
لماذا أرفض السلام مع “إسرائيل” واي تطوير لورقة اتفاق وقف اطلاق النار مرفوضة؟
كتب الدكتور علي بيضون
شخصيًا، أرفض فكرة السلام مع إسرائيل، ليس من منطلق عاطفي أو أيديولوجي فقط، بل بناءً على اعتبارات سياسية، اقتصادية، وأمنية تجعل هذا السلام غير ممكن وغير مفيد للبنان في الوقت الحالي. إليكم الأسباب الرئيسية وراء موقفي:
1- الأسباب السياسية: التطبيع يعني الاستسلام بشروط إسرائيل الاحتلال لا يزال قائماً: إسرائيل لا تزال تحتل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والان ٥ نقاط جديدة وترفض الاعتراف بالسيادة اللبنانية على هذه الأراضي. فكيف يمكن الحديث عن سلام قبل انسحاب كامل وإنهاء الاحتلال؟
لا التزام بالاتفاقات: التجربة مع إسرائيل تُظهر أنها لا تحترم الاتفاقات، كما رأينا في اتفاقات أوسلو، حيث استمرت في الاستيطان والتهجير والاعتداءات حتى بعد توقيع اتفاقيات “سلام” مع الفلسطينيين. كيف يمكن الوثوق بها في أي اتفاق مع لبنان؟ وآخرها ورقة اتفاق وقف إطلاق النار.
انتهاكات مستمرة للسيادة اللبنانية: إسرائيل تنتهك الأجواء اللبنانية يوميًا عبر الطائرات الحربية والاستطلاعية، وتشن هجمات بين الحين والآخر على مناطق في لبنان. أي “سلام” يمكن أن يُبنى بينما العدو لا يزال يتصرف وكأن لبنان بلا سيادة؟
2.- الأسباب الأمنية: التطبيع يعرض لبنان للخطر
السلام يعني التخلي عن الدفاع عن لبنان: أي اتفاق سلام سيعني عمليًا إنهاء لبنان عن الدفاع، مما سيجعل لبنان مكشوفًا أمنيًا أمام أي عدوان إسرائيلي مستقبلي، لأن إسرائيل لن تتوقف عن محاولة فرض هيمنتها على المنطقة.
تهديد الأمن الداخلي: التطبيع سيخلق انقسامات داخلية حادة في لبنان، حيث أن معظم اللبنانيين يرفضون إسرائيل ككيان، وأي خطوة نحو السلام قد تؤدي إلى صراعات داخلية خطيرة بين مؤيدي ومعارضي التطبيع.
3- الأسباب الاقتصادية: إسرائيل ليست بوابة للخروج من الأزمة
إسرائيل ليست مفتاح الحل الاقتصادي: البعض يروج لفكرة أن التطبيع مع إسرائيل قد يفتح فرصًا اقتصادية للبنان، لكن الحقيقة أن الاقتصاد الإسرائيلي لن يفيد لبنان بل قد يُهيمن عليه، مما سيؤدي إلى إضعاف القطاعات الإنتاجية اللبنانية وجعلها تابعة للمشاريع الإسرائيلية.
النفط والغاز تحت التهديد: حتى بعد ترسيم الحدود البحرية، إسرائيل لا تزال تهدد المصالح اللبنانية في الغاز والنفط، وأي اتفاق معها قد يكون على حساب الثروات اللبنانية، حيث ستسعى إسرائيل دائمًا للحصول على امتيازات اقتصادية على حساب لبنان.
إسرائيل لا تساعد بل تسيطر: أي تعاون اقتصادي مع إسرائيل لن يكون متكافئًا، بل سيكون بطريقة تجعل لبنان تابعًا لها اقتصاديًا، مثلما فعلت مع دول أخرى في المنطقة، مما سيفقد لبنان استقلاله الاقتصادي.
الخلاصة: لا سلام قبل الحقوق والسيادة
لا يمكن الحديث عن “سلام” في ظل استمرار الاحتلال، والتهديدات الأمنية، ومحاولات السيطرة الاقتصادية. لبنان ليس بحاجة إلى سلام زائف يخدم إسرائيل أكثر مما يخدمه، بل بحاجة إلى تحقيق سيادته الكاملة، واستعادة حقوقه، وتعزيز اقتصاده بعيدًا عن الهيمنة الصهيونية. لهذا، أرفض أي تطبيع مع إسرائيل قبل تحقيق العدل، الحرية، والسيادة الكاملة للبنان.