العالم لا ينحني إلا للأقوياء

كتب عيسى سيار *
الرئيس الأميركي جو بايدن في لقائه برئيسة وزراء إيطاليا فى البيت الأبيض قبل أيام جورجيا ميلوني الرئيسة الدورية لقمة السبع قال بالحرف الواحد: إنه يأمل فى نجاح مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحماس وإطلاق سراح الأسرى والإسراع في إيصال المساعدات… وهنا مربط الفرس أو كما نقول بالعامية “القمندة”، فقد وضع الرئيس الأميركي الكيان الصهيوني كدولة في كفة وحماس بقامة دولة في الكفة الأخرى، ولم يأت على ذكر السلطة الفلسطينية او منظمة التحرير الفلسطينية لا من قريب أو من بعيد، والسبب أن طوفان الأقصى البطولية فرضت واقعاً فلسطينياً وعربياً جديداً لا يمكن تجاوزه وجعلت من اتفاقية أوسلو وكل اتفاقيات التطبيع هباء منثوراً بل بالأحرى كشفت عورتها.

ولن أبالغ في توقعاتي إن قلت إن الدولة الفلسطينية أصبحت على قاب قوسين أو أدنى قريبة من أن تطل برأسها من على سطح الماء، وأن تستنشق عبير الحرية والانعتاق من نير المحتل الصهيوني الفاشي، بعد أن كادت أن تغرق في أعماق البحر ويطويها النسيان بسبب فاشية الكيان الصهيواميركي والرئيس أبو مازن وجوقته. ولن أبالغ بالقول أيضاً إنه وبعد أن تحط الحرب الكولونية الهمجية على غزة رحالها سوف يعاد النظر في الكثير من المواثيق الدولية، والتي مرغها الكيان الصهيوني والفيتو الأميركي في الوحل، حيث أرى بأن هناك إمكانية لإعادة هيكلة مجلس الأمن الدولي أن توفرت الإرادة والإصرار عند تحالف بريكس وبعض الدول العربية النافذة.

إن قناعاتي الراسخة كباحث تقول إن الدولة الفلسطينية الموعودة لم ولن تأتي من خلال المفاوضات، حتى لو استمرت تلك المفاوضات إلى يوم الدين، فالمفاوضات العبثية التي قادتها السلطة الفلسطينية في فترة حكم أبو عمار ومن ثم أبو مازن لم تستطع تحرير شبر واحد من الأراضي المحتلة، ولم تستطيع أن تطلق سراح أسير فلسطيني واحد! بل نصبت السلطة الفلسطينية في عهد الرئيس أبو مازن نفسها حامية للكيان الصهيوني من خلال الاتفاق الأمني سيء الصيت والفعل، ورغم أن السلطة جعلت نفسها مطية للكيان الصهيوني أو كما نقول بالعامية “طوفة هبيطة”، وباعت المقاومة وتهكم رئيسها عباس يوماً ما على صواريخها التي زلزلت الكيان الصهيوني حيث نعتها بالعبثية!؟ والحقيقة أن الوقائع أثبتت بأن مفاوضاته مع الصهاينة هي العبثية والتي لم تجر على الفلسطينيين إلا المزيد من الذل والدمار وسرقة ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، تحت سمع وبصر العالم، بين قوسين الحر والديمقراطي وللعلم حتى أكل وشرب أبو مازن تتحكم فيه تل أبيب.

إذن على ماذا يراهن أبو مازن وجوقته والعرب المطبعين، والبعض الآخر من الذين ينتظرون دورهم بلهفة للتطبيع مع الكيان الصهيوني؟

إن الزيارات التي يقوم بها القادة والمسؤولين الغربيين إلى أبو مازن وجوقته في مبني المقاطعة في رام الله هي فقط لا تخرج عن كونها حملات علاقات عامة، ومن أجل اضفاء الشرعية على السلطة الفلسطينية التي لم يتبق لها تحكمه في الضفة الغربية إلا مبني المقاطعة ومساحته لا تتعدي الكيلو متر الواحد، والكيان الصهيوني هو من يتحكم في كل صغيرة وكبيرة.. ألم يقم الكيان الصهيواميركي بتصفية أبو عمار بعد أن أصبح بطاقة منتهية الصلاحية بالنسبة إلى الكيان الصهيوني بعدها نصب أبو مازن الذي سوف تنتهي صلاحيته قريباًظ ولكن هذه المرة ليس من خلال الكيان الصهيوني بل من خلال الإجماع الفلسطيني بعد مواقفة المخزية هو وجوقته من طوفان الأقصى البطولية والمقاومة الفلسطينية الباسلة.

إن أنظار العالم وعدساته بشكل عام والكيان الصهيوني بشكل خاص تنتظر تصريحات حماس بفارغ الصبر، وخاصة عندما يخرج القائد السياسي إسماعيل هنية أو القائد العسكري أبو عبيدة بتصريح، فتري الكيان الصهيواميركي، بل العالم الغربي برمته يهتز من أقصاه إلى أقصاه ليعرف ما الذي سيتفوه به الإثنين هؤلاء الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله، والذين يعيشون فى المنافي والانفاق رجالاً آمنوا بربهم ورسوله وبشعبهم وارضهم هم من يقف لهم العدو قبل الصديق احتراماً وتقديراً، وليسوا القابقعين في مبنى المقاطعة أبو مازن وجوقته والذين ينامون على الحرير والديباج.

كل العالم يتحدث عن طوفان الأقصى، وأصبحت المقاومة الفلسطينية بشكل عام وحماس بشكل خاص أيقونة، بل سموفونية عالمية يسمعها الصديق ليستمتع ويتغني بها، ويسمعها العدو لكي يعرف كيف حصلت وتشكلت وماهيتها واتجاهاتها وتأثيراتها على الكيان الصهيواميركي، بل على العالم برمته وأن غداً لناظره قريب. وعلى مسؤوليتي كباحث يمكنني القول إن رجال طوفان الأقصى البطولية هم من سيخرج الفرح من رحم الأحزان، وهم من سيخرجون الدولة الفلسطينية إلى النور، إن توحدت إرادة الشعب الفلسطيني ووقفت خلف مقاومته الباسلة… شاء من شاء وأبى من على قوله الرئيس الراحل ياسر عرفات.. والأدلة عديدة منها تزايد المطالبات العالمية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وكان آخرها وليس أخيرها نية إيرلندا وإسبانيا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية والحبل على الجرار ..

وسؤالي المفصلي هنا: أين القادة العرب والمسلمين من هذا الحراك الغربي الرسمي والشعبي تجاه القضية الفلسطينية؟ أين جيوشهم؟ أين بترولهم؟ أين أموالهم؟ أين إرادتهم؟ أين قرارات جامعتهم العربية ومنظمتهم الإسلامية بكسر الحصار؟

ألم تتحرك بعد الدماء فى عروقهم من هول ما يتعرضوا له أنباء جلدتهم من مجازر وحشية؟ هل ماتت نخوتهم؟ هل ماتت عروبتهم؟ هل ضعف إسلامهم؟ هنا نترحم على الزعيمين المصري جمال عبدالناصر والسعودي الملك فيصل بن عبدالعزيز، ونستذكر مواقفهما المشرفة والشريفة التى جعلت الغرب يقف على أصابعه وينحني لهما… فهل لنا أن نرى قريباً جمالاً أو فيصالاً؟
فمن يرفع الشراع؟

* باحث وأكاديمي بحريني
ملاحظة:
حقوق المقال محفوظة للكاتب من يرغب في إعادة نشره له الشكر ولكن من دون إضافة أو تعديل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى