سعد الدين: الفن هو وسيلة تواصل حسية تخاطب العقل الباطن
حاوره محمد زيدان
من خلال دراستة وخبرتة العملية لأزيد من عشرين سنة أصبح مخرج فنى للعديد من الأعمال الشهيره فقد أحب الإخراج منذ الصغر وهواه من خلال دراسته كمهندس مناظر طبيعيه وقد تحقق حلمه فقد أصبح مخرج فنى للعديد من الأعمال الدراميه الشهيره والأعمال السينمائيه
انه مهندس المناظر السينمائيه ومصمم الديكور أحمد سعد الدين.
هل تستطيع من خلال هندسة المناظر والديكور فقط أن تصنع عملاً فنياً تعبر به عن مشاعر الآخرين سواء كانت فرح أو حزن أو تناقش قضية ما أو توجه رسالة للناس ؟
بالطبع لأ، السينما عمل جماعي لابد أن تتكامل فيه العناصر ، أنا مسئول عن العناصر البصرية بالإشتراك مع زملائى في قسم الإخراج والتصوير والأزياء والخدع السينمائية والمؤثرات البصرية وغيرهم، لا يوجد أحد فينا يستطيع أن يصنع عمل بمفرده وهذا يرجع لطبيعة الوسيط السينمائي نفسه .
هل ترى أن عملك من القواعد والأسس التى لا يمكن الإستغناء عنها فى بناء وصناعة السينما أو الأعمال الفنيه عموما سواء كانت مسرح أو مسلسل أو غيره أم أنه من الممكن القيام بأعمال فنية بدون عملك ؟
أعتقد أن المنظر السينمائي هو نقطة البدء في صناعة أي صورة سواء بوظيفته الفيزيائية وهي احتواء الحدث ، أو بوظيفتيه التشكيلية والدرامية، من غير منظر سينمائي لا توجد عناصر ننورها او نصورها، وبالتالي إجابتي إنه لأ لا يمكن القيام بعمل سينمائي بدون قسم هندسة المناظر.
إشرح بكل وضوح ما هى طبيعة عملك تحديداً فى المركز القومى للسينما وما هى الأنشطة الفنيه التى يقدمها المركز القومى للسينما للجمهور بإعتبارك وكيلا لإدارة الديكور بالمركز؟
طبيعة عملي بالمركز تنقسم إلى قسمين فني : وهو دوري الطبيعي في السوق الحر أو في المركز كمهندس مناظر بصمم وأنفذ أفلام .
والدور الثاني دور إداري : وهو المساهمة في إدارة الشعبة وتوزيع الأعمال على المهندسين بالقسم والمتابعة والأمور المالية وخلافه .
أما عن دور المركز فهو دور تاريخي في دعم المواهب الجديدة وتيسير فرصة العمل الأول للمواهب السينمائية، بالإضافة لتنظيم أحد أهم المهرجانات الدولية وهو مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي .
هل شاركت فى أعمال فنية تابعة للمركز القومى للسينما أم لا وما هى الأعمال إن وجد وكيف كان إقبال الجماهير عليها وكيف أثرت على الناس وإلى أى مدى ترى من وجهة نظرك أنها ساهمت فى وعى وثقافة الجماهير فنياً ؟
بالطبع شاركت في العديد من الأعمال في المركز القومي للسينما، أذكر منها : فيلم التحريك ” بره وجوه ” إخراج محمود المصري والفيلم التجريبي” أوقات ” إخراج عبد الله الغالي , وفيلم إيقاف الحركة “صحبة” وكلهم حصلوا على مجموعة من الجوائز.
هل تم نقد بعض أعمالك الفنيه من قبل نقاد سينمائيين وما هو سبب هذه الإنتقادات ؟
تم نقد بعض أعمالي بالفعل وكان أغلبها نقد إيجابي والحمد لله ، وكان خيوط المعازيب صاحب نصيب الأسد من هذا النقد الإيجابي حيث جاء من نقاد مصريين وعرب .
من هو أول أستاذ تعلمت على يديه هذا العلم وماهى أهم الأشياء التى تعلمتها منه ومن الأساتذه التى تليه؟
الحقيقة أنا كنت محظوظ جدا في أساتذتي، لكن لو بتسألني عن أول أستاذ فهو فنان المناظر العظيم محمود محسن، وطبعا لا أستطيع أن أنسى أننى تلمذت على يد العظيم الراحل صلاح مرعي، وغيرهم من الأساتذة والمهندسين الذى بفتخر إني اتعلمت على أيديهم أو اشتغلت معهم .
ما هو تعريف الفن من وجهة نظرك كأستاذ جامعى وكرجل أكاديمى وصانع لبعض علوم السينما وكيف يتم النهوض والإرتقاء به ؟
الفن من وجهة نظري هو وسيلة تواصل حسية، بتخاطب العقل الباطن وليس الواعي , وبالرغم من وجود التنظير العلمي الأكاديمي للفن إلا أنه ليس علم وليس موضوع علمي، إنما هناك ما يسمى بعلوم دراسة الفن، أما الفن نفسه فلا يصنف أكاديميا على أنه علم، شأنه شأن الدين والفلسفة كلها موضوعات غير علمية لكن لها علوم لدراستها .
أريد منك فى عُجالة أن تقارن بين الفن فى القرن الماضى العشرين منذ الثلاثينات وحتى نهاية القرن وبين الفن منذ بداية ٢٠٠٠ وحتى الأن ؟
هذا سؤال واسع جدا في نطاقه الزمني، لا أستطيع أن أوجد له إجابة مختصرة، إنما أستطيع أن أقول أن كل زمن وله مميزاته وعيوبه، من أهم مميزات سينما القرن الواحد والعشرين هو تطور الإمكانات التقنية، وهذا أدى لقفزة كبيرة في العناصر البصرية ككل، أما سينما القرن العشرين فكانت أقوى في السيناريوهات والموضوعات المتناولة كانت أكثر جرأة.
أذكر لى بعض الأعمال الفنيه سواء كانت مصريه أو أجنبيه التى تراها من وجهة نظرك هى الأفضل على الإطلاق وتعلمت منها الكثير وكانت سبباً فى تغيير قوانين وتعديل سلوك العديد من الناس وارتقت بأخلاقهم وأفادت الكثير من الشعوب على مستوى العالم ؟
ليس بالضرورة أن يرتقي الفن بالأخلاق، لكنه من الجيد جدا والمستحب، أما عن الأعمال التي أنا شخصيا بتوقف عندها فيلم ” أرض الخوف” إخراج داوود عبد السيد، هو مدرسة من المدارس التر تعلمت منها الكتير.
ما الفرق بين الأعمال الفنيه الصامته والأعمال الناطقة وما هو الأكثر تأثيراً على المشاهد من وجهة نظرك وهل التكلفة تكون متساويه أم تختلف ؟
من سنين طويلة لم يكن هناك إنتاج عمل واحد صامت، أعتقد لعدم وجود سبب لهذا النوع من الأعمال , باستثناء فيلم عظيم اسمه “The Artist” إخراج Michel Hazanavicius والذى تم إنتاجه سنة 2011، وإختيار إن الفيلم يكون صامت كان بيخدم المدلول الدرامي للفيلم نفسه، ورغم هذا الفيلم نطق في آخر مشاهده .
هناك العديد من الآراء الفنيه وآراء الجماهير تقول أن معظم الأعمال الفنيه لم تعد تعتمد على المواضيع الهادفه والأوراق أى السيناريو والحوار لها لم يعد جيداً وأصبحت تعتمد فى المقام الأول على المادة فانحدرت إلى أقصى درجة ولم تعد هادفه أو قيمة وغير مفيده وتضر البيئه أخلاقياً وتلوث المجتمع فكرياً وتسببت فى تفكيك الأسر وتدمير أجيال هل لدينا أزمة ورق ؟
بالطبع ليس لدينا أزمة ورق إنما لدينا أزمة إنتاج وأزمة توزيع، قلة فرص التوزيع خارج النطاق العربي جعلت العائد المادي غير مقابل للميزانيات الضخمة، المنتج ليس بخيل , المنتج من حقه يعرف هيصرف كام ويكسب كام , فبالتالي التحمس لموضوعات غير نمطية وغير متكررة بيكون ضعيف جدا بسبب قاعدة أن رأس المال جبان، بالإضافة لبعض المعايير الرقابة الصعبة بتكون ضد المفهوم هم بيدافعوا عنه نفسه وأحيانا كثيرة فيه أعمال بتترفض من منطق ” الباب اللي يجيلك منه الريح سده واستريح ” , أما المواهب فلا تعد ولا تحصى والسيناريوهات مرمية في الأدراج مش لاقية من ينتجها لو وضعت فوق بعضها ستكون أطول من برج القاهرة , ومن يريد ورق حلو يكلمني وأنا سأدعمه بمواهب لا يحلم بها .
