
دروس من الحياة – 4 (احترم شركاءك ولا تصادر رأيهم)
بقلم محمد حسن العرادي – البحرين
35 سنة مرت تقريباً على محاولاتنا الأولى لتأسيس صندوق عراد الخيري، ورغم أن تلك المحاولات باءت بالفشل في أول الأمر ، إلا أنها نجحت بعد ذلك بعشر سنوات وأثمرت اطاراً خيرياً فاعلاً يشار له بالبنان، وقد تحول الصندوق الذي أسسناه في العام 1998 إلى جمعية تحمل إسم جمعية قرية عراد الخيرية وهي تهتم بالمواطنين من قرية عراد وباقي مناطق البحرين وتقدم لهم العديد من المساعدات، إلا أنني أجدني أتساءل عن صحة الطريقة التي باشرناها من أجل إقامة ذلك الصندوق في بداية الامر، والتي ربما تكون أحد أسباب خسارتنا لما يقارب 10 سنوات، تأخر فيها قيام تلك المؤسسة الخيرية الأهلية التي أصبحت ذات شأن وتأثير في عالم العمل الخيري.
أتساءل صادقاً بشأن الأخطاء التي ربما نكون قد ارتكبناها بعدم إجراء المزيد من المشاورات بين أهالي القرية والشخصيات الفاعلة فيها آنذاك، ربما كان لدى بعضهم أفكاراً أخرى أو حسابات مختلفة، ماذا لو مدَدَنا فترة المشاورات والحوار معهم شهوراً إضافية، سنة أو سنتين لفهمهم واستيعابهم وتهدئة مخاوفهم وضمهم إلى جانب المشروع، من المؤكد أننا لو فعلنا ذلك، لكسبنا بعض الوقت والجهد، وحتماً لم نكن لنخسر 10 سنوات كاملة من الإنتظار والمراوحة، لقد أخذتنا العزة بالنفس وإعتقدنا بأن علاقاتنا ومعارفنا مع بعض الجهات الرسمية ستوفر لنا نجاحاً مؤكداً من دون الحاجة للإنتظار، كان من المفروض أن نكسب الشخصيات المختلفة معنا حتى لو كنا نعتقد بأنها متحاملة في ذلك الوقت وتعمل على عرقلة جهودنا الخيرة.
لقد كنا نعتقد بأن نجاحنا في تأسيس الصندوق سيجعل الآخرين يحتفون بهذا النجاح ويسارعون إلى الإلتحاق بعضويته، لكن الحقيقة هي أننا كنا مصابين ببعض الغرور والثقة المفرطة بالنفس، ولا شك أننا وجدنا الكثير من الأعذار والحجح التي بررنا بها لأنفسنا الإستفراد بقرار التأسيس، ومهما كانت نوايانا سليمة وطيبة، فإن كل ذلك لايبرر الخطوات المعوقة التي قام بها البعض ضد المشروع ، لقد تسببوا بشكل مباشر في تضييع الفرصة، لمساعدة كثير من الأسر المحتاجة والمعوزة في القرية لو أن الصندوق تأسس في الوقت المقترح، وربما كان ذلك لأنهم حاكموا نوايانا وإفترضوا بأننا ننطلق من الرغبة في السيطرة وكسب الوجاهة وتحقيق السبق، وكان بإمكانكم التواصل معنا دائما، لكن ذلك لا يعفينا من المسؤولية أيضاً، لأن من يعتبر نفسه ويقدمها متقدمة ومبادرة ورائدة مطالب بأن ينتبه لكافة الأمور.
أعتقد بأننا جميعاً في ذلك الوقت كنا فاقدين للقدرة على الحوار والتواصل مع بعضنا البعض، وأننا ضيعنا الكثير من الوقت حتى نصل إلى لحظة توازن تجسد وتؤكد قدرتنا على العمل المشترك وتقبُل الآخر كما هو وليس كما نريد، لقد آن الأوان لنتخلص من أنانيتنا وقيودنا وذاتيتنا وهواجسنا الداخلية التي تُكبل قدرتنا على الإعتراف بحق الآخر في أن تكون له كلمة في القضايا العامة والأمور المشتركة والشؤون العامة. ولا شك فإن من بين الدروس المهمة في الحياة التي يجب أن نكتسبها ونتصرف وفق معاييرها، صفات التواضع والقبول الحقيقي بالشراكة المجتمعية وعدم تنصيب أنفسنا أوصياء على الآخرين مهما بررنا ذلك بالحرص على المصلحة العامة، وأقنعنا أنفسنا بأننا الأفهم والأقدر على التشخيص اتخاذ القرار وللحديث صلة.