وزير الخارجية اللبناني لـ”نوفا”: دعم إيطاليا لبلدنا “أساسي

أكد وزير الخارجية وشؤون المغتربين اللبناني عبد الله بوحبيب على أن دعم إيطاليا لبلاده “أساسي”، حسبما أفادت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.

وأدلى بوحبيب بهذه التصريحات في حوار مع وكالة “نوفا” على هامش النسخة الثامنة لملتقى”حوارات المتوسط” السنوي في روما، الحوارات السنوية التي أطلقتها إيطاليا في عام 2015 بهدف طموح “الذهاب إلى ما بعد الفوضى” واقتراح “أجندة إيجابية” في منطقة البحر الأبيض المتوسط الموسعة، حيث قال إن إيطاليا تُعد من أهم “أنصار” لبنان وبيروت متناغمة مع روما في العديد من الملفات بما في ذلك ملفات المهاجرين.

وُلد بو حبيب عام 1941، وهو اقتصادي سابق بالبنك الدولي، واختاره رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في سبتمبر 2021 وزيراً للخارجية. في حياته المهنية الطويلة عمل سفيرا للبنان في الولايات المتحدة الأمريكية من 1983 إلى 1991، وكان لمدة أربع سنوات (2001-2005) مستشارا لنائب رئيس الوزراء اللبناني عصام فارس.

الوزير عاد من المشاركة المثمرة في “حوارات المتوسط”، حيث التقى الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا ووزير الدفاع الإيطالي جويدو كروزيتو ونظيره الإيطالي أنطونيو تاجاني الذي عقد معه لقاء ثنائي وصفه بأنه “إيجابي للغاية”.

وتابع بوحبيب “أعتقد أن هناك توافقًا كاملًا بين إيطاليا ولبنان في وجهات النظر حول العديد من القضايا” أيضًا فيما يتعلق بملف المهاجرين، مشدداً على أهمية العلاقات الثنائية التاريخية والدعم الإيطالي المستمر للبنان بلد الأرز.

في المقابلة، لم يتوان بوحبيب عن التذكير بالدور الأساسي للجيش الإيطالي في قوة التدخل التابعة للأمم المتحدة في لبنان “يونيفيل” التي ترى أن إيطاليا هي المساهم الأول في مهمة الأمم المتحدة بأكثر من 1100 جندي، فقد أشاد بوحبيب بقدرة الكتيبة الإيطالية المعروفة بـ”أصحاب الخوذ الزرق الإيطاليين” على “التخلي عن الموقف العسكري والتعامل مع الناس”.

بالنسبة لوزير الخارجية اللبناني، هناك تقدير كبير للدعم الذي قدمته إيطاليا: وستواصل هذه الحكومة أعمال الدعم التي نفذتها الحكومات السابقة، قائلًا: “بالنسبة لنا، هذا يعني أن إيطاليا التي تدعمنا ليست هذا الحزب أو ذاك. إنه دعم إيطاليا للبنان. صداقة ستدوم”.

وأشار بوحبيب، على وجه الخصوص، إلى الدور المركزي للقوات المسلحة اللبنانية، التي تشهد أيضًا دعمًا واسعًا من إيطاليا، والتي تعتبر “العمود الفقري” للبلاد، مؤكدا أن “الجيش اللبناني هو العمود الفقري لهذا البلد. إذا لم يكن لدينا القوات المسلحة اللبنانية ينتهي بنا الأمر في الفوضى. يسعدنا أن تساعد إيطاليا والولايات المتحدة وفرنسا وقطر الجيش اللبناني وقوات الشرطة على الوقوف والتواجد ومتابعة عملهم”.

واستعرض بوحبيب، خلال حواره مع نوفا، الوضع في لبنان، الذي يعاني من أزمة اقتصادية مدمرة منذ عام 2019، وهي أخطر أزمة في تاريخها، وقابلة للاختراق بدرجة كبيرة للأزمات الإقليمية، ومن بينها الحرب في سوريا التي دفعت منذ عام 2011 ما يصل إلى مليوني لاجئ إلى البلاد مقابل 4.7 مليون نسمة من السكان الأصليين. كما تشهد البلاد مأزقًا سياسيًا مؤسسيًا بعد الانتخابات التشريعية في مايو التي لم يحصل فيها أي حزب على الأغلبية، مما حال دون تعيين رئيس جديد بعد انتهاء ولاية ميشال عون في 31 أكتوبر واختيار رئيس جديد.

وأردف بوحبيب قائلًا: “مررنا بكارثة اقتصادية قبل عامين وبدأنا مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للتوصل إلى اتفاق يجب أن يصادق عليه البرلمان”.

وفي أبريل الماضي، وفي إطار اتفاق مبدئي، وعد صندوق النقد الدولي بقرض قيمته ثلاثة مليارات دولار، بشرط تنفيذ الإصلاحات، لكن كما أكد الوزير بو حبيب، لم يتم التصديق على الاتفاقية حتى الآن بسبب جماعات الضغط على عكس ما تم التوقيع عليه مع الصندوق.

واستشهد الوزير بجمعيات مصرفية وجمعيات تجار ووقائع أخرى للاقتصاد اللبناني تضغط من أجل عدم التصديق على الاتفاقية التي تنص على إصلاحات جذرية للنظام الاقتصادي من شأنها الإضرار بمصالحهم، لافتا إلى أن “الدولة الديمقراطية لها الحق في معارضة جماعات الضغط”.

علاوة على ذلك، يواجه لبنان واحدة من أكثر القضايا حساسية والتي لها تداعيات مهمة على التوازن الاجتماعي الهش، والذي تعرض للخطر بشدة من جراء الأزمة الاقتصادية، هي قضية مليوني لاجئ ومشرد سوري، وكثير منهم يقيمون في البلاد منذ عشر سنوات على الأقل.