هناك آراء تقول أن الفن بمعنى الكلمة رسالة ساميه وعظيمه تسمو بالروح وترتقى بالأخلاق ولها قدسيتها مثل العباده ما تعليقك على هذا ؟
أعتقد أن الآراء في هذا الشأن متطرفة بعض الشئ في الجانبين، بمعني مثلا جملة أن الفن يرتقي للعبادة أنا أرفضها، لا يوجد شئ يرتقي للعبادة بكل تأكيد ولا يوجد شئ مقدس إلا المقدسات الدينية المأمورين بتقديسها، فهذاه بالنسبالي رأي متطرف جدا .
وهناك رأي آخر يقول أن الفن ليس رسالة من الأساس ولا يجوز تحميله برسائل، وهذا كذلك رأي متطرف بالنسبالي ولا يعبر عن علم بالفن على الإطلاق .
ورأي العلم بيقول إن الفن وسيط هدفه الأساسي هو التسلية، وله القدرة الأكبر على التأثير على المتلقي وحمل الرسائل , واللي بندرسه لتلاميذنا في التكوين الدرامي هو السيمياء أو علم العلامات , يعني فيه علم كامل متفرع منه مباحث علمية اخرى بتشرح بس ازاي العنصر يكون حامل للعلامة , يعني شايل رسالة للمتلقي , فببساطة لو انت عملت فيلم يسلي الناس لكن ما أستطيع القول إنه ليس فيلم , هو فيلم وجميل وأدى أول أغراضه , انما ده أضعف الإيمان , إزاي يكون في ايدك الأداة الأقوى في التأثير على المتلقي وتدخل تسليه فقط وتمشي هذا بالنسبالي شئ غريب .
ما قولك فى ” أنك مسؤل مسؤلية كاملة عن أمانة ورسالة الفن التى تتعلق فى عنقك بإعتبارك من رواد الفن وأحد صناع علوم السينما , وملتزم أمام الله ثم أمام نفسك والجماهير أن تؤدى الأمانة وتنشر الرسالة على أكمل وجه ؟
لا أعتبر نفسي أستحق لقب ” أحد رواد الفن ” أنا لازلت أصغر من هذا اللقب بسنين ضوئية، إنما أتمنى ربنا يعطينى العمر والفرصة التى تجعلنى أستحقه في يوم من الأيام أكيد .
أما عن المسؤلية فأتفق تماما مع مقولة الإنسان مسؤل مسؤلية كامل عن إختياراته وعن أفعاله أمام ربنا وأمام التاريخ وأمام ضميره الشخصي .
بكل صدق وشفافيه هل أنت راضى عن أعمالك الفنيه بنسبة كام فى المائة تقريبا ؟
60%
ما هى أعمالك الفنيه الحاليه ؟
إنتهيت من تصوير فيلم سينزل قريبا بإذن الله وحاليا بحضر فيلم .
لو قلت لك قول كلمتين من قلبك فى شكل نصيحة ووجههم لكل الناس إلتى ستسمعك سواء كانوا من الوسط الفنى أو الجمهور فماذا تقول وبما تنصح ؟
أنصح نفسي ومن سيقرأ هذا الكلام ألا يعتقد أنه صاحب حيل في الرزق أو العلم، إجتهاد الإنسان وسعيه شئ وحصوله على ما يعتقد أنه الصالح شئ تاني تماما، لا حيلة في الرزق ولا شفاعة في الموت .
أما صناع السينما فالقيمة هي التي تدوم وهي اللى بتعيش وهي التى بتعمل الفلوس لو ربنا رايد الشكل ده من الرزق , والتنازلات لا توسع الرزق بأي شكل من الأشكال، واسأل مجرب : الحق أحق أن يتبع .