
المصالحة السعودية- الإيرانية في بكين، نهاية زمن وبداية أزمنة 4/ 4
زمن العرب والمسلمين بظل المصالحة والدور الصيني... ماذا عن زيارة الأسد إلى موسكو والمصالحة السورية التركية؟
مخائيل عوض
ننصح بإطلاق الخيال لتصور ماذا ستكون عليه المنطقة والاقليم إذا تحققت المصالحة وتم تصفية ذيول الماضي والتعامل مع استحقاقات الواقع ومسارات المستقبل…
فالمصالحة تنهي 44 عاماً من الأزمات والحروب والتآمر، وقد تكلف العرب والمسلمين ملايين الضحايا ودمار هائل وإنفاق باهض على السلاح والتجنيد وسبك المؤامرات وتنفيذها تجاوز الترليونات من الدولارات، وإلى تدمير معمم وإفقار وجوع، وتخلف وهجرة، ولجوء، من الصومال إلى ليبيا والسودان واليمن وسورية والعراق ولبنان، وصولاً إلى أفغانستان. فلنتخيل أن الظروف والبيئات التي أنتجت كل تلك الماسي، انتهت وانقلب الزمن لتفاهمات وتفاعل وتفعيل المصالح والقدرات..!! ألن تصير السعودية وإيران قطبان اقليميان قادرتان على حمل العرب والمسلمين إلى العالمية كقطب نشط وقائد؟ أليست الأموية والعباسية والأثيوبية والعثمانية كانت أمبراطوريات كبرى وعالمية وسادت لقرون، عندما تألفت شعوب وأمم الاقليم وتوافقت على إدارة شؤونها بالحسنى؟
والمصالحة إن قيض لها التثبيت وتعمقت! ألا تساهم بتسريع تحرير فلسطين، بفعل فقدان إسرائيل لقوى إسنادها وللغلاف المحيط، وباضطرار أميركا والأطلسي الانحسار من المنطقة ووقف حروبها وتسوية أمورها! من يسند إسرائيل ويحميها ويؤمنها ومن أجل أي وظيفة ودور ومن سيكون بحاجة لها وليتحمل كلفتها؟
ولأي أسباب ولخدمة من ولأي صراع سيعطل لبنان ويفسد وينهب ويجوع شعبه؟ ولماذا ستقاطع سورية وتحاصر وتدمر وتجوع؟ والعراق واليمن وليبيا والسودان والصومال الأخريات لصالح من ومن أجل ماذا تدمر ويشرد شعبها وينهب نفطها وثرواتها؟ ألم يكن الصراع والاحتراب السعودي- الإيراني هو العنصر الأساس في كل تلك الصراعات والحروب وماسيها وكوارثها؟ والمصالحة من شانها حكماً أن تبرد الأزمات وتوفر بيئات احتوائها ومعالجاتها، وتأمين الشعوب، وتوفير أسواق واسعة متكاملة بلا قيود أو شروط وإملاءات..
ماذا عن إعادة هيكلة العرب والمسلمين جغرافيا ونظم بعد أن انفجرت الكيانات التي صنعت بناتج الحرب العالمية الأولى ولخدمة المصالح الغربية حصراً، ولاستخدام الاقليم والنظم لمحاربة أعداء الغرب واستنزافهم والمساهمة بهزيمتهم ليستمر العالم الأنكلو- ساكسوني مهيمنا.
على ما تقدم والكثير الكثير مما سيتغير وسيكون وعن مستقبل مختلف جوهرياً عما كان يمكن إطلاق العنان للتفكير والخيال والمخيلة لاستنباط المعرفة سيناريوات المستقبل وتحولاته على كل الأصعدة، والأخذ بالاعتبار أن الجاري اليوم هو عملية قيصرية لتوليد العالم الجديد من رحم العالم القديم بعد أن طال المخاض واستعصت الولادة، وفي جغرافيا العرب والمسلمين التي شهدت أقصى وأعنف الحروب والغزوات والمقاومات، ومع المصالحة بين القطبين الاقليميين وانحسار وتراجع فرص استمرار الحروب والفوضى في العرب والمسلمين تتوفر فرص ذهبية لتسريع الولادة، واستعجال هزيمة وتراجع الأطلسي والهيمنة الأميركية العدوانية، وتزايد فرص واحتمالات صعود أوراسيا على جناحيها الروسي والصيني وبشراكة محورية من العرب والمسلمين.
المصالحة بكل تأكيد وبالقطع أن تحققت فستكون نهاية زمن أميركا والأطلسي والعالم الأنكلو- ساكسوني، وستكون عاملاً حافزاً ومسرعاً لولادة العالم الجديد، عالم مطبوع بطابع وقيم الشرق وآسيا والعرب والمسلمين شركاء في توليده وفي بنائه وتأمينه.
إنها نهاية زمن وبداية أزمتة والآتي أعظم.
ومن زيارة الأسد إلى روسيا وما جرى فيها والإصرار الإيراني- الروسي على انجاز المصالحة بين تركيا وسورية، والمصالحة الإيرانية- السعودية تستعجلها وتوفر لها المزيد من العناصر الحافزة، وعبرها يكتمل عقد المصالحات والتسويات ويتأسس تفاعل أمم وشعوب ودول الاقليم وبرعاية صينية في الخليج وروسية في الشمال، ليطبق على النفوذ والمصالح والأدوات الأميركية- الأطلسية، ويصير البحر المتوسط والأحمر والخليج والأسود والممرات والمضائق بحار متصالحة ومتحررة من الهيمنة الأميركية- الأطلسية، وتتأمن التجارة العالمية وتسقط حروب الحصارات والتجويع على الشعوب، وبعدها ماذا تبيع إسرائيل؟ وماذا تفعل أوروبا؟ وما دور ومستقبل أميركا في جزيرتها محاصرة وماأزومة وعاجزة؟
المصالحة السعودية- الإيرانية في البيت الصيني والمصالحة السورية التركية في المنزل الروسي، ومع تسارع تحرر مصر من التعاقدات والتعامل مع أميركا والأطلسي الدونية، ستتحقق ظروف وتتجمع معطيات كلها في صالح توفر شروط وفرص استعادة العرب لمكانتهم وحيويتهم، وقد لا يكون مهماً بقيادة أي عاصمة وبكيفية تعامل الأقوياء فيما بينهم، فالمحقق يؤكد عودتهم إلى الجغرافية والتاريخ وبعودتهم يعود الاقليم حاكماً ومؤسساً في العالم الجديد وفي مستقبل البشرية.
انتهى