المجالس بين صياغة الرأي العام والتنفيس والاستعراض – 2

كتب محمد حسن العرادي

لاشك أن المجالس البحرينية المنتشرة في أغلب مناطق مملكة البحرين أصبحت تلعب دوراً كبيراً في طرح ومناقشة الكثير من الملفات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، حتى أنها اصبحت أكثر قوة من الجمعيات السياسية التي باتت تربط أنشطتها بقدر تواجدها وتفاعلها مع أنشطة هذه المجالس الأسبوعية، ويُلاحظ في هذا المجال بأن بعض المجالس صارت محسوبة على هذه الجمعية أو تلك، وربما ساحات خلفية لممارسة أنشطتها السياسية بحرية أكبر بعيدا عن اعين الرقيب والمحاسبة.

كما يلاحظ بأن بعض الجمعيات السياسية وجدت في ظاهرة المجالس الأسبوعية متسعاً ومتنفساً تستطيع من خلاله طرح أفكارها ومواقفها السياسية ورؤاها الإقتصادية، بل وإثبات وجودها النشط والتخفيف من أعبائها المالية والتنظيمية، وهكذا يمكن القول إنها استعاضت عن افتتاح مقار خاصة بها من خلال الانتظام في حظور مجلس أو أكثر بشكل يتناسب مع عدد العناصر النشطة في أطرها وقدرتها على الإنتشار ، الأمر الذي يوفر لهذه الجمعيات بيئة مجتمعية مناسبة وتفاعل مستمر وتغطية إعلامية مجانية بعيداً عن الحساسية والمراقبة الأمنية، كما أن تواجدها في هذه المجالس صار يتماهى مع مطالب الناس بصورة أكبر، ويمنح عناصرها هامشاً سياسياً أكبر من تنظيم الفعاليات والمنتديات السياسية في مقارها التنظيمية.

لقد تحولت المجالس الأسبوعية إلى ظاهرة بديلة عن المنتديات والفعاليات والأنشطة التي كانت بعض الجمعيات تنظمها بشكل أسبوعي، ولا يرتبط ذلك بالجمعيات السياسية المنحلة بسبب الأحكام القضائية فقط، كما قد يتصور البعض بل يمكن تعميمه على جميع الجمعيات السياسية التي يحاول بعضها الهروب من مصير الجمعيات المنحلة والابتعاد عن أي صدام محتمل مع الجهات الأمنية أو السياسية.

ولا بد من الاعتراف بأن ظاهرة المجالس النشطة والمعنية بالشأن العام تتمتع بحضور أكثر قوة في المناطق التي يقطنها المواطنين السنة، كالرفاع والمحرق وبعض مجالس مدينة حمد، بينما تعاني المجالس في المناطق التي يقطنها المواطنين الشيعة من حضور رتيب وخجول، لا يتجاوز المظاهر الاجتماعية في معظم الأحيان، في تحاشٍ واضح لممارسة أي نشاط سياسي، مع أن هذه المجالس هي متنفس الناس للحوار حول كل شئونهم الحياتية، وربما تحتاج هذه المفارقة للدراسة والبحث، وللحديث صلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى