط الاقتصادية والسياسية وربما لقلة الحيلة، وأعلم علم اليقين بصدق نواياهم ومحبتهم لهذا الوطن.
لكنني في أوقات كثيرة أراقب التسرع والانفعال في بعض مواقفهم، وكأنهم معارضة من أجل المعارضة فلا أتردد في نقدهم ومطالبتهم بالانصاف وتقدير إنجازات الحكومة بذات الدرجة التي ينتقدون اخفاقاتها، ورغم أن بعضهم لا يقبل النقد ويمارس تشويه السمعة والتسقيط والضرب تحت الحزام، إلا أنني أستمر في التواصل مع الجميع بمحبة ومسؤولية.
من هنا يا صديقي العزيز تجدني لا أنزعج كثيراً من هذا التصنيف الذي وضعتني فيه صراحةً، وربما يضعني فيه كثيرون غيرك همساً وغمزاً ولمزاً، لأنني أحاول أن أنظر للأمور من منطلق إصلاحي، وأن أؤيد الموقف والرأي والفعل الذي أراه صادقاً وصالحاً، فأنا من الذين يبنون مواقفهم وفقاً لما قيل وليس عطفاً على من قال، إلا إنني لا أبرئ نفسي من الخطأ أيضاً، لذا فإني أصنف نفسي كأحد الداعين إلى قيام تيار وطني إصلاحي ينطلق من فهم عميق للواقع ولميثاق العمل الوطني.