يتذكر الوزير “بدأ اللاجئون السوريون في الوصول إلى سوريا عام 2011، لكن الوضع الآن في سوريا هادئ نسبيًا. من الواضح أنه لا يوجد بعد حالة سلام واسع النطاق، لكن لا توجد حرب. لذلك هناك عدد قليل جدًا من اللاجئين في الوقت الحالي ممن لا يزالون يأتون من سوريا، ولكن منذ عام 2011 لدينا مليوني لاجئ من بين سكان لبنان الذين يزيد عددهم قليلاً عن 4 ملايين. لذا، فإن اللاجئين السوريين يشكلون حوالي نصف اللبنانيين. هؤلاء الناس – اللاجئون- يستهلكون مواردنا وبنيتنا التحتية وخدماتنا من الكهرباء إلى الماء للوصول إلى المدارس. خبزنا مدعوم من الحكومة ويستهلكون حوالي 40 بالمائة منه. لذا فإن هذا يمثل تكلفة كبيرة على مواردنا المالية”.

بيد أنه بالنسبة لرئيس الدبلوماسية اللبنانية، فإن الجانب الأكثر إشكالية وأهمية ليس الجانب المالي بقدر ما هو وجود “مليوني سوري تمولهم المنظمات الدولية للبقاء في لبنان”.

وعبّر بوحبيب عن اقتناعه بأنه “لا يوجد لاجئون سياسيون في البلاد، ولكن قبل كل شيء الأشخاص الذين قرروا البقاء في البلاد على وجه التحديد لأن المنظمات الدولية توفر لهم الموارد للعيش في لبنان”، لافتا إلى أن “هناك شعور سائد في لبنان بأنه إذا توقف المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي عن تقديم الأموال والطعام للسوريين (الذين يقدمون هذه الخدمات في سوريا) في لحظة سيعود هؤلاء الأشخاص إلى وطنهم”.

وبشأن الوضع السياسي الداخلي الذي يرى دولة بلا رئيس حالي وحكومة منتهية ولايته تتولى الشؤون الجارية، قال الوزير: أجرينا انتخابات في مايو الماضي. وكانت النتيجة حالة من الجمود مع عدم فوز أي حزب بأغلبية لانتخاب رئيس. في نظام ديمقراطي، إذا لم تكن هناك أغلبية، فيجب تقديم التنازلات. لكن هذه العملية لم تبدأ بعد”، مضيفا: “نحن في المرحلة التي لم يتحدث فيها الطرفان مع بعضهما البعض بعد حول هذا الملف المحدد”.

رغم الوضع المتأزم، نجح لبنان في 27 أكتوبر بفضل وساطة الولايات المتحدة في التوصل إلى اتفاق تاريخي مع إسرائيل بشأن ترسيم الحدود البحرية، وهو اتفاق ذو أهمية أساسية على وجه التحديد لأن البلدين لا تربطهما علاقات دبلوماسية و لا تزال رسميًا في حالة حرب.

حدد الاتفاق مع إسرائيل بدقة مجالات التنقيب عن حقول الغاز والنفط الأساسية للاقتصاد اللبناني، كما أتاح إنهاء المفاوضات مع قبرص.

وفي هذا الصدد، قال بوحبيب “منذ فترة طويلة كان لدينا اتفاق مع قبرص لترسيم الحدود البحرية، لكن لم يتم الانتهاء منه في انتظار اتفاق مع إسرائيل. الآن بعد أن توصلنا إلى اتفاق مع إسرائيل بوساطة الولايات المتحدة، عقدنا أول اجتماع مع القبارصة وسنلتقي مرة أخرى لوضع اللمسات الأخيرة على ترسيم الحدود البحرية”.

وبحسب بوحبيب، فإن العودة إلى الوراء هي التفاوض على ترسيم الحدود البحرية الشمالية مع سوريا، حيث قال “لم نبدأ بعد في وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق بشأن الحدود البحرية الشمالية مع سوريا. نحن ننتظر التوقيع مع قبرص وبعد ذلك سنرى”، مؤكدا أن لبنان وسوريا تجريان حوارا حول هذا الملف بهدف التوصل إلى اتفاق “رابح للجانبين” يعود بالفائدة على البلدين.

وفي مقدمة العلاقات الإقليمية، لا سيما مع دول الخليج، التي عانى لبنان من أزمة في العلاقات معها عام 2021، أكد الوزير أن العلاقات اليوم “طبيعية”، مشيرا إلى أن “هناك دولة تساعدنا حقًا أكثر من غيرها في لحظة الحاجة هذه قطر”.

وأشار إلى أن “الدول الأخرى وعدتنا بالمساعدة، لكن لا أعرف ما إذا كانوا سيأتون أم لا”، لافتا إلى أن العلاقات جيدة وأن “دولاً مثل السعودية لا تزال تدعم لبنان على المستوى الإنساني. كما أن لدينا علاقات طبيعية مع إيران. نأسف لما يحدث في البلد الآن، ونأمل أن يتمكنوا من إيجاد حل لصالح الحرية والانفتاح، لكن هذا ليس من شأننا. وشدد الوزير على أننا لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى”.

وأخيراً، حرص بو حبيب على التأكيد على الأهمية الكبيرة التي تغطيها مبادرة مثل حوارات المتوسط للفرصة التي تتيحها جلسات المنتدى والمناقشات على مستوى الفاعلين الدوليين وإمكانية عقد لقاءات ثنائية، معربًا عن تهانيه لوزارة الخارجية الإيطالية ومعهد الدراسات السياسية الدولي بقوله “أهنئ المعهد ووزارة الخارجية “آمل أن أكون هنا العام المقبل إذا كنت لا أزال وزيرًا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى