الإرهاب الصهيوني يستمر والعجز العربي أيضاً

بقلم محمد حسن العرادي – البحرين

الصهاينة لايؤمن جانبهم أبداً، ولا يلتزمون بإتفاقاتهم مطلقاً، وشراهتهم للقتل والذبح والمجازر والاحتلال والتوسع لا تتوقف ولن تنتهي، وبينما هم يعززون قدراتهم وامكاناتهم على القتل والغدر، ويستعينون بالولايات المتحدة الأمريكية وأغلب الدول الأوربية التي تدَعي الإنسانية وتدعو إلى الالتزام بالمواثيق الدولية وحقوق الإنسان وحماية الأقليات في كافة أرجاء الدنيا، معتبرين أنفسهم ودولهم المسؤولة عن حماية هذه المواثيق الأخلاقية والإنسانية، نظراً للمكانة المتقدمة التي يحتلونها على رأس دول العالم، إلا أنهم يتنكرون للحقوق العربية مطلقاً ويقبلون بالإرهاب الصهيوني ويحتضنونه تحت عناوين شتى، ليبرروا إزدواجية المعايير والكيل بمكيالين عند مراجعة القضايا التي يتبنونها.

ولاشك أن الإرتباط الأوربي والأمريكي بالصهيونية العالمية بات أكثر وضوحاً وتكريساً بعد حرب الإبادة في غزة ولبنان، بسبب الأصول والممارسات المشتركة بين أنظمتهم الإستعمارية التي أبادت شعوباً وأمماً من على وجه البسيطة وإحتلت أراضيها وصادرت ثرواتها، لتبني مجدها وحضارتها الغربية المقيتة، على أنقاض الشعوب المحتلة والمصادرة في كل من أمريكا وأفريقيا وآسيا وأستراليا، لذا فإن تصرفاتها لا تختلف عما يفعله الصهاينة من جرائم الإبادة الإنسانية ضد الشعب العربي بشكل عام والشعب الفلسطيني بشكل خاص، هكذا نفهم تطابق المواقف وتوافق وتشابك المصالح بين الطرفين.

لقد وجد الكيان الصهيوني في أوروبا وأميركا السند والحليف الموثوق الذي يمكنه الاعتماد عليه في تغطية جرائمه وحمايته من الادانات الدولية، بل ومده بكل ما يحتاجه من سلاح وعتاد وآلات قتل وإبادة، حتى بات الطرفان شركاء في الجرائم والحصار والإرهاب والاستغلال، وانتهاك كافة المعاهدات والاتفاقات والمواثيق الدولية، لذلك إستمرت “اسرائيل” في ممارساتها الإرهابية غير عابئة بالصراخ ودموع التماسيح التي تذرفها بعض حكومات الدول العربية، والاجتماعات والقمم العربية التي تكتفي بإصدار بيانات الادانة الخجولة، وترسل مبعوثيها إلى أمريكا والدول الأوروبية مستعطفة مترجية الضغط على الكيان الصهيوني لوقف المذابح وحروب التطهير العرقي والقتل الممنهج التي يشنها على فلسطين ولبنان وسوريا.

وكل ما تفعله أمريكا وأوروبا هو أنها تقوم بنقل الرسائل والمبادرات العربية الباهتة إلى الكيان الصهيوني، ثم تشرب معه أنخاب النصر والتوسع ومصادرة الأراضي العربية في ظل هذا العجز العربي المريب، الذي قد يصل إلى حد التآمر، حتى أصيبت أغلب الشعوب العربية باليأس والقنوط، الذي تحول إلى بلادة وعدم إكتراث بالجرائم الصهيونية وكأنها تحدث في عالم غير عالمنا، وكأن هذا الدم المسفوح في غزة هاشم والضفة الغربية ولبنان وسوريا ليس دماً عربياً ومسلماً، وكأن العرب لا يرتبطون مع شعوب هذه الدول بأية روابط إنسانية وقومية أبداً، لذلك تستمر الحياة على وتيرتها وإيقاعها في أغلب الدول العربية، تسير برامجها الإعلامية والترفيهية كالمعتاد، رقص ومسلسلات وأفلام وبرامج فكاهية ومسابقات في مشهد تراجيدي غريب ومؤلم، وكأن المجازر والمذابح ومشاريع التوسع والتمدد الصهيوني تحدث في مياه البحر الكاريبي مثلاً.

لقد أضحى الفلسطينيون واللبنانيون والسوريين ضحايا للمرة الألف، وكل ما تفعله الأنظمة العربية هو أن تدين وتشجب وتستنكر، وتؤكد تمسكها بالمبادرة العربية القائمة على حل حل الدولتين التي طرحتها القمة العربية في بيروت 2002، عن أية مبادرة عربية لا نزال نتحدث بينما الإرهاب الصهيوني حوّل غزة إلى أرض منكوبه غير صالحة للحياة، وحول جنوب لبنان وضاحيته الجنوبية الى أرض محروقة وإحتل أكثر من 5000 كم2 من الأراضي السورية بعد أن قضى على الجيش العربي السوري ودمر كافة طائرات ودباباته ومخازنه ودشمه العسكرية، وصارت سيارات العدو وآلياته ومجنزراته تسرح وتمرح بدون حسيب أو رقيب، ثم نجح في أشعال الفتن بين مكوناته من الحروب والمعارك الطائفية والمذهبية التي لا تبقي ولاتذر.

هل نحن في زمان الردة والهزيمة العربية التي تحتاج إلى قيادات جديدة تمتلك القدرة على قول كلمة لا، وتقف أمام هيجان الثور الأمريكي والاجرام الصهيوني،أم هل ترى أن هذا العجز والجبن العربي المقيت سيجد له من يبرره ويدافع عنه، بحجة أن الأوراق جميعها بيد أمريكا سيدة العالم بدون منازع، فهل ننتظر الإنصاف يأتي ممن يعلن جهاراً نهاراً دعمه المطلق لكل المشاريع الصهيونية، مبرراً مواقفه بأن “أرض إسرائيل” صغيرة وتحتاج إلى توسعة، مطالباً تارة بتحويل غزة إلى ريفيرا الشرق الأوسط، وأخرى إلى تهجير الفلسطينيين وتوزيعهم على الدول العربية، وأخرى إلى إنشاء دولة فلسطينية في الأردن أو سيناء المصرية، وأخيراً المطالبة بإقامتها على أراضي المملكة العربية السعودية، أو ما نرى هذا الاصطفاف السافر، فلماذا لا يغير العرب من سياساتهم واستراتيجياتهم، ويهبوا إلى دعم صمود الفلسطينيين واللبنانيون، فيمدونهم بالسلاح والعتاد والأموال لتعزيز صمودهم، حتى لا يجتازهم ويكتسحهم الإرهاب الصهيوني ويصل إلى بقية الدول العربية التي لم تعد في مأمن أبداً.

لقد انكشفت جميع خيوط المؤامرة، وبات جنود الصهاينة يحملون خارطة “اسرائيل الكبرى” على أكتافهم والبستهم العسكرية بشكل علني، فهل يشك أحد من الحكام العرب بأن ما يصيب الفلسطينيين واللبنانيون والسوريين اليوم، سيصيب بلادهم غدا أو بعد غد، وبدعم أمريكي وأوربي وقح وصريح، فأين ذهبت العقول العربية العسكرية والاستراتيجية القادرة على إستقراء المستقبل، وهل يحتاج المستقبل إلى من يقرأه بعد كل هذا الوضوح في الخطط والتصريحات الأمريكية والصهيونية، وهل لا يزال هناك من يعول على إتفاقيات التطبيع البائسة، أو اتفاقات وقف إطلاق النار الهشة مع “اسرائيل” فها هي تنتهكها وتعود إلى قصف غزة وتستمر في مهاجمة الضفة ولبنان وسوريا غير عابئة بأحد، وها هي تبيد في يوم واحد من القصف أكثر من 400 شهيد فلسطيني، دون أن يستنكر أو يبالي أحد، فإلى متى يستمر هذا العجز العربي المشين.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى