بحث معمق: خطاب السيد نصرالله… النصر الثالث والتحرير الثالث في اليد 4/4

من يضمن ألا يسرق النفط والغاز كما سرقت أعمار وودائع اللبنانيين؟

ميخائيل عوض

ليحقق السلاح غايته، والمقاومة جوهرها في تحصيل الحقوق وحماية الاوطان والممتلكات وتأمين حاجات وقوت الفقراء لا مفر من تلازم مساري التحرير وحفظ السيادة الوطنية، وامتلاك القرار الحر، ومسار التحرر الاجتماعي وتلبية حاجات الشعب وحفظ كرامته…
المنظومة ورجالها وفضائياتها وإعلاميها عادت تعزف اسطواناتها المشروخة  للتشكيك بجدوى ودور السلاح والمقاومة في تحصيل الحقوق في البحر وفي الثروات وتحقيق السيادة، وكسر الحصار وتمكين لبنان من استثمار غازه ونفطه وثرواته وحريته، بالتوجه شرقا أو غربا بما تمليه المصلحة الوطنية اللبنانية العليا. وعادت بحججها وحملاتها إلى ما سبق عندما حررت المقاومة الجنوب بانتصار ال2000 تحت النار ومن دون تفاوض.

يومها قيل إن قرار الانسحاب كان مصلحة إسرائيلية واتفاق إيراني- أميركي- إسرائيلي لإهداء المقاومة نصرا، لتمكينها على حساب الآخرين ويعود ذات القول اليوم، ويخرج كلام في السر والعلن يزعم ويروج  بان اتفاقا أنجز للترسيم وتحديد الحصص بالثروات تولته فرنسا بين إيران وإسرائيل وأميركا، يتم بموجبه تقاسم بلوكات النفط والثروة وتحصل إيران على حصة الاسد تعويضا عما انفقته في دعم المقاومة ولتمكينها من لجم أي ردود فعل رافضة للصفقات.

وعادت نغمة ان الحزب والمقاومة يصطادون بالاتفاقات والتفاهمات قبل اعلانها لتكبير شأنهم وتعظيم قوتهم في الإعلام، بينما في واقع الأمور كل شيء بأمر أميركا وإسرائيل وبنتيجة التفاهمات والصفقات. وعادت نغمة ان السلاح يتفرد ويقرر الحرب والسلم ويغتصب السيادة ويمنع الدولة من ممارسة دورها وحصر السلاح والقرار بيدها، ناهيك عن نغمة أن تصريحات وخطب السيد تنعكس بحالة ذعر وتقليص حجم الوافدين في فصل الصيف، وهذا يضعف الاقتصاد وحواصل الدولار والعملات الصعبة، ويحول دون التمكن من الدفاع عن الليرة وتأمين الحاجات. وبعض من يطلق الكلام على عواهنه ربما يصدق نفسه ويصدق ان أحداً من اللبنانيين سيصدق قوله، بعد أن بلغت الأزمات ذروتها وانكشفت لصوصية المنظومة وألعاب مدير خزانتها حاكم المصرف المركزي، المتهم والمستدعى أمام القضاء الأوروبي واللبناني بتهم تبيض الأموال وللكشف عن مصدر ثرائه وكيف ادار المصرف؟ ومن أين جنى الأموال الطائلة هو وزبانيته؟
على العموم تبدو أسطوانة المنظومة مشروخة وتكرار واستعادة لذات الحجج والمنطق.

والمنطقي أن المقاومة في جهدها وقرارها وجديتها والتزاماتها المبدئية والعقائدية لن ولا تقايض جوهرها وكنه وجودها بمكاسب ضيقة لها أو لإيران، و لن تعير هذا الكلام أي أهمية وليست معنية بخوض معارك دينكوشوتيه ومع طواحين الهواء، إنما ستعتمد المثل “المي تكذب الغطاس”. والوقائع والوثائق والمعطيات المادية ستقول كلمتها وتنفي بالقطع وجود تفاهمات أو صفقات مع إيران أو مع المقاومة وسيثبت للجميع ان المقاومة على طهرانيتها وتضحياتها لا تنشد الا مصلحة لبنان واللبنانيين وإلحاق الهزيمة بأميركا والكيان الصهيوني لتمهيد الطريق إلى القدس، وكانت القدس وتحريرها وتبقى في أصل فلسفة وعقيدة ودوافع تأسيس المقاومة الإسلامية.

أما اضطرار إسرائيل وأميركا الاستجابة تحت الضغط والرهاب من الحرب ونتائجها ومن قوة المقاومة وتصميمها، فهذه أشار إليها السيد حسن نصرالله في خطابه، ورجح أن تقبل إسرائيل وأميركا الشروط اللبنانية سلما وتحت التهديد. وهي بكل حال تنتقص من الحقوق وتفرط بالكثير منها لتلافي الحرب ونتائجها التي تراها المقاومة حرب فاصلة وستحولها من تحد إلى تحرير القدس، وليس فقط الثروات والقرار اللبناني الحر والحقوق باستثمار الثروات.

هكذا تستدرج المنظومة وأركانها بسبب ولائهم لمصالحهم وخضوعهم للابتزاز الاميركي، المقاومة لاشتباك إعلامي لتدافع عن نفسها واثبات جوهرها وحقيقتها، والاشتباك الإعلامي سيؤسس إلى اشتباك في المصالح والخطط والرؤية والمسارات. فالمنظومة ستحاول تفعيل ادواتها وطرائقها ذاتها التي استثمرت عبرها بانتصار الألفين وبانتصار حرب تموز، وبالتحررين وبالانتصار على الإرهاب. وستسعى لتجيير الإنتصار والتحرير الثالث لصالحها وفي خدمتها ما دامت ممسكة بالسلطة ومفاتيحها وتدير البلاد على مصالحها وبإملاءات شيا والسفراء…

هل ستنطلي الخديعة مرة أخرى على حزب الله والمقاومة؟ وهل ما زال الوقت متاح للتفريط بالفرص والزمن والإمكانات والثروات، بذريعة الميثاقية والتوافقية واحترام العلب الطائفية والتحالفات المذهبية؟ أم أن المقاومة ادركت بأن التحرير يبقى ناقصا وعرضة للطعن والخسارة إن لم يقترن بالتحرر الاجتماعي، والتحرر الاجتماعي فرصته وظروفه موفورة على نحو كبير وناضجة معطياته كلها، واستحق زمنه، وينجز بامتلاك رؤية وبرنامج وإعادة صياغة التحالفات والمواقف والأولويات للاستثمار بالتحرير والقوة لإعادة صياغة التوازنات وتجديد وتطوير بنية النظام لإخراجه من افلاسه والسعي لنظام عصري قابل للحيا،ة ويحول دون تمكن منظومة ما فياوية لصوصية من سرقة وتبديد الثروات أيضاً. ولعصرنة النظام ستترافق مع ابتداع وتجديد وظائف الكيان لتأمين استمراره وديمومته كي لا يزول، كما انبأنا الرئيس الفرنسي ماكرون عند زيارته بيروت لتأنيب المنظومة وإشهار إفلاس نظامها وعقدها الوطني.

لم كثيراً من الوقت والفرص متاح، فالبلاد دخلت الانهيار، وليس غير الفوضى والتوحش طريقها إلا إذا حزمت المقاومة أمرها، وقررت الفعل الهجومي كما في مواجهة أميركا وإسرائيل، كذلك اذنابهما ونفوءهما في الدولة والسلطة والمنظومة، فما نفع أن تكسب العالم وتحقق الانتصارات وتخسر المواقفة نفسها وجوهرها وعقيدتها وحقيقتها الممثلة لروح الوطنية اللبنانية.

المقاومة حققت بثلاثيتها الذهبية انتصارات اعجازية وتحريرين والثالث على الأبواب، وذاتها الثلاثية فاعلة وتستطيع تحقيق الإنتصار الاثمن، وزبدة الانتصارات والتحرير بأن تسهم في تخليص البلاد والعباد من الكارثة ومسببيها والساعين إليها، فتقييد المنظومة ووضع حد لصفقاتها وقطع اذرعها في الدولة، وحرمانها من فرص نهب الثروات أمر يسير وممكن أيضاً، وبسهولة ويسر تحقيق النصر في السيادة واستثمار الثروات، وأقرب الأدلة والشواهد تحققت في نتائج الانتخابات النيابية وهزيمة شيا والمشروع الاميريكي وانكشاف هشاشة المنظومة، فقدانها لكتلتها الوازنة وانحسار تمثيلها، والمؤسسة العسكرية وموظفي الدولة يمثلون العامود الفقري للنظام والاستقرار في حالة عوز وفقر وإضراب عام أقرب إلى العصيان المدني والنظام في حال انهيار وتداعي، والطواىفية لم تعد قادرة على حماية المنظومة ولصوصها، والاميركي والإسرائيلي والدول الخليجية في حالة انكفاء وانشغال بالأزمات الخاصة والعالمية  ولم يعد من نصير للمنظومة وفسادها إلا ترهل القوى الخية والمجتمعية، وتردد المقاومة والمؤسسة العسكرية وموظفي الدولة عن التفاهم والتوافق لإخراج لبنان من الكارثة المحققة، وأكثر الخاسرين إذا تركت البلاد للفوضى هي الدولة واجهزتها وموظفيها والمؤسسة العسكرية والمقاومة، والمنظومة لا سياسة لها إلا التطاول عليهم وامتهان كرامتهم وسرقة حقوقهم وتعويضاتهم.

ما هو مطلوب وبإلحاح، توازي الخطوات فمع انتزاع الحق باستثمار الثروات وبالقرار الحر يجب انتزاع السلطة من المنظومة وتهميشها لتجديد وتطوير النظام وصيانة وحفظ الكيان، وبهذه تكمل المقاومة وتتوج انتصارتها وتؤدي رسالتها التاريخية والعقائدية وتربح تضحياتها.

سوا ذلك تكون المقاومة قد أطلقت على نفسها بالانتصار الثالث والتحرير الثالث النار على صدرها، وتتحول إلى كتب التاريخ لتقرأ عنها الأجيال القادمة، تتغنى بانجازاتها الاعجازية وتترحم على شهدائها، وتبكي على مصيرها ومصير تضحياتها الجسام.

لا قيمة لتحرير الأرض والجغرافية ما لم تقترن بتحرير الإنسان من العبودية والاستزلام والحاجة والجوع، والله عز وجل لم يؤنب مؤمن ولم يحفزه على فعل أرقى من نصرة المستضعفين، وارتقى بهذه المهمة إلى مستوى القتال في سبيل الله في الآية الكريمة:

وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا﴾

انتهى

 

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى