غياب المتغيرات حاجة التغيير

د. علي بيضون

يبدو من الواضح أن السيطرة الخارجية جعلت من المطالب الوطنية أمراً مرفوضاً، الخارج الذي يعوّم المنظومة الفاسدة بإدارة البلد.

فبعد تحركات الشعب بالمطالبة السليمة بحقوقه، وانقلاب الأحزاب جميعها عليهم، بتسلها الى عمق المطالب لتسرقها وتجيّرها لنفسها، فتتحول الوطنية قطاف لهم، وبعض حول أي تحرك بمزايا طائفية سخّفت وسطّحت الحقوق المدنية والانسانية. فإلى أي يأخذون المواطن والوطن؟

بعد مرور مراحل متابعتها لكل الأحداث التي تحصل على أرض الواقع توصلنا أو توصلت أنا الى نتيجة حقيقية تختصر ما يحصل في لبنان، خصوصاً بعدما باتت المنظومة والأحزاب يعملون بوضوح وعلنية، من دون رادعٍ أو حسيب، لأن لا رقيب عليهم، لانهم اقتلعوا أعين المراقبين ليشتروا بعدها المحاسبين.

النتيجة أن حاجتها للتغيير باتت مطلب قبل الاستحقاق الانتخابي، مع أن الوقت الذي صنعون ضئيل جداً ليزيدوا الخناق على الشعب أكثر.

والجولات المطلبية تحت مسميات كثيرة، لم تعد عند الكثيرين مهمة، لأن البعض استخدمها للوصول والبعض شارك بها للاستفادة والبعض الآخر لتحقيق أهداف الزعيم، والقلة من أصحاب الحق والوطنية “أكلوا الضرب” ونحن منهم.

أوصلونا بسياساتهم التعسفية الى مرحلة بتنا أمام خيارين أحلهما مرّ “إما الدخول معهم في دوامتهم والخضوع، وإما شد حزام الرحيل فاقدين الأمل في التغيير”. وبتنا نفقد كل الأمل، لم يعد لدينا خيار في لبنان، هم يريدون شعب مستسلم لهم ولسياساتهم ولطائفيتهم ومصالحهم، الى درجة التنازل عن كل الكرامات والأهداف، ويريدون شعب يترك لهم حرية الخيار ولا يختار، حتى لو هدروا دمهم دفاعاً عن الوطن بكل الأشكال، يتاجرون بهذا الدم الذكي ويبعون قضيته من أجل مصالحهم، والايام ستشهد.

 

كل يوم يغيرون بالسياسات ويتفقون على الوطن والشعب، وآخر اتفاقاتهم السوداء الخرقاء هي “الكابيتال كونتور” الذي يقولون من خلاله “على أموال المودعين السلام” ويحاسبون الشعب على أخطاء هم افتعلوها.

إذا أردنا التذكير وتعداد ما يتغافلون عنه ليتاجروا به، منها قضية انفجار المرفأ التي تحولت من قضية اجتاحت كل الوطن الى قضية اخذوها باتجاه طائفي وحوّلوها الى معارك سياسية، فيما دم الضحايا والشهداء يشهد على إهمال وصفقات الجميع من دون استثناء، بما فيهم المتصارعون.

أما المتاجرة الانتخابية الأوضح حالياً فباتت في البطاقة التمويلية التي إن دلت على شيء تدل على إزلالهم للشعب مباشرة وبأسلوب “الشحادة” التي لا يزالون يدرسون حاجة الناس إليها، فالشعب اللبناني وفق اليونيسف يعيش أكثر من 73 في المئة تحت خط الفقر، ولا يزالون يفكرون بكيفية تقديمها وتمويلها، والأهم كيفية “الاستفادة” ممن سيعطونهم إياها.

وفي ظل الفوضى التي يفتعلونها كل يوم يدفعون الناس للانشغال عن المطالبة بالأموال المنهوبة، التي لم تعد في حسبان البعض، وتغافلوا عن أحقية البلد فيها، لأنهم منشغلون.

أما الأخطر بين كل ما سلف هو “استقلالية القضاء” الذي تحول الى مروحة سياسية يتجاذبها المتخاصمون، وحين يتفقون يصفعون الشعب بضربة قد تكون قاضية، فاستقلالية القضاء وتنحيه عن السياسات والمحسوبيات والطائفيات، هو المطلب الأهم، لأن منه ينطلق قطار التغيير لاسترداد كل الحقوق الوطنية والقانونية والاقتصادية والانسانية المحقة في وطن بات على “كف عفريت” ربما ساساتهم هم عفاريت هذا الزمن.

فالمرحلة المقبلة ستحمل معها معارك انتخابية ضارية، لأن العراضات السياسية تهيء الناس بأن القوي سيأكل الضعيف. ولكن بوجود من لا يجد حلاً إلا بالتغيير من أجل وطن مستقل ذات سيادة مستقلة، يعمل للتكاتف في وجههم، لن تتحق غايتهم طالما فينا نبض سنعمل للتغيير.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى