
بين النصر والهزيمة … إيمان وشعور بالثقة
كتب محمد حسن العرادي – البحربن
بين ظهرانينا مهزومون ومأزومون ينظرون للأحداث والمتغيرات التي صنعها طوفان الأقصى بعيون صهيونية، تراهم مأخوذين بمزاعم الانتصارات التي يحققها الجيش الصهيوني، يتناقلونها وكأنهم إعلاميون صهاينة يروجون الرواية الصهيونية دون أي تردد، موهومين بمصداقيتها أو هكذا يبدون، وعندما تواجههم ببعض التناقضات في هذه الرواية يلوذون بالصمت أحياناً، لكنهم في أغلب الأحيان يستمرون في الدفاع المستميت بغباء لافت.
وعندما تتكشف الحقائق ويعترف الإعلام الصهيوني بأن المعلومات والبيانات التي تم ترويجها كانت مضللة وفي أبسط الأحوال غير دقيقة، تبحث عن المأزومين المسكونين بالتفوق الصهيوني فلا تجدهم، ولا تسمع لهم حساً ولا حسيساً، وعندما تتفقدهم تجدهم يبحثون عن أكاذيب أخرى يقومون بتقديمها للجمهور كجزء من الدور المشبوه الذي إرتضوه لأنفسهم.
إننا أمام مفارقة غريبة وعجيبة يعيشها من ينتمون إلى أمتنا إسماً يتحدثون لغتنا، ويدعون بأنهم يؤمنون بقضيتنا، لكنهم يدعون البحث عن الدقة والحرص على معرفة الحقيقة، ويقولون بأنهم يتعاملون مع الأخبار بحيادية بعيداً عن العواطف، تضحك لهذه الإدعاءات وتتساءل، ولماذا لا تتأكدون من الأخبار المضللة التي يبثها الصهاينة وأعوانهم وحلفائهم إذا ً، لكنهم بكل صلافة يقولون لك بأن تلك الأخبار صادرة عن وكالات أنباء ومحطات فضائية دولية معتبرة ومحايدة، ولا يمكن تكذيبها.
إننا أمام نوع نادرٍ من السقوط الأخلاقي والقيمي يعيش فيه هؤلاء المخدوعون، فلا هم يفزعون للدفاع عن أهلنا وأحبتنا الفلسطينيين وخاصة أبناء غزة، ولا تهتز مشاعرهم وهم يتابعون آلاف الضحايا من الأطفال والنساء والمدنيين الذين يتساقطون كالورود الذابلة، ولا هم يرون إستهداف البنية التحتية وتدميرها و الهجوم البربري العنصري ضد المدارس والمساجد والكنائس والمستشفيات وكل ما ينبض بالحياة في غزة، لكنهم يتباهون بنقل أخبار الصهاينة والإختراقات التي حققوها في هذه المنطقة أو تلك بعد اكثر من 45 يوما من العدوان.
انني أستغرب جداً من هذا النوع من البشر الذين فقدوا الشعور بالإنتماء قبل أن يفقدوا الشعور بالمسؤولية والإنسانية، كيف لهم أن يتبجحوا بإدانة المجاهدين الذين هبوا لتحرير وطنهم، ويتهمونهم بقتل الأبرياء والمدنيين الصهاينة، رغم أن الصهاينة أنفسهم يعترفون بأن جيشهم المهزوم والمرتبك هو من قام بفتح النار على المحتفلين بعيد الغفران من اليهود يوم السبت 7 من أكتوبر 2023، مبرراً ذلك بالخطأ غير المقصود ما أدى إلى قتل أكثر من 250 مشاركاً في ذلك الإحتفال بالتزامن مع طوفان الاقصى.
لقد تفحمت جثث الصهاينة وإحترقوا بنار الدنيا قبل نار الآخرة، لأنهم إرتضوا ان يكونوا وقوداً للحقد الصهيوني المتمثل في إحتلال أرض فلسطين وإنتزاعها من أصحابها الحقيقيين، وساهموا في طردهم من بيوتهم وبياراتهم، ثم إستولوا عليها وقتلوا أبناء فلسطين وحاصروهم عقوداً من الزمن في قطاع ضيق من الأرض لا يتسع لمن بقي منهم داخل أرضه، ولم يكتفي الصهاينة بكل ذلك بل سرقوا المياه والثروات الطبيعية وكل ما تنبته الأرض الطاهرة من خيرات وثمار، ثم بعد كل ذلك يدعون بأنهم مدَنيون، فعن أي مدنيين يتكلم هذا الإعلام المضلل وجميع الصهاينة على أرض فلسطين جنود إحتياط في الجيش الصهيوني.
إننا أمام مسارين متباينين، مسار ينتصر للحق ويدافع عن أهله منطلقاً من إيمان لا يتزعزع بعدالة القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في الدفاع عن أرضهم وحقوقهم التاريخية فيها لذلك يفتدونها بالغالي والنفيس، ويقدمون أرواحهم ودمائهم وأبنائهم فداءاً لها، وهذا حقهم الذي لا ينازعهم عليه أحد، ومن حقهم علينا أن نقف معهم وننصرهم بكل ما نستطيع، وأهم ذلك نشر ظلامتهم وعدالة قضيتهم، بينما يقف على المسار الآخر عدد من المهزومين المخدوعين بالصهاينة وأعوانهم وإعلامهم الكاذب، واذا كان لزاما الاختيار بين المسارين، فإننا نقف وسنقف دائماً الى جانب الحق الفلسطيني حتى النفس الأخير.