
الغاز اللبناني في اولويات “القارة العجوز”
كان لتوقيع الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد ان أرخى ظلالاً من التفاؤل الحذر على مجمل الاوضاع في الساحة اللبنانية التي تضج حالياً بصخب الانتخابات، وتردّد ان الهيئات والبعثات التي تزور لبنان في الاونة الاخيرة تنصح المسؤولين اللبنانيين بالتريّث والتقاط اللحظة الاقليمية التي تتّجه في مراحلها الاخيرة للحسم في الملفات الساخنة.
واذا كانت احدى مهمات صندوق النقد الدولي تتمثل بالاشراف على السياسات الاقتصادية للدول المتعثّرة وتقديم قروض بفوائد منخفضة، تشكّل طريق الانقاذ المتاحة حالياً لخروج لبنان من دائرة التخبط من خلال رؤية وافق لحل شامل وان استغرق تطبيقه سنوات عديدة، يؤكد مصدر اقتصادي بارز ان استعادة ثقة المجتمع الدولي سيؤدي الى ضخ الاموال في لبنان مجدداً ومن شأن ذلك ان يحرك السوق الاقتصادي من خلال عودة نشاط الاستيراد.
ويربط المصدر عينه الاتفاق المبدئي الذي انجز بين لبنان وصندوق النقد رغم شروط الاخير، في الوقت المحدّد له بالاضافة الى حاجة لبنان الملحّة اليه، بجملة عوامل خارجية وتحديدا اقليمية، منها ما يتعلق بضرورة تحقيق استقرار في منطقة الحوض الشرقي للبحر المتوسط، نظرا لاهميتها الجيواستراتيجية ولما يحتويه من ثروات باطنية غنية حيث بات يُنظر الى المنطقة باعتبارها مستقبل انتاج الغاز وتحويلها الى مركز الطاقة العالمي، ما يفرض التهدئة والثبات والعمل على تسريع الاتفاقات لاستخراج الغاز المخزّن تحت طبقات المياه بعد ان اصبحت أزمة الغاز الروسي تشكل عبئاً على اوروبا التي تسعى الى التحرر من ثقل قيود الدب الروسي، والبحث عن بدائل مهما كلف الامر، ما يفسر الدفع الأميركي – الأوروبي خصوصاً الفرنسي منه الذي يقف خلف تسريع الحلول في لبنان ومنع انهياره.
ووفق التقديرات التي نشرتها هيئة المسح الجيولوجي الاميركية اضافة الى تقديرات شركات التنقيب عن الغاز في الحوض الشرقي للبحر المتوسط، فإن الاخير يُعدّ من اهم احواض الغاز في العالم ومخزونه يكفي لتلبية حاجة سوق اوروبا لمدة 30 عاما.
وبحسب المصدر، ان ما زاد من أهمية هذا الحوض هو انفتاح البحر المتوسط على تقاطع آسيا وأوروبا وإفريقيا، وتحديدا قربه من اوروبا ما يعلق اهمية كبيرة على الامال التي يحملها الغاز لدول الجوار في المنطقة والرهان على تغيير المعطيات السياسية والاقتصادية لدولها من خلال حل النزاعات سلميا.