
قنديل: الولايات المتحدة الأميركية شركة وليست قومية
اعتبر المفكر المصري عبدالحليم قنديل في حديث لـRT أنه ربما لا تصح المبالغة فيما يجري حالياً في ولاية تكساس الأميركية، لكن هناك عوامل تهدد تماسك الدولة الاميركية على المدى الأطول.
وقال قنديل: “لا أظن أن هنالك انفصالا قريباً للولاية لكن من جانب آخر هناك قلق في تكوين الولايات المتحدة الأميركية… الأسباب كثيرة من بينها أن الولايات المتحدة قائمة في الأصل كشركة أكثر منها قومية أو دولة”.
وأوضح أن الولايات المتحدة، كما وصفها المؤرخ الأميركي شيلزنغر قبل عشرات السنوات، هي شركة اقتصادية، وما يربط بين الناس فيها هو معدلات النمو الاقتصادي وتوزيع الدخول لكن الولايات المتحدة الأميركية تعرضت في السنوات الأخيرة لظاهرة لا ينبغي إغفالها، وهي تصاعد اليمين الشعبوى، أو بالدقة ما عكسته ظاهرة ظهور ترامب وما تنطوي عليه من معان تهدد ما يسمونه بالديمقراطية الأميركية.
وأشار إلى أن الاقتصاد الأميركي كما هو معروف اقتصاد رغم ضخامة حجمه فهو بالغ الهشاشة، وديون الولايات المتحدة الخارجية والداخلية تفوق إجمالي ناتجها القومي ربما بمرة ونص كما أن أميركا أيضاً تعد دولة طبقية بصورة فجة، فهناك الأغنياء والمتعلمون في مقابل الأقل تعليماً والأكثر فقرا، وهولاء الآخرون يعبر عنهم ترامب.
وأضاف أن هناك ظاهرة مصاحبة للظاهرة الترامبية هي الرغبة في عزل أميركا عن العالم، او بالدقة الاعتراف الضمني بتواضع دور الولايات المتحدة في العالم وضرورة أن تغلق على نفسها الأبواب مع الاضطراب الطبقي الواقع.
وهناك اضطراب آخر مصدره قديم، هو صراع ولايات الشمال وولايات الجنوب منذ زمن ابراهم لينكولن بل وقبله، وتوقع قنديل أن تزداد هذه الظاهرة بشكل مضطرد في السنوات المقبلة، وأن تمتد ظاهرة تمرد تكساس الحالية إلى ولايات أخرى، معتبراً أنه في المدى القريب سوف تزيد هذه التمردات داخل تكوين الولايات المتحدة، ولكن ربما في المدى الأبعد تتحول ظاهرة التمرد إلى رغبة في الانفصال والاستقلال عن تكوين الولايات المتحدة.
وحسب قنديل، فإن ما يجرى في الولايات المتحدة مبعثه خارجي تماما، وهو هذا التفاوت، الذى نبه اليه المؤرخ بول كيندي قبل عشرات السنوات، ما بين عضلات الولايات المتحدة ومعدتها بين ما تملكه من سلاح وبين ما تحوزه من اقتصاد. فإن نصيبها في الاقتصاد العالمي يتضائل مع صعود الظاهرة الصينية، ونصيبها في السياسة العالمية أيضاً يتضائل مع تحول العالم إلى تعدد الاقطاب بدلاً من سيادة القطب الأميركي الوحيد المهيمن.
وأضاف قنديل أن سمعة الولايات المتحدة في خارج حدودها كانت تعزز التضامن الداخلي، لكن انحطاط وتراجع هذه السمعة سوف يزيد في إمكانية التفكك الداخلي.