
نقاش أعمق حول أميركا ولوبياتها وهندسة الفوضى العالمية 2/…
حرب الشركات على الدول والقومية من ينتصر؟ الحكومة العالمية الخفية؟
ميخائيل عوض
شهدت سنة 2000 تطورات مؤسسة حددت اتجاهات الاحداث لعقود.
تسلم بوتين السلطة في روسيا بانقلاب أبيض إشارة لتمرد روسيا على حقبة الفوضى واللبرلة والاستسلام للغرب.
حققت المقاومة ومحورها نصراً اعجازياً في لبنان.
انقلبت الدولة العميقة “الحكومة العالمية الخفية” على نتائج الانتخابات الأميركية وزورتها، وانتزعت البيت الأبيض بقرار المحكمة العليا بفارق صوت وظهرت حجم الانقسام في أميركا مناصفة.
بإمساك المحافظين الجدد وهم من غلات الليبراليين العنصريين ودعاة الامبراطورية والقرن الأميركي والمليار الذهبي، “رجال الحكومة الخفية” أصبحت الحكومة الخفية والعميقة علنية واشهرت مشروعاتها ورؤيتها للعالم لقرن.
بدأت أميركا بوش الابن حرباً شعواء على الإسلام والعرب “حرب الحضارات والأديان” وأعلنها بوش حرب صليبية، فغزت أميركا أفغانستان والعراق، وأعلنت هدفها إعادة بناء الأمم وإسقاط خمسة عواصم على أن تكون مكة والقاهرة الجوائز الذهبية.
قالتها كوندليزا رايس الفوضى الخلاقة وآلام مخاض الشرق الأوسط الجديد.
لماذا فوضى ومن قال ستكون خلاقة؟
عند سقوط الاتحاد السوفياتي لم يعد سبباً لإخفاء الحكومة العالمية فتم تظهيرها بصورة الإدارة الأميركية، وتحقق لها ما سعت إليه منذ تسلمت الرأسمالية الأميركية الراية والمقود من الإنكليزية التي سادت وأخضعت أوروبا وآسيا وأفريقيا لنزعاتها التسلطية والاستعمارية، وابتلت البشرية بالحروب العالمية مع الضواري الرأسمالية الأوروبية لتأمين السيطرة والإخضاع، وفرض النموذج والقيم وانتزاع قطاع المال والتجارة وصناعة الحروب الراية من القطاعات الإنتاجية وإخضاعها بإعادة هيكلة النظام الرأسمالي وتوازنات كتله.
فالرأسمالية البازغة على صهوة الثورة الصناعية الإنكليزية دمرت وأخضعت الاقطاعية لتفتح أسواقها وتوسعتها، وتحقيق المزيد من الربحية، وحالما قررت معاهدة وستفاليا فصل الدين عن الدولة وحق الأمم بتقرير مصيرها وإقامة دولتها الوطنية وتأمين سيادتها “لتأمين سيادة الرأسمالية الصناعية” اشرأبت اعناق القطاعات الاقتصادية الريعية القائمة على التجارة وتجارة المال وصناعة الحروب.. وسارعت إلى اغتصاب القومية وتحولت بها من ظاهرة تقدمية ثورية منسجمة مع مسارات البشرية، إلى عنصرية عدوانية فقادت حروب الاستعمار والسيطرة وإخضاع الأمم والشعوب واقتطاعها، وتلزيم الشركات باستيطانها وتأمين نهبها.
وعندما طردت من العالم الجديد ” الاميركيتين” اشتدت عدوانيتها بإزاء شعوب أوروبا وآسيا وأفريقيا.
وكلما ضاقت مسارح نهبها اشتبكت مع الرأسماليات الأوروبية التي فيها الغلبة للقطاعات الإنتاجية، وافتعلت الحروب العالمية التي انهكتها، فتوفرت شروط صعود البلشفية بنموذج رأسمالية الدولة الاحتكارية وأميركا الشابة الآتية من خلف البحار بعد إن سيطرت على حديقتها الخلفية أميركا بفعل مبدأ مونرو.
تحول النظام العالمي المتعدد القطبية المحترب إلى الثنائية المحتربة ببروده وبمسارح وأدوات ” بالواسطة”.
عندما انتهت الحرب الباردة بهزيمة الاتحاد السوفياتي وتشظي كتلته ومناطق نفوذه كسبت أميركا “الرأسمالية المالية والتجارية والريعية” جولة، وأمنت علاج أزماتها وترميم الأزمات العميقة لنموذجها الرأسمالي الأنكلو- ساكسوني بنهب ثروات وعقول ومنتجات الكتلة الاشتراكية، فتعاظمت قوتها وتفردت وقادت التحول بالعالمية الي العولمة المتأمركة وإلى اقتصاد الحر الليبرالي واقتصاد المعرفة وتعظيم الاستهلاك وقطاعات الريع والمال فاقتصاد العالم الافتراضي والخوارزمية.
تأمنت سيطرت قطاعات الاقتصاد الريعية التجاري والمالي والاستهلاكي وبلغت الرأسمالية ذروتها بنموذجها الليبرالي المتوحش.
هيمنت الحكومة العالمية الخفية وحققت سيطرتها ولم تعد بحاجة للتخفي وصارت الإدارة الاميركية أداتها المحورية في تحقيق غاياتها ومشروعاتها، وأصبحت (محافل الماسونية العالمية، ومنتديات الصهيونية العالمية، ومؤتمر بيلدربيرغ، ومجلس الشؤون الخارجية في أميركا، وتشاثام هاوس ببريطانيا، ومنتدى دافوس الاقتصادي، وتكتلات العائلات المالية الكبرى كآل روتشيلد وآل مورغان ) بمثابة السلطة التشريعية القيادية التخطيطية والإشراقية والإدارة الأميركية أدواتها التنفيذية، وقد تم تعبئتها برجال الحكومة الخفية فجل مدراءها وقادتها من ممثلي الشركات المالية والهاي تك وصناعة السلاح والحروب والنفط ومنظري العولمة”.
تحولت منظمات الأمم المتحدة وتشكيلاتها إلى أدوات ومؤسسات في خدمة أحكام سيطرتها ولم تعد خفية او عميقة.
غداً، العرب والمسلمين وجغرافيتهم مسرح الحروب ومقاومة استنزاف العولمة والقرن الأميركي.
فكيف ارتدت بانقسام الحكومة العالمية الخفية في أميركا نفسها؟
…/ يتبع