لماذا فرنجية مرشحاً للسعودية؟

ميخائيل عوض

تفاجأ الكثيرون من البيان السعودي- الإيراني من بكين وزاد وقع المفاجأت، بتسارع عودة العلاقات لمجاريها فقدم الملك دعوة للرئيس الإيراني لزيارة الرياض، بينما صرح وزراء سعوديين عن زخم في الاستثمارات السعودية المرتقبة في إيران.

وقع المشككون بالإتفاق في حيرة ومفاجأة أخرى، فجلهم أفترض أن الإتفاق مجرد مناورة سعودية لابتزاز الإدارة الأميركية، وأن السعودية لا تستطيع بأي حال التمرد على الإملاءات الاميركية، ناهيك عما كتب من ان الشهرين هي لمجرد تقطيع الوقت وتنظيم الانقلاب على الإتفاق.

في المعطيات الإتفاق وقع والضامن الصين، وبالأصل روسيا، التي جهزت الإتفاق بكل تفاصيله وأهدته للصين في غاية في نفس بوتين الذي كان يتحضر لاستقبال الرئيس الصيني لإعلان التفاهمات الاستراتيجية وجوهرها، أي عالم يولد؟ وأي نظام عالمي يدير العالم الجديد؟

وبين التوقيع وزيارة بينغ لموسكو زار الأسد موسكو كزيارة دولة، وقبل أن يبرد كعبه، استقبل بحفاوة لافتة في الإمارات العربية المتحدة، وجاء لافتاً استقبال الأسد وفد رفيع المستوى على صلة مباشرة بولي الفقيه في إيران وبقيادة الحرس الثوري وقوة القدس، بعد إن كانت سورية رفضت استقبال الرئيس رئيسي أول العام، وكان حاملاً عقود وشروط لا تقبل بها سورية، وأكدت أنها سيدة في وجه الحليف والعدو في تصريحات الأسد في موسكو، ورفضه الوساطة والضغوط الروسية لمصالحة تركيا واللقاء بأردوغان، وأصر على تلبية الشروط السورية السيادية أولاً.

وكان السيد حسن نصرالله استقبل وفدي حماس والجهاد بعد إن أعلنت اسرائيل عن تطور بالغ الخطورة في عبوة مجيدو.

حتى اللحظة السؤال عن لبنان وانعكاس الإتفاق فيه لم يجد أجوبة شافية، وزاد الغموض أن السيد حسن نصرالله قبل يوم من إعلان الإتفاق قال: من ينتظر التفاهمات السعودية الإيرانية فسينتظر طويلاً الأمر الذي حاول معارضوه الاستثمار به إعلامياً، برغم أن دبلوماسياً إيرانياً أوضح الأمر وغرد: “السر في الرغبة بجعل الإتفاق مفاجئاً” وهذا ما حصل.

يصير السؤال أكثر تحديداً، ماذا عن لبنان والتبريد يبدأ بانتخاب الرئيس؟ فمن ترشح السعودية؟ وإلى متى تقاوم ترشيح فرنجية؟

في المعطيات لم يصدر موقفاً سعودياً أو تصرف يجزم برفض فرنجية، بل كان استقبل فرنجية في احتفال اتفاق الطائف وتعزيزه الذي اقامته السفارة السعودية كان لافتاً جدآ، واعتبر بمثابة ترشيح وليس فقط تبني الترشيح.

بعيداً عن المعلومات والتسريبات المضللة، فالمنطق والعقل والمصلحة تقول إن فرنجية لا سيما بعد المصالحة السعودية- الإيرانية هو مرشح اوحد للسعودية… لماذ؟

السعودية وإيران وأي دولة تعمل لتحقيق مصالحها ولا ترعى أو تقدم مجاناً لأحد.

الجواب في استعراض، ماهي مصلحة السعودية بفرنجية حصراً؟

الأمير محمد بن سلمان حسم أمره في لبنان، فاحتجز الرئيس سعد الحريري بصفته مواطن سعودي متهم بالفساد، فقامت قيامة اللبنانيين ونجحت الجهود مع الفرنسي بإطلاقه المشروط، ثم اتفق معه على مغادرة الحياة السياسية فانهارت السنية السياسية والحريرية… هل سأل أحد لماذا؟ وما مصلحة السعودية بشطب السنية السياسية عبر شطب الحريرية؟

شطب بن سلمان الحريرية والسنية لسبب مصلحي وجوهري ويمس أمن واستقرار السعودية، فسعد الحريري المتمرد على طوعه والشريك في مؤامرة مع أبناء عمومته، حول لبنان إلى منصة للتآمر عليه، والمنصة محمية بكتلة نيابية وبتفاهمات وتحالفات لبنانية أعجزته من الثأر وتحصيل ما سعى إليه.

إذن، من موقع المصلحة والمصلحة المادية ومصلحة أمن المملكة والأمير بات مطلوباً عدم وجود قوة وازنة لها، شرعية دستورية وشعبية، وتحالفات قادرة على حماية المعارضين للأمير من السعوديين، فقرر شطب الحريرية والسنية وقال إنها كلفة السعودية عشرين مليار دولار بلا فائدة أو جدوى، ومن ساعتها أدارت السعودية ضهرها إلا لم تبرع وتطوع أن يكون خروفاً يعد للتضحية، ولا يكلف السعودية ما لا تستطيعه أو يرهقها، خاصة إذا كان الخروف المعد للتضحية في العيد يرفع الصوت والسلاح والعداء لحزب الله، القائد الفعلي للحوثيين في اليمن وملف اليمن لم يقفل بعد حينها.

الآن ملف اليمن للإقفال، أي لا مشكلة مع إيران وحزب الله والعلاقات الإيرانية- السعودية تستعجل الانفتاح والاتفاقات والتطبيع. والسعودية حسمت أمرها بالتوجه شرقاً وتوسيع شقة التباين مع أميركا والأطلسي. والإمارات استقبلت الأسد بحفاوة وشوق، والعلاقات السعودية السورية جاري اإنضاجها بسرعة وتقانة واللقاءات بينهما ستشهد نشاطاً محموماً.

لبنان مسرح وساحة للتفاعل والصراع بين سورية- إيران- السعودية بينما نفوذ أميركا وفرنسا والأطلسي شكلاني، محصور بعلاقة المنظومة استجابتها للضغوط والأوامر لحماية أموالها ومصالحها خوفاً من العقوبات، وبكل حال ستطير بفعل الإفلاسات والمحاكمات. ونفوذ السفيرة شيا محصور تأثيرها في الدولة ومدرائها، والدولة أصبحت في خبر كان وانهيارها مسألة وقت إن استمرت الأزمة والتعطيل ومنع الانتخابات الرئاسية.

من يضمن للأمير بن سلمان ألا يكون لبنان في يوم منصة لحماية المعارضين والمتآمرين عليه.

الجواب؛ سورية وإيران وحزب الله وتتقاطع لمصالح بتأمين بن سلمان وتمليكه السعودية، حرمان معارضته من المنصة اللبنانية.

ومن مرشح سورية وحزب الله وإيران للرئاسة؟… الجواب سليمان فرنجية ..

ففرنجية مرشحاً أوحداً لمحمد بن سلمان..

وهذا يفسر لنا نشاط رئيس المجلس النيابي والسعي لاجتماع هيئة المكتب، واحتمالات الدعوة لجلسة تشريعية تمهيداً وتطبيعاً لجلسة انتخاب الرئيس، وقد أحكم الرئيس بري تكتيكاته، وأعلن مع السيد تأييد فرنجية ورمى كرة نار التعطيل عند المعترضين، وتحداهم أن يتفقوا على مرشح، وأن يأتوا إلى جلسة انتخاب لتمارس الأصول الدستورية.

من وكيف ستؤمن جلسة بنصاب دستوري؟ هذه مشكلة سهلة الحل وبيد من يمسك الخيوط ويدير اللعبة، وسيزور السعودية ولديه وفي جعبته حلول كثيرة، كما سيجد المعترضون والمعارضون أنفسهم مضطرين لابتداع حجج لينزلوا عن الشجرة ويؤمنوا النصاب.

إذا كان تعطيل الانتخابات، لعدم انتخاب فرنجية رئيساً بسبب ما يقال عن اعتراض سعودي، فهذه في طريقها للحل وفرنجية مرشحاً مصلحياً وقوياً للسعودية.

أما المعطلون من الكتل والزعامات المسيحية، فقد يدب الرحمن في قلوبهم مع الصلاة والرياضة الروحية التي دعى إليها سيدنا البطريرك .

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى