مصر والسعودية… بلدان ينبضان بقلب واحد
كتبت الدكتورة أية ال عبد العزيز
“لا غنى للعرب عن مصر ولا غنى لمصر عن العرب” جملة لا تسقط بالتقادم جاءت على لسان الملك عبدالعزيز آل سعود منذ زمن طويل، وبرهنت الأيام على صدقها، وأكدتها على وجه الخصوص العلاقات الاستراتيجية العميقة التي تربط الشقيقتين مصر والسعودية شعباً وقيادة .
والمواقف التاريخية تشهد بأن السعودية لم تتردد يوماً في دعم مصر فى كل الأحداث والتطورات الخطيرة التي مرت بها لا سيما خلال السنوات الأخيرة، وبالتحديد منذ اندلاع ثورة يناير 2011 وما تلاها من أحداث أثرت كثيراً على القاهرة، وكانت شقيقتها بجوارها تدعم قيادتها من أجل استعادة الاستقرار ، وفي نفس الوقت فإن التاريخ يسجل العديد من المواقف التاريخية التي تشهد على انحياز مصر الكامل لدعم السعودية في كل ما يخدم مصالحها ويضمن استقرارها.
أقول ذلك في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة من أزمات وحروب تستدعي توحيد الرؤى ووحدة الصف العربي لمواجهتها ، لا سيما وأن العلاقات المصرية- السعودية شهدت ازدهاراً كبيراً خلال الفترة الأخيرة تحت قيادة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي ومولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
فعلى مستوى الزيارات تبادل الزعيمان الزيارات والتي تشهد مشاهدها على مدى الحفاوة والترحيب في الاستقبال من الجانبين، وهي أيضاً الزيارات التي أكدت على توحيد الرؤى بشأن قضايا المنطقة وكشفت أن القيادة السياسية في البلدين الشقيقين تقدر قيمة وثقل الأخرى وتعلم دورها المحوري في تحقيق التكامل العربي.
كما شهدت العلاقات طفرة كبيرة على مختلف الأصعدة على مستوى التعاون الثنائي في الاستثمارات، وكذلك تبادل الخبرات العسكرية وخلال السنوات الماضية تم توقيع عدد كبير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات بشكل جعل المملكة أكبر شريك تجاري لمصر في المنطقة، وتكلل هذا أخيراً خلال لقاء وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الذي تناول المراحل النهائية لتدشين مجلس التنسيق الأعلى المصري- السعودي، برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي وولى العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وهو المجلس الذي سيلعب دوراً كبيراً في تعميق العلاقات الثنائية، في مختلف المجالات.
وبخصوص الموقف من القضايا العربية فإن هناك تنسيقا دائماً بين الجانبين، حيث ترتكز المواقف المشتركة للبلدين على الرفض التام لكافة التدخلات الإقليمية في شؤون الدول العربية أيا كان مصدرها، كونها تشكل تهديداً لاستقلال وسيادة الأراضي العربية وتفكيكا لوحدتها الوطنية.
و تدعم الدولتان بشكل دائم كافة المبادرات السياسية والحلول السلمية لكافة أزمات المنطقة، في سوريا واليمن وليبيا والسودان، وفقاً لقرارات مجلس الأمن والمبادرات الاقليمية والمرجعيات ذات الصلة، بما يحافظ على استقرار هذه الدول، ووحدة ترابها الوطني، ويضع مصالحها الوطنية فوق كل الاعتبارات، ويؤسس لحل دائم يكفل الأمن والاستقرار لشعوب هذه الدول، بمعزل عن التدخلات الخارجية، كما أعلن البلدان كامل الإدانة للاعتداءات الإسرائيلية على الأشقاء في فلسطين ولبنان ورفضا الممارسات الإسرائيلية الرامية لإشعال النيران بالمنطقة.
وفي النهاية أؤكد أن مواقف القيادة السياسية لكلا البلدين تكشف أن مصر والسعودية بلدان ينبضان بقلب واحد تجمعهما علاقات استراتيجية وأخوية تجعلهما يدا واحدة وتقودهما إلى التعاون الدائم… حيث أن وضع سيدي ولي العهد صاحبُ السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ـ حفظه الله ـ أجيالَنا الجديدة أمام التحدي الحقيقي (تحدي المستقبل).