
هل يمكن تفكيك منظومة التطبيع – 2
بقلم محمد حسن العرادي – البحرين
عندما تتفكر في اتفاقيات التطبيع التي وقعتها الدول العربية مع الكيان الصهيوني ستجد أن اقدمها تعود الى مبادرة كامب ديفيد حين قرر الرئيس المصري الراحل أنور السادات زيارة “إسرائيل” في 19 نوفمبر 1977، وبناء عليها بدأت اتفاقيات التطبيع مع هذا الكيان الإرهابي تتوالى في سياقات متباعدة فجاءات:
1- إتفاقيات كامب ديفيد مع مصر 17 سبتمبر 1978م.
2- اتفاقية أوسلو مع السلطة الفلسطينية في 13 سبتمبر 1993.
3- اتفاقية وادي عربة مع الأردن في 26 اكتوبر 1994،
4/ 5 – الاتفاق الابراهيمي للسلام مع الامارات والبحرين في 15 سبتمبر 2020 .
6- اتفاقية التطبيع السودان في 23 اكتوبر 2020
7- اتفاقية التطبيع مع المغرب في 10 ديسمبر 2020.
ولم تفلح الضغوط الأميركية في إدخال بقية الدول العربية الى مساق التطبيع الملتبس رغم الكثير من المحاولات على مدار نصف قرن خاضت خلالها “إسرائيل” العديد من الحروب العدوانية ضد الدول العربية، وتم خلالها تدمير كل من سوريا والعراق ولبنان وليبيا من أجل اضعافها واجبارها على الاعتراف والتطبيع مع العدو الصهيوني، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، ما هي نتيجة هذه الاتفاقيات التطبيعية المرّة.
إن المتتبع لسير هذه الاتفاقيات التطبيعية وخاصة أقدمها وهي اتفاقية كامب ديفيد التي تجاوزت 45 عاما واتفاقية أوسلو التي تجاوزت 31 عاماً وإتفاقية وادي عربة التي تجاوزت 30 عاماً، لم تسفر أي منها عن نتائج ايجابية لهذه الدول والتي خضعت للضغوط والتي أبرمت تحت ظِلها هذه الإتفاقيات المرة والمؤلمة، وعبر السنين سقطت كل الوعود بالرخاء الاقتصادي والسلام السياسي والنهوض التنموي التي قُدمتْ لتبرير توقيع هذه الاتفاقيات التي تحولت مع الزمن إلى حبر على ورق.
إن هدف توقيع هذه الاتفاقيات المرّة كان ولا يزال على الدوام هو اقناع الشعوب العربية بتقبل هذا الكيان اللقيط في جغرافية وديموغرافية المنطقة ككيان طبيعي يتم التعامل مع سكانه بشكل إعتيادي، يسمح لهم بالدخول في شراكات وتعاملات طبيعية وإعتيادية، لكن هذه الأهداف سقطت أمام رفض عربي شعبي عارم، جعل هذه الاتفاقيات مجرد أطر رسمية غير مؤثرة وغير قادرة على الاندماج والانسجام مع المجتمعات العربية التي بقيت تقاوم كل محاولات التطبيع رغم الكثير من المؤامرات التي صيغت لتمرير هذه الاتفاقيات البائسة.
وحين فار طوفان الأقصى وأطلق حمم النار على اتفاقيات ومحاولات التطبيع مع هذا الكيان الإرهابي، فأسقط رهاناته وقضى على أمنياته وتطلعاته، تراجعت على الفور كل محاولات التطبيع التي قادتها أميريكا لحماية صنيعتها وربيبتها ” إسرائيل” وتوقفت كل مسارات التطبيع والتمييع والتلميع، واضطرت الانظمة المطبعة لخفض وتيرة الاتصالات مع الكيان الصهيوني، بل وسمحت بخروج المسيرات والتظاهرات المطالبة بالغاء التطبيع وقطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية مع هذا النظام الفاشي، بل وصل الأمر الى برلمانات الدول المطبعة فارتفعت أصواتٌ وصرخاتٌ تُطالب بالغاء إتفاقيات التطبيع وطرد السفراء الصهاينة.
إن ذلك يؤكد بما لا يدع للشك بأن مشاريع التطبيع مع النظام الصهيوني، هي مشاريع واتفاقيات هشة، سرعان ما تذوي وتتراجع عندما يحين وقت الاختبار الحقيقي، ومهما طال امد هذه الاتفاقيات الجوفاء ومهما وجدت موطئا لاقدامها عند بعض المتمصلحين والمستفيدين من نتائجها، فإنها لن تتمكن من اختراق المجتمعات العربية، ومهما طال زمنها فانها ساقطة لامحاله، وسوف يأتي اليوم الذي تتفكك فيه منظومة التطبيع مع الكيان الصهيوني، ونراه أقرب مما يتوقع المؤيدون لهذه المسارات والمجبرون عليها، وللحديث صلة.