
إختلف برفق… وإحفظ علاقات الماضي رصيدا
كتب محمد حسن العرادي – البحرين
تعلمت من الحياة أن أتعاطى مع الأمور بصبرٍ ورويةٍ وأناة، وأن لا أحاكم أصدقاء ورفاق الأمس حسب الانطباعات والانفعالات الطارئة والأولية، لقد عشت معهم ردحاً طويلاً من الزمن وجمعتني معهم لحظات من الألم والأمل، لذا قررت أن لا أنفعل لموقف لا يعجبني هنا، ولا أتوقف عند كلمة قد تجرحني هناك.
أيقنت أن ما يجمعنا بالماضي شيء لا يمكن أن نغيره أو ننساه، لأنه ماضٍ والماضي لايعود ولا يتغير أبداً، تبقى ذكراه عضة وربما ابتسامة نمضي بعدها في الحياة دون أحقاد أو جحود، تعلمت ذلك من التجارب التي خضتها أو عرفتها أو كنت شريكاً بها، ومن العلاقات الإنسانية التي اكتسبتها أو خسرتها مع كثيرين، بعضهم لا أزال أحبهم لكن الدنيا باعدت بين طرقنا، وبعضهم لم يعد يجمعني بهم أي شيء، سوى الذكريات بحلوها ومرها.
بعض الذكريات المّرة تخلق لديّ حافز غريب لمحاسبة نفسي قبل محاسبة الآخرين، أقول لها لو إنكِ لم تفعلي كذا وكذا لما حدث ماحدث، ودائماً أحاول أن أجد التبريرات والأعذار للآخرين وخاصة الأصدقاء والرفاق القدامى، وأسعى لفك وإعادة تركيب المشاهد التي أدت إلى ذلك المرار الذي شعرت به حينها بسببهم، أما الذكريات الجميلة فأحرص على عدم نسيانها واعتبارها زاداً يشحنُ حياتي بالأمل والإصرار على المضي قدماً.
خلال الأيام الماضية تابعت بعضاً من الإنفعالات وردات الأفعال بين أصدقاء ورفاق الأمس، وحزُنت جداً للحالة التي وصلت إليها علاقاتهم وانفعالاتهم، إلى الدرجة التي بات بعضهم يتصيد الزلة على بعضهم الآخر، ويتحين الفُرص من أجل شيطنته وإحراجه أمام الناس بسبب اختيارات مختلفة اتخذها كل منهم لأسباب خاصة بهم.
تألمت كثيراً لهذا المشهد وتألمت أكثر عندما دخل على خط المعركة آخرون لا ناقة لهم ولا جمل في هذا الخلاف، خاصة حين كادت هذه المواقف أن تتحول إلى أحقادٍ بدرية وهموم حُنينية بين الناس، وأخشى ما أخشاه أن يوصلنا ويقودنا ذلك إلى مرحلة تشظٍ وتنافر عميق ومر، قد نندم عليها بعد حين عندما نتذكر الماضي والنضالات المشتركة التي جمعتنا وأيام قادمةٍ ستظل تجمعنا في محطات الحياة، حفظ الله بحريننا الغالية من كل شر ومكروه.