
أهمية إعادة مأسسة العمل الخيري – 4
كتب محمد حسن العرادي
في المرحلة الأولى من مأسسة العمل الخيري في البحرين، انطلقت الصناديق الخيرية وقدمت خدمات جليلة، وفي المرحلة الثانية تحولت الصناديق إلى جمعيات خيرية مارست أعمالاً أكثر تنظيماً وذات مردود مجتمعي أكثر إيجابية وساهمت في تعزيز التكافل المجتمعي، أما المرحلة الثالثة التي ندعو إليها فهي المناداة بتحول هذه الجمعيات الخيرية إلى جمعيات اجتماعية تنموية ذات أفق أكثر تنظيماً واتساعاً وتفاعلاً وتجاوباً مع احتياجات المجتمع المستحدثة، فما هي معالم هذه المرحلة.
إن أول معالم المرحلة الثالثة التي نطالب الجمعيات بالولوج إليها هي إنشاء أجهزة تنفيذية متكاملة موازية للأجهزة الإدارية المنتخبة لهذه الجمعيات، من أجل ضمان استمرارية العمل الخيري الاجتماعي ضمن وتيرة متصاعدة لا تتأثر سلباً بتغير العناصر التي يتم انتخابها لادارة هذه الجمعيات، والذين قد يحتاجون إلى فترة تكيف مع المسؤوليات التي يتسلمونها، ذلك أن وجود أجهزة تنفيذية سيضمن أستمرار تقديم خدمات مهنية عالية الجودة ضمن الخطط الاستراتيجية التي تقرها الجمعيات العمومية.
كما ان من بين ملامح هذه المرحلة أن يتحول العطاء الخيري إلى مشاريع منتجة قادرة على تحويل المتلقين إلى مساهمين والانتقال بهم من مرحلة الاعتماد والعوز إلى مرحلة العطاء وذلك يتطلب وضع واعتماد خطط وبرامج إجتماعية وتنموية متطورة تعتمد على تقديم خدمات متخصصة تستقرئ وتعالج الحالات المجتمعية قبل أن تتحول إلى حالات حرجة لا تستطيع العيش بدون الدعم المالي والعيني المباشر، وهو ما يمكن ان نسمية الوقاية قبل العلاج.
ونعني بذلك أن تعمل هذه الجمعيات من خلال الاخصائين الموجودين في أجهزتها التنفيذية على تحاشي تحول الأسر المتوسطة إلى اسر فقيرة محتاجة للدعم المباشر، وذلك بمساعدة أفراد هذه الأسر والشباب منهم على وجه الخصوص على إيجاد فرص عمل ذات مردود مجزي قادر على تحمل تكاليف المعيشة، وبلغة أخرى تحاشي وقوعهم في حالات الفقر المدقع والعوز الذي يتطلب دعم مالي مباشر ومنتظم .
من هنا فأننا نعتقد بأن المرحلة الثالثة بحاجة إلى التركيز على توظيف اخصائيين في هذه الجمعيات قادرين على دراسة المشاكل المجتمعية وتقديم مقترحات ناجعة لحلها، من أجل تحاشي تفاقمها وتحولها إلى معوقات للتنمية عن طريق دعم تحول الافراد والأسر إلى الانتاجية للمساهمة في تعديل أوضاعهم المعيشية وخلق ثقافة التكافل والتكامل والعمل المجتمعي التنموي بدل إستمرار حالة الاعتماد والحاجة للدعم المالي المباشر.