
نادي الحكمة، إلى أين؟ إلى متى؟
موسى الخوري
وكأن الدنيا توقفت فجأة ولم يعد للناس سوى حديث عن موضوع واحد ملأ الدنيا وشغل الناس. فقد نسي الجميع الهموم المعيشية والاقتصادية اليومية التي تقض كل مضاجع اللبنانيين. كذلك لم يعد الموضوع السياسي وتشعباته المختلفة مادة مهمة للنقاش.
باختصار، كل شيء اصبح ثانويًا امام موضوع واحد، اذ لا نبالغ اذا قلنا ان موضوع صفقة انتقال لاعبي ونجمي الحكمة لفريق كرة السلة في الموسم الفائت سيرجيو الدرويش وعلي مزهر وللاعب مارك خويري (المعروف بلقب بوبو) ومدرب النادي الاخضر جو غطاس الى نادي بيروت، اضافة الى تجديد العقد للاعب بيروت وقائد المنتخب اللبناني على حيدر، هو الموضوع الاكثر اهمية وسخونة وتداولًا بين كل فئات وشرائح المجتمع اللبناني المقيم وحتى المغترب. كيف لا وقد نجح نادي بيروت في ابرام ما يمكن اعتباره صفقة الموسم لا بل ابرز الصفقات في عمر الدوري اللبناني لكرة السلة.
كما علم عن انضمام لاعب الحكمة الدولي والبارز في التسديد من خارج القوس جان مارك جرّوج الى نادي الدينامو.
ومن الطبيعي انقسام الرأي العام الى مؤيد ومعارض لتلك العملية. ولكن المتابع لأوساط النادي الشعبي الأخضر يدرك تمامًا انه من خلال الكلام المتداول على الارض او عبر الردود والردود المضادة عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي (وما اكثرها نشاطًا في الآونة الأخيرة) يدرك تمام الادراك ان النقمة على ادارة النادي البيروتي العريق اكبر بكثير من التأييد له. اذ يكفي القول ان جمهور نادي الحكمة اجمع على ان ادارته تأخرت في بت موضوع التجديد لنجوم الفريق. كما ان الخلاف الذي كان نوعًا ما مستترًا بين رئيس النادي ايلي يحشوشي وبعض ممولي النادي واعضاء مجلس امناء الحكمة طاف وظهر الى العلن مع نهاية الموسم. وفهم الجميع ان تمويل النادي “طار” وطارت معه الآمال ببناء فريق منافس، سواء في كرة السلة او القدم، اصبح أمرًا بعيد المنال اقله في المدى القريب. فإذا ركزنا على كرة السلة، عرفنا جيدًا ان حصة الاسد من نجوم لبنان ومنتخبه باتت الآن بين فرق الرياضي وبيروت وبدرجة اقل الدينامو، ولم يبق للحكمة سوى الاعتماد على بعض الوجوه المحلية الشابة التي لا تقدر على تعبئة الفراغ الذي سيتركه كل من الدرويش ومزهر على ارض الملعب.
بعض المشجعين، عن حسن نية طبعًا، اعلنوا تأييدهم الاعمى للنادي بغض النظر عن من سيكون في صفوفه، فالولاء للقميص قبل اي شخص او موضوع آخر. ولكن بعض المنظرين شنوا هجومًا شرسًا على ادارة نادي بيروت متهمين اياها بسرقة نجوم الحكمة والمنتخب. ولكن نسي او تناسى هؤلاء ان لعبة كرة السلة في لبنان ارتفع مستواها واصبح موضوع الاحتراف هو الميزة الاساسية التي ترسم العلاقات بين الاندية واللاعبين. وان اي نادٍ كان ليفعل نفس ما فعله نادي بيروت لو اتيح له ضم لاعبين من مستوى الدرويش ومزهر ومدرب من طينة جو غطاس. ادارة الحكمة سارعت الى “ترقيع” الموضوع، اولًا عبر الاستعانة بالمدرب الاسطوري للاخضر غسان سركيس الذي سيباشر مهام تدريب الفريق فور انتهاء عقده في الموسم الحالي مع النادي الاهلي الحلبي، وثانيًا عبر اصدار بيان اعتذار لرحيل نجوم ومدرب الفريق، ولكنه اتبعه بتبرير لعدم تجديد اللاعبين لعقودهم بحجة حصول اتفاق مبدئي منذ فترة بين ادارة الحكمة والمدرب واللاعبين على اتمام صفقة التجديد. يا جماعة الخير، اذا اردنا ان نشتري اي شيء تفوق قيمته بضعة ملايين الليرات، اول ما نفعله هو الاتفاق على السعر، فكيف يكون الوضع اذا اراد طرفان الاتفاق على عقود تفوق قيمتها المليون دولار؟ ثم اين هم الممولين الذين كثر الحديث عنهم في الآونة الاخيرة بين اروقة النادي الاخضر (حكي عن لبناني مقيم في الخليج وعن آخر في اوروبا)؟ الم يكن جديرًا بإدارة الحكمة ان تكون اكثر تمسكًا بالممولين الحاليين الذين ساعدوا النادي على الخروج من ازمته مؤخرًا؟
اقرأ أيضا:
ادارة نادي بيروت استغلت الامر، وهذا حقها، وابرمت صفقة ممتازة عبر استقدام لاعبي منتخب لبنان ومدرب الحكمة كما التجديد لقائد المنتخب علي حيدر، واي نادٍ كان قادرًا على استقدامهم كان حدا حذو بيروت وفعل الأمر نفسه. والاهم من هذا كله ان ادارة نادي الحكمة فشلت في الحفاظ على وعودها سواء بإعادة البطولة الى خزائن ناديها في الموسم الفائت او في تحسين ميزانية الفريق الى ٤٠٪ (ولو كان ذلك صحيحًا، لسارع نجوم ومدرب الفريق الى تجديد عقودهم مع النادي الجماهيري دون الذهاب الى اي مكان آخر).
يبقى ان يتأمل جمهور الحكمة ان ينجح غسان سركيس في اعادة بناء ما تصدع في جدران الفريق الجريح الذي يبحث عن من ينتشله من الحالة المذرية التي اصبح فيها. ولكن الامر لن يكون سهلًا ابدًا.