مع استمرار الحرب على غزة هل يستطيع الاقتصاد الإسرائيلي الصمود؟

بقلم د. ريم حمود

تتزايد التحذيرات اليومية التي تطلقها العديد من التقارير الاقتصادية بشأن تضرر الاقتصاد الإسرائيلي من طول أمد الصراع، مع استمرار الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة وبحسب ما أشارت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أحدثت الحرب على غزة هزات صادمة في اقتصاد إسرائيل البالغ حجمه 488 مليار دولار، ما أدى إلى تعطيل آلاف الشركات، وإرهاق المالية العامة، وإغراق قطاعات بأكملها في أزمة.

يقول الخبراء إن الصراع المستمر سيكلف الاقتصاد الإسرائيلي مليارات إضافية وسيستغرق وقتاً أطول بكثير للتعافي مما كان عليه في الماضي، بحيث دخلت إسرائيل الحرب باحتياطيات بقيمة 200 مليار دولار، ومساعدات بقيمة 14 مليار دولار، معظمها للتمويل العسكري، من الولايات المتحدة.

ووفقاً لمجلة “فورين بوليسي” انخفض الشيكل الإسرائيلي بالفعل إلى أدنى مستوى له منذ 14 سنة، وخفض البنك المركزي توقعات النمو الاقتصادي هذا العام من 3% إلى 2.3%، وتواجه الصناعات البارزة اضطرابات عدة، فيما البنك المركزي الإسرائيلي كان يعمل من وراء الكواليس لتوفير الاستقرار المالي حيثما استطاع، بما في ذلك تخصيص 30 مليار دولار لدعم العملة. بينما يعاني الاقتصاد الإسرائيلي من الحملة العسكرية المكثفة ضد “حماس”.

ووفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز” قال بنك إسرائيل منذ أيام “إنه أنفق 7.3 مليار دولار لدعم الشيكل الذي انخفض إلى أدنى مستوياته في ثماني سنوات بعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر. وعادت العملة الآن إلى ما كانت عليه قبل الغزو. وجرى التداول يوم الثلاثاء بنحو 3.87 شيكل للدولار.

وحذّر البنك المركزي الأسبوع الماضي من التأثير السلبي للحرب على الاقتصاد الإسرائيلي والأسواق المالية وخفض توقعاته للنمو.

وقال البنك إن النمو سينخفض إلى معدل سنوي قدره 2.3% العام الحالي و2.8% في 2024، مقارنة بمعدل نمو متوقع يبلغ 3% لكلا العامين، في آب، إذا ظلت الحرب مستمرة في غزة.

وحذرت وكالتان للتصنيف الائتماني من إمكانية خفض تصنيف ديون إسرائيل، اعتماداً على شدّة الصراع وطول مدته. وأوضحت الصحيفة أنّ من شأن خفض التصنيف الائتماني أن يزيد تكاليف الفائدة التي تتحملها الحكومة الإسرائيلية عندما تقترض المال.

ومع ذلك، فإن الاحتمال الذي يلوح في الأفق بشأن شن عملية عسكرية طويلة الأمد على غزة يعمق من الأخطار على الاقتصاد الإسرائيلي المضطرب بالفعل.

دعوات من رجال الأعمال

دعا حوالي 300 خبير اقتصادي إسرائيلي بارز رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو إلى حماية الاقتصاد من الانكماش الوشيك، والذي قالوا إنّه سيكلف عشرات المليارات من الشيكل. وكتبوا في رسالة مشتركة، الأسبوع الماضي: “أنت لا تفهم حجم الأزمة التي يواجهها الاقتصاد الإسرائيلي”.

وحثّت المجموعة على تحويل الأموال المخصصة للبرنامج الذي تمت الموافقة عليه في الصيف وتوجيهها بدلاً من ذلك لقطاعات الاقتصاد المختلفة، بدعوى أنه يجب إنفاق تلك الأموال على إعادة ترميم “الأضرار التي سببتها الحرب”، وتقديم المساعدة للضحايا، وإعادة تأهيل الاقتصاد.

من جهتها، أبلغت وزارة المالية الإسرائيلية الأسبوع الماضي قرارها بالموافقة على حزمة تعويضات الحرب للمساعدة في دعم الأشخاص والشركات، بما في ذلك إسكان الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من مناطق القتال.

وستقوم الحكومة بإنشاء صندوق لمساعدة الشركات على تغطية النفقات الثابتة، بما في ذلك رواتب الموظفين. وستقدم منحاً وقروضاً مدعومة من الدولة للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، بينما تنتظر الخطة موافقة الكنيست.

فيما أشارت “فاينانشيال تايمز” إلى أن نتانياهو تعهد بإنشاء ما يعرف باسم “اقتصاد تحت السلاح”، ووعد بتحويلات نقدية ضخمة للشركات والمناطق المعرضة للخطر على نطاق شوهد آخر مرة خلال جائحة “كوفيد-19”.

وتابع نتنياهو: “على مدى العقد الماضي قمنا ببناء اقتصاد قوي للغاية، ومهما كان الثمن الاقتصادي الذي تفرضه علينا هذه الحرب، فسوف ندفعه من دون تردد”، مضيفاً: “توجيهاتي واضحة، نحن نفتح الصنابير ونضخ الأموال لكل من يحتاج إليها”.

لكن كثيرين من قادة الأعمال الإسرائيليين قالوا إنّ حزمة المساعدات لم تكن كافية. فيما رحبَ بها آخرون وقال المنتقدون إنّ معايير الاستحقاق صارمة للغاية، بينما قال آخرون إنّ الإجراءات لم تقدم أي مساعدة للشركات الكبرى.

فيما قال رئيس رابطة المصنعين في إسرائيل رون تومر إنّ “الحكومة تتخلى عن شعبها” وتابