بايدن يرسم جدول أعمال قمة الشام الجديد بالنار… وقد يختم حياته السياسية بحماقة

أجواء برس- بيروت

تقرير سياسي- ميخائيل عوض
عقدت في بغداد قمة الشام الجديد بحضور الرئيس السيسي والملك عبدالله، وقبل أن يجف حبر بيانها قصفت الطائرات الاميركية قواعد للحشد الشعبي على ضفتي حدود سايكس- بيكو في سورية والعراق.
أي شام وأي جديد ما لم تكن دمشق عاصمته وسورية عامود خيمته؟
هل تقاطعت صدفة القمة مع العدوان الاميركي على سيادة سورية وبلطجة على سيادة العراق واستهدفت الحشد لأنه قوة جهادية اسهمت بهزيمة داعش، ومنعت مؤامرة القرن الواحد والعشرين الاميركية الاطلسية لانشاء سنستان في مستطيل الحدود السورية العراقية لتأمين التواصل الجغرافي بين اسرائيل ومصر عبر الاردن ومنه الى غرب العراق مع القواعد الاطلسية ودول الخليج، والاتصال الجغرافي مع الناتو وقاعدة انجرليك في تركيا وقواعد الاحتلال الاميركي في أربيل…
الحدثان متزامنان ومتصلان وقاصدان، فاميركا قررت استبدال اسرائيل التي كانت عدتها ومنصتها والناتو لتفكيك الأمة واستنزافها وتدمير فرص وحدتها ونهضتها، بعد ان استنفذت وظيفتها وباتت عاجزة عن حماية نفسها وتأمين ديمومتها، ولأن أميركا دولة مصالح وتقودها لوبيات المصارف والليبرالية المتوحشة، فهي لا تعير اهتماماص لمقولات الوفاء والتضامن ورد الجميل وقاعدتها المشروع الخاسر ليذهب الى الجحيم. فـ”اسرائيل” بعد انتفاضة القدس وصواريخ غزة أثبت فشلها وعقم الرهان عليها، وباتت كلفتها أعلى من جدواها، وبديل أميركا كردستان الكبرى او تركيا دولة ثنائية القومية محمية بكردستانات ودويلات هزيلة مذهبية وطائفية وقبلية، والهدف المحوري مستطيل الحدود السورية العراقية الذي يمثل قلب العالم وخط الزلازل وهدف الحروب بين الشرق والغرب منذ تكورة الكرة الأرضية.
تنبه حلف المقاومة للمخطط باكراً، وخاض أعظم وأثمن المعارك بين القصير غربا، والميادين شرقا، فالقصير تعني الحدود اللبنانية السورية والميادين الحدود العراقية السورية، والسيطرة عليها كان جوهر هدف اميركا والاطلسي، ولهذا انشات النصرة والقاعدة وداعش ومكنت 14 اذار من لبنان، وجيوش اردوغان العثمانية.
استبسل مقاتلو حزب الله والحشد والجيش العربي السوري في المعركتين، وكسروا المشروع وأمنوا الاتصال الجغرافي، وقاد الشهيد سليماني بشخصه معركة الميادين لمعرفته ولقرار محور المقاومة بأهمية جغرافيا المعركتين.
اميركا لم تستسلم وبرغم هزيمة داعش وجيش اردوغان العثماني في المعركتين المفصليتين، إلا أنها وعلى رغم قرارات ترامب واعلاناته المتكررة عن سحب القوات الاميركية من سورية، وقوله إن ليس فيها إلا الخراب والغبار، تمرد البنتاغون وعزز قاعدة التنف على مثلث الحدود السورية العراقية الاردنية، هدف شامهم الجديد، وابقى على 900 من القوات الامريكية في شرق الفرات لنهب الثروات وحماية قسد واعادة تجميع داعش بعد تطويعها لتوظيفها وحال الاحتلال الامريكي دون اعادة اعمار الرقة ودير الزور والانبار والموصل كي تتوفر لقواته السيطرة وتوطين داعش واخواتها بديلا لاهلها الرافضين للاحتلال الامريكي ومخططاته.
هكذا نفهم تزامن قمة الشام الجديد بلا دمشق واعطاء الاوامر لقصف قواعد الحشد الشعبي في سورية والعراق على خط الحدود.
فالشام الجديد الذي امرت اميركا بالشروع في انجازه، من دون دمشق وبيروت والقدس، هو آخر تجليات الخطط والمشاريع الاميركية لاقامة كيانات هزيلة ومحاولة حمايتها وتبنيها من قوى وانظمة ما زالت على أشد الولاء لاميركا، فالاستقواء بالاردن ومصر لتعزيز أدوات أميركا في الحكومة العراقية ومحاولات الاستقواء بالاميركي وحكومته في بغداد لمعالجات أزمات مصر والاردن الاقتصادية والاجتماعية بتشكيل نوات لناتو اميركي عربي اسرائيلي من منصة الشام الجديد، وتساند النظم الثلاث وللتحريض على ايران ومحاولة تطويقها وعزل شام العرب والعراقة والتاريخ، واستنزاف ومحاولة تصفية الحشد وتطويق سورية والهدف الأخطر عزل القوات الروسية في ساحل وجبال طرطوس، وقطع امدادها وطرقها البرية بين دمشق بغداد طهران بكين وموسكو، ولقطع الطريق على مشروع الحزام والطريق الصيني- الاوراسي.
فالتمهيد لشامهم يستوجب إعادة فرض السيطرة على مستطيل الحدود السورية العراقية، وتلك تستوجب انهاك الحشد وتدمير قواعده ومعسكراته مادام الجيش العراقي تحت السيطرة الاميركية ووحداته تعمل بإمرة القوات الاميركية كما الحكومة العراقية التي جاوزت قرار مجلس النواب بفرض الانسحاب الاميركي بعد اغتيال القادة في مطار بغداد والعدوان السافر على السيادة العراقية.
رد الحشد كان فورياً وعاصفاً باستهداف قاعدة حقل العمر في الاراضي السورية، والرد الأولي حمل كثيراً من الرسائل في أولها وحدة المصير والمسار والجغرافيا، وكما تجاوزتم حدود سايكس بيكو نتجاوزها، وان اعتديتم فسنرد، بل عدوانكم حجة  اضافية تعزز وتستعجل قرار فصائل المقاومة والتزماتها بطرد الاميركين من سورية والعراق كثأر لدماء القادة.

بايدن ارتكب الحماقة ووفر الذرائع لبدء حرب استنزاف مكلفة للاميركين في سورية والعراق، وأمن الحافزية لتنويع وتشديد الضربات ورفع وتائرها وكلفتها، حتى الزام الاميركي بالانسحاب التام مهزوماً هذه المرة وليس باتفاقات وبقاء الخبراء وتصحيح خطأ 2011.
معركة الحدود هي أم المعارك واهمها واخطرها فلمن يكتب النصر سيقرر مستقبل الوجود الاميركي في الشرق العربي والاسلامي، ومستقبل النظم والجغرافية وموازين القوى الاقليمية والدولية، والنصر معقود لحلف المقاومة درجا على العادة والسياق منذ حرب تشرين 1973.
والتحرش البايدني اثار عاصفة في اميركا ومراكز البحث والوسائل الاعلامية، وقد بدأت حملة غير منقطعة تدعو الى تسليم الادارة لهاريس وتزداد التهم والوقائع التي تتعامل مع بايدن ككهل يفقد قدراته العقلية وقدرته على السيطرة والادارة، والراجح ان ردود الحشد وتصعيد المقاومة ستستعجل رحيله من البيت الابيض، وترحيل قوات اميركا وادواتها وعملائها من سورية والعراق، لتبدا حقبة عربية واسلامية مقاومة ثمينة وتأسيسية لإقليم ولعالم جديد.

اما الشام قديمها وجديدها فللجغرافية والجيو بولتيك والانثربيولوجيا منطقها، وأول الشام وبداية الشرق ونهاية الشام والشرق تبدا في دمشق سوى ذلك اوهام وترهات ومحاولات فاشلة وخائبة حكما.
وتعود الشام لتبقى وتدوم عامود خيمة الشام التاريخية وعامود ارتكاز العربية وامبراطوريات الاقليم ما سبق منها وما هو ات ات لا ريب.
وعلى بعد رمية حجر وبما يتقاطع ويتفاعل مع الشام الجديد وعدوان بايدن، تبدو الامور ايضاً ليست صدفية ان يزور وفد روسي اقتصادي معزز بعاصفة السوخوي وبعراضة قوة ومناورات روسية في المتوسط، وباستضافة حميميم طائرات ميغ 31 محملة بصواريخ فرط صوتيه” الخنجر”، والاهم أنها متقاطعة مع تحرشات الناتو بروسيا في البحر الاسود والقرم، والرسالة متعددة الاهداف والاطراف.
عرض مغري روسي لإعمار مرفأ بيروت واعداد مرفأ طرابلس واقامة مصافي نفط لتحويل لبنان الى منتج ومنصة تداول المشتقات، ومترو، واعادة إعمار بيروت واهراءات لتامين الشرق الاوسط بالقمح، فتلازم العرض الاقتصادي مع المناورات العسكرية كإبلاغ لواشنطن والناتو ليكفوا عن المحاولات والسعي، والرهانات الفارغة فجهودكم لن تنجح في اخضاع لبنان ومقاومته ولن تغيروا مسارات الازمنه وحقائقها، فبيروت وساحلها مقصد بل هدف للبحرية وللاقتصاد الاوراسي ومنصة طرطوس وعاصفة السوخوية ليست مجانية ولا هدفها تثبيت الثابت، وتأكيد المؤكد بسيادة سورية ودور دمشق بإنشاء الامبراطوريات وتدميرها.
روسيا وسورية وحلفهم ليسو ساذجين وهم يعرفون أن زيارة وعروض الوفد الروسي سوف لن تلقى أذان صاغية واو استجابة جادة من المنظومة المافياوية وحكومتها لتصريف الاعمال ولا من رئيسها المكلف والمعتكف، وتالياً ليس قصد الزيارة التوقيع على العروض واقرار العقود والشروع بالتنفيذ الان، إنما الهدف الاهم هو رمي الشباك الروسية الاوراسيه في بحر بيروت للقول ولإقناع الشعب اللبناني المتمرد وقواه الاجتماعية الجادة بان الحلول وافرة وممكنه وغير مكلفة، وكلفتها العملية هي فقط الاطاحة بمنظومة النهب المافياوية وتغير الاشرعة الى الشرق حيث تبزغ الشمس لا للغرب حيث تغرب والغرب يسارع غروبه.
قد يكون صحيحاً القول إن ما شهدته طرابلس من عراضة عسكرية وإطلاق نار مفتعل كرسالة ولمنع الوفد الروسي من زبارة مرفأ طرابلس، وقد يكون متضررون كثر من الدور الروسي، غير أن الواقع وحجم الكارثة قد تحول التحرش بالجيش والأمن لمنع زيارة الوفد الروسي الى شرارة اشعال الحقل اليابس، وأخذ طرابلس والشمال الى الفوضى وسيطرة المسلحين وحشد الجيش العثماني وجلبه من كل مكان للامساك بطرابلس والشمال، إلا أن هذه ان حصلت فتصير عين الكارثة على طرابلس والشمال وسبباً اضافياً لاستدعاء سورية وروسية وبطلب اميركي اوروبي لتحريرها، وعندها تصير حصيلة الشباك الروسية من بحر بيروت وافرة جدا.

اثيوبيا، الى الفوضى والنيل يبقى لواديه
على خطٍ مواز، وبما يخص مصر ووادي النيل وعموم افريقيا وتطوراتها غير المنفصلة عن الجاري في الشرق العربي والاسلامي، تقاطرت الاحداث والتطورات لتفيد بأن اثيوبيا دخلت حقبة الفوضى، وربما التفكيك والانقسامات، فقد حققت جبهة تحرير التغراي تقدما عسكرياً استراتيجياً باستعادتها عاصمة الاقليم، وتهديد اثيوبيا وانقرة بالزحف لتحريرها، فالجيش الارتيري هو من دخل عاصمة التغراي وارتكب المجازر والاعتداءات، وتقع المسؤولية على رئيس وزراء اثيوبيا الذي انتدب من الليبرالية العالمية المتوحشة، وصنع كرجل يقود اثيوبيا الى التقدم والكفاية والقوة المحورية في افريقيا كقاعدة اضافية بديلة اعجز إسرائيل وامارات الخليج وبعد خسارة الاخوان المسلمين لوادي النيل، واذ به او بالأصح بالتطورات والتغيرات الاقليمية والعالمية تكشفه على قدرات متواضعة ومغامرات حمقاء في الداخل وبإزاء الخارج، لا سيما في قضية سد النهضة واستعداء مصر والسودان ودفعهما لتعزيز علاقتهما الاجتماعية والسياسية والعسكرية الى درجات متقدمة جداً تكاد تلامس التكامل العسكري، في اشارة دالة لمستقبل الاقليم من غربه وجنوبه وجناحيه الاسبوي والافر يقي وبرافعة مصر الاكثر تضررا.

فالتطورات وعلامات تازم وانهيار المشروع الامريكي الاسرائيلي الخليجي في اثيوبيا يحمل ارهاصات ونذر واشارات مستقبلية دالة، وفي أهمها أن مشروعات الهيمنة الغربية وأدواتها وليبراليتها تتازم في كل مكان، وهذه من حقائق الازمنه والواقع، وكل المعطيات والادلة تؤكد أن اثيوبيا الأكثر تنوعاً، والخليط لغريب العجيب من الاثنيات والاديان والهويات الثانوية، دخلت طور الازمات الحادة والحروب الاهلية، فإكمال السد واستخدامه على رغبة الممولين والمستثمرين في اذلال مصر والسودان وتعطيشها لن يكتب لها النجاح، واقل الاثمان تفكيك اثيوبيا ذاتها.
كما في سوربة والعراق واليمن وافغانستان تفقد اميركا قوتها وسطوتها وتتعثر مخططاتها أيضاً في وادي النيل وافريقيا والآتي أخطر وأهم.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى