هل تكفي الاستنكارات والاعتراضات لإعادة الحق في فلسطين؟
كتب صباح الشويري
ككل عام يجتاح المستوطنون المسجد الاقصى، والعالم يتفرج، يستنكر، يعترض، يرفع الشعارات، يندد… هل كل هذا يكفي؟ بالتأكيد لا، فمن سيستطيع لجم الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على الفلسطينيين؟ لا أحد، لأن الجميع لا يملك سلاح القوة بل يكتفي ببيانات الاستنكار. وحدهم الفلسطينيون قادرون على تسطير القوة بالشهادة والعنفوان والكرامة. فيما تحاول “إسرائيل” تغيير معالم الحقائق بأخبار ملفقة وكاذبة، تارة بأن قوى الاحتلال تعترض على اعتكاف المصلين داخل المسجد الأقصى ويمنعون المصلين من الصلاة (تقصد المصلين المسلمين)، كم ضحكنا على هذه (الخبرية)، وطوراً أن المستوطنون يريدون الصلاة فوق الهيكل المزعوم والتي لم تثبت أي أبحاث أو حفريات وجوده.
الاحتلال يعتقل المئات ويقتل العشرات ويجرح الآلاف والعالم يتفرج عليهم ويكتفي بالبيانات، او استدعاء السفراء لدى الدول، العربية على وجه الخصوص.
منذ نشأتنا ونحن نسمع باعتراضات عربية ترفض الممارسات الإسرائيلية المحتلة على كل الفلسطينيين، وأكثرها في القدس الشريف، ولا نلمس أي تحرك سياسي أو دبلوماسي أو عسكري من الدول الحريصة على ابقاء فلسطين عربية، ورفض تحويلها الى دولة عبرية، ولكن ومع الأسف الشديد يعترضون من جهة ويزحفون الى الحضن الإسرائيلي من كل الجهات.
سايكس- بيكو اهدى اليهود فلسطين العربية، وترامب أهدى المتشددين القدس وطوبها يهودية، والعالم العربي ومن يدعي العروبة يتفرج، ويتحضر للارتماء في أحضان الاسرائيليين، وبعضهم تحيين الوقت وسارع إليهم، أما تربية الشعوب، فحدث ولا حرج، بدأت مواقع التواصل الإجتماعي تتغزل بما يحصل من ارتماء وارتهان، والفتيات يغمزن للشباب الاسرائيلي خضوضاً “أصفر الشعر وأزرق أو أخضر العينين” والشباب أيضاً، والجميع نسي الحق في فلسطين، إلا من بعض الشعارات، لماذا؟ لأن بلدهم لم يربيهم على الوطنية، كما في مصر “أول الدول المطبعة، لكن الشعب والقانون أيضاً يرفضون التطبيع” أما بقية العرب فلم نر من قوانينهم ما يحمي أوطانهم أولاً وشعوبهم، والإسلام الذي يدعون.
في الماضي حين رفض الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود الاحتلال للاراضي المقدسة، وأعلن الحرب ودعا الشعوب العربية للاجتماع لتشكيل قوة لحماية المقدسات في فلسطين “جميع المقدسات” أرسلوا له من عقر داره من يغتاله ليكموا صوته وينهون القوة العربية التي كان يستعد لقيادتها، لتكون المملكة السعودية أول المبادرين ضد الصهاينة. وكذلك حصل مع عبدالناصر وغيره ممن يرفضون السرطان المزروع في العالم العربي ليقضي عليه.
فيما الاحتلال يحول قضية فلسطين المحتلة الى قضية طائفية محصورة في حماس وما قد يفعله المسلمون، وإذا سلمنا جدلاً أن هذه هي الحقيقة، أين القادة المسلمون، وأين الأزهر والأوقاف في السعودية والخليج والمشرق العربي، وإيران وباكستان وافغانستان وأزربيجان وغيرهم من الدول التي تتنطح بالدين وترفع راية الإسلام، والأهم أين داعش التي تقتل المسلم قبل غيره، وتنتهك الأعراض بحجة السبايا، أين هم من ما يحصل؟
لا أحد موجود أصلاً إلا بالاستنكار، والجميع سيخاف على مصالحه.
أمس استدعي السفير الإسرائيلي في الإمارات، وقبلها في مصر واليوم الأميركيون يعترضون، ولكن، هل سيفعلون شيئاً؟ بالتأكيد لن يجدوا أذاناً صاغية، هل ستهدد الإمارات إسرائيل بفض الإتفاقية بينهما، أم ستوقف البحرين تعاونها التاريخي مع إسرائيل؟ أم ستترك المغرب التطبيع لصالح الأراضي المقدسة؟ أو أو أو واللائحة تطول.
سيأتي دور بيت لحم… انتظروا وسترون
يخطئ من يعتقد أن الإسرائيليين سيكتفون ببيت المقدس، بل يستعدون ليمتدوا الى كل معلم ديني غير يهودي، بعد الانتهاء من بيت المقدس الذي باتوا على مقربة من قضمه والعالم يتفرج، سيبدأون بتطويع الحكومات الغربية لتغض النظر عما سيفعلون في كنيسة القيامة وبيت لحم ومعقل السيد المسيح وتلامذته، وسبق للمستوطنين إن حاولوا الاعتداء على المصلين والمؤمنين، ولكن الغرب اعترض، أما لاحقاً لن يفعل ذلك.
فبعدما طوّب ترامب القدس هيدية لإسرائيل وأعلنها يهودية يخططون لإزالة المعالم الإيمانية لأي دين سماوي، والخطط المقبلة تبدأ بتطويع الغرب وبعدها الفاتيكان الذي لا يعترض على احتلال المقدسات المسيحية طالما الباب مفتوح أمام الحجاج المسحيين، متناسين أن في العالم العربي أيضاً مؤمنين ويريدون الحاج الى المقدّس. ولكن لاحقاً سيحد اليهود حججاً ما ليحتلوا كنيسة القيامة ويقيمون طقوسهم على حائطها الخارجي وبعدها يدخلون باحاتها ليحتلوا مذبحها…
وعلى الأرض السلام