غزة وحراك الجامعات الأميركية
الشعوب تتحد وتنهض لوأد العالم الانكلو- ساكسوني
ميخائيل عوض
تطورت تشكيلات الوحدات الاجتماعية للبشرية ارتقاء من الجماعات البدائية في المشاعيات الى العائلات والقبائل والشعوب وتحققت في عقود اممية حقبتين حضاريتين ارتقت بالتشكيلات وعلاقاتها والقوانين الناظمة للحياة البشرية على وجه الكوكب.
دشنت اتفاقية قادش ١٢٦٨ ق.م العصر الحضاري الاول للبشرية ثم اتفاقية وستفاليا ١٦٤٨ م افتتحت العصر الحضاري الثاني وامنت صعود الرأسمالية كتشكيلة اقتصادية اجتماعية سياسية سادت حتى بلغت ذروتها في هيمنة امريكا بنموذجها الانجلو ساكسوني الليبرالي المتوحش.
بلغت الحاجة لعصرنة الحياة البشرية زمن وجوب نقلة نوعية تعيد تأسيس القوانين والقواعد الضابطة والناظمة للحياة وللعلاقات بين البشر افراد وهويات وجماعات ونظم بما ينسجم مع منتجات العصر وثقافته وقيمه ووسائط الانتاج التي تحولت الى اقتصاد العقل البشري والتفاعلية بنواتج الثورات التقنية وما بلغته وارسته فاعلية الشبكات والوسائط.
لأكثر من خمسين سنة توطنت الصراعات والحروب في جغرافية العرب وبيئتهم فاستعصت عملية ولادة العالم الجديد وانتقال البشرية للعصر الحضاري الثالث.
جرت محاولة لعملية قيصرية من اوكرانيا الا انها لم تنتج ولادة ومازال المخاض يشتد.
عادت جغرافية العرب الى دورها الفاعل بإنتاج الجديد وكما هي مسارات التاريخ تشهد لساحل وبر الشام والعربية القديمة بجناحيها الجنوبي اليمن والشمالي الشام في انتاج الجديد صارت بؤره التوتر والحروب والعملية القيصرية لتوليد العصر الثالث للحضارة البشرية من غزة وعلى جغرافية العربية من الناقورة الى بحر العرب والهضبة الايرانية في جبهات حرب لإسناد غزة ونصرتها.
ولأنها غزة والقضية الفلسطينية المحقة كحق قومي لا يقبل القسمة او التسوية والتفريط شكلت طوفان الاقصى الشرارة التي فجرت برميل البارود واشعلت النيران في الهشيم.
مذبحة غزة وحرب ابادتها كشفت حقيقة عسف وظلم قيم العالم الشائخ المتوحش. فأنهضت راي عالمي واسع وراديكالي وبدأت تطلق ثورات وتحركات وتنتج تغيرات بنيوية في قلب عواصم العالم الانجلو ساكسوني فأشعلت ثورة طلابية وشبابية في امريكا نفسها وريثة الليبرالية السكسونية المتوحشة.
حراك الطلاب والشباب والشعوب يتسع ويتخذ طابعا جديا وافقا عالميا تتحول معه قضية فلسطين وغزة الى العنوان الابرز والمحرك الاكثر ديناميكية وفاعلية.
الحراك الطلابي الامريكي وتعاطف الراي العام وتأثيراته البنيوية في اعادة صياغة النخب والنظم في اوروبا وامريكا تؤكد حقيقة ان البشرية جاوزت انقساماتها السابقة والكثير من القيم والعقائد والايديولوجيات البائدة وتبحث عن جديد ينسجم مع ما بلغته من تفاعلية خلاقة وقيم انسانية واجتماعية جمعية وتتحول الى العالمية في طورها الاكثر عصرية وانسانية وتعيد صياغة وتطهير العالمية من فرية العولمة بما هي اغتصاب امريكي للعالمية ومحاولة تنميط الحياة البشرية على قواعد وقوانين وطبائع الليبرالية المتوحشة.
غزة وطوفانها العجائبي وحراك الجامعات والشباب العالمي يستعجلان ولادة العالم الجديد ودفن العالم الانجلو ساكسوني المتوحش لتخليص البشرية من آثامه وانتقالها الى العصر الحضاري الثالث لتاسيس وبناء عالم ونظام عالمي جديد بقيمه وقوانينه وتشكيلاته ومن بوابة ومسرح ساحل الشام وبرها ومن العربية الجنوبية وبحارها الحاكمة.