عن حل الدولتين: فات السبت ب… اليهودي

ميخائيل عوض
الأمور والتطورات ومجريات الحرب الواسعة بساحاتها الست وجبهاتها التي توحدت لأول مرة، ووعد السيد حسن نصرالله وخطابه العبقري، وما يقوله الناطق باسم كتائب القسام والناطق باسم سرايا القدس، والكفاءة العالية لمقاتلي غزة الاشاوس، وحقيقة توازنات القوى الكلية والجزئية في هذه الحرب الواسعة والشاملة.
كلها تجزم بان غزة وبرغم الدمار والعدد الهائل للأطفال والنساء والابرياء الشهداء والجرحى ستخرج من هذه الجولة بانتصار ثمين ومغير في الأحوال والتطورات المستقبلية وتعيد صاغة الصراع وقواعده وقوانينه وتوازناته.

إذا تحقق سيناريو استمرار حرب الاستنزاف، فالنتيجة المنطقية لمسارات الاحداث تحولات تنبئنا بتحرير فلسطين من البحر للنهر خلال أشهر لا سنوات، وإذا تحقق سيناريو الهدنة بعد أن يرهق الإسرائيلي والاميركي ويفشلون في تحقيق أهدافهم بسحق حماس أو تهجير الفلسطينيين، وهذا محقق بحسب غالبية الخبراء، فالمسألة سنتين على أبعد تقدير.
فالهدن بعد الحروب لتستمر لا بد لها من غطاء دبلوماسي وحراك سياسي. والغطاء والحراك كما تفيد المعطيات المادية والوقائع المعاشة والتصريحات سيكون تفعيل العمل تحت عنوان حل الدولتين، والعودة إلى مبادرة عبدالله في قمة بيروت 2002. وقد تعقد مؤتمرات اقليمية ودولية وتصدر قرارات لمجلس الامن تؤكد عليه وعلى قر 242 و338، ومن غير المستبعد تكليف روسيا والصين واميركا لرعاية التفاوض بعد سابقة تكليف أميركا والاتحاد السوفياتي وتفرد أميركا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، فروسيا والصين دول كبرى ولها مصلحة ودور في الاقليم.
فهل ما زال حل الدولتين ممكن أو له قابلية للحياة والتنفيذ؟

في المبدأ الزمن لا يعود إلى الوراء، وما تم اختباره وفشل لا يمكن العودة إليه، ” لو بدها تشتي كانت غيمت” وفي ظروف استجدت وبعد حروب وجولات غيرت من الوقائع والمعطيات وتوازنات القوى، وبالأصل فليس من تجربة سابقة في التاريخ؛ ان حق قومي قبل القسمة والتجزئة. والصراع  لانتزاع الحق القومي ينتهي اما الى ابادة صاحب الحق كما جرى مع الهنود الحمر او استعادته بطرد الغزاة والمحتلين. وهو الجار في فلسطين كما تحقق في الجزائر وفيتنام وغالبية التجارب التاريخية.

وفي الوقائع والتجارب والقوانين فالتسوية تقع عندما يقبل المظلوم التنازل عن جزء من حقه اتقاء لشر الظالم وجبروته.

وكانت الظروف مناسبة حتى عام 1994 عندما أعطى رابين وديعته للأسد والتزم بانسحاب حتى حدود الرابع من حزيران، وقامت إسرائيل بقتله رفضا للفكرة والمبدأ ومنذ قتله لم تتحرك قضية المفاوضات والتسوية التي وصفها البعض بالعادلة والشاملة والأرض مقابل السلام.

وفي الوقائع التي جرت خلال الخمسين سنة الماضية إن إسرائيل عندما اعترف لها فلسطينيون وعرب التسوية بحق لها في فلسطين تمادت وسعت لانتزاعها كلها، ولم تلتزم باتفاقات او تعاقدات او اي اجراءت فقامت بتصفية الرئيس عرفات، واسقطت اوسلو وحولت السلطة واجهزتها الى حراس سجون في الضفة وتمادت في للاستيطان والتهويد، وتكشف مشروعها عن تهجير للفلسطينيين الى سيناء والاردن، كما في جولة طوفان الاقصى والحرب الجارية.

واسرائيل الأكثر تطرفا من اي وقت مضى. والتي قتلت رابين من غير المنطقي ان تقبل حل الدولتين الذي يلزمها بتفكيك المستوطنات في الضفة والجولان. واذا قبلته تسقط ذريعتها الدينية والتاريخية في ارض الميعاد فمملكة يهودا قامت في يهودا والسامرة اي الضفة الغربية.

ولأن إسرائيل تعرف أن اقرارها بحق الدولتين ينهيها ويؤسس لسقوطها واندثارها، رفعت اليوم شعار سحق حماس وتهجير غزة وترتكب المجازر وتقتل وتدمر ورفع قادتها شعار صحيح؛ انها في حرب وجود. اي اقرت واقر قادتها ان هذه الحرب ستنهي وجودها مادام انتصارها فيها من المستحيلات عمليا وبحسب كل مدارس ومذاهب الحروب، وهي تعجز في الميدان وتنهض الشعوب ضدها، وتتوسع الجبهات وتزداد التهابا واشتعالا.

على افتراض أن أميركا والاطلسي وقد دخلوا الحرب مباشرة لحماية اسرائيل قادرين على الزامها بقبول حل الدولتين.

فإعادة هيكلة اسرائيل تحتاج الى دور نشط وفاعل أميركي في بنيتها  وامريكا دخلت انتخاباتها الرئاسية التي ستعيد هيكلة أميركا نفسها، وتاليا تحتاج أميركا لسنة ونصف لتصبح قادرة على العمل لإعادة هيكلة اسرائيل واقله تجريب حظها وقدرتها.

وفي الواقع ومعطياته اذا وقفت الحرب وذهبنا الى الهدنة فستنقلب الامور الى الضد والمتوقع ان تنفجر ازمات إسرائيل الداخلية التي كانت ملتهبة وتهددها بحرب اهلية وستنفجر في وجه نتنياهو وحكومته والمتطرفين الحاكمين .

وبمجرد وقف النار سيهرول حاملي الجنسيات الاخرى للرحيل بحسب استطلاعات الرأي وتنفجر خلافات قد تبلغ الاشتباكات بين المتطرفين والسلاميين في اسرائيل ما سيؤكد الاختلالات في موازين القوى كلها لصالح المقاومة والمحور والشعب الفلسطيني ولا شيء يمنع ان تنتقل الاحداث وتعصف في الضفة وفلسطين ال48.

وبكل الاحوال فبمجرد ان يعترف العالم وتعترف اسرائيل او بعضها بحق الشعب الفلسطيني ببعض فلسطين سيرتكز لها الفلسطينيون ويطالبون بفلسطين كلها بلا اي نقصان، خاصة بان من يقود الحرب في فلسطين فصائل تأسست على انها ارض وقف لا يجوز التفاوض عليها واو منح احدا حصة فيها، ومدعومة من محور حارب وصمد وضحى ودمرت بلاده وجاعت شعوبه لأنه رفع شعار تحرير فلسطين والقدس ورفض التسويات والتفريط.

في الجاري ووقائعه ومعطياته يمكن التبشير بقرب تحرير فلسطين وايضا القول لدعاة ومريدي حل الدلتين..
عدا السبت ب… اليهودي.
وايضا سبق السيف العذل.
فقد فاتت الفرصة وليس من بد الا التحرير الكامل من البحر الى النهر، فالحق القومي لا يقبل القسمة، فكيف وخلفه شعب ومحور وامه وتقاتل وتقاوم، وتمكنت واصبح المحور هو من يقرر ويقود ويفرض التطورات والاحداث ويبادر الى المعارك وينتصر ويراكم النقاط بالجولات، وجولة طوفان القدس تأخذ صفة الحرب وتوحدت الساحات وتجري على وقع ما يرغبه المحور زمنيا وبالسلاح وبإشعال الجبهات وتسعير الحرب عندما يريد او تحتاجه غزة، فانتصارها وانتصار حماس قرار اعلنه السيد وسيكون ويتحقق.
فلا دولتين ولا من يخزنون.

فلسطين دولة واحدة سيدة وحرة عربية والقدس عاصمتها الابدية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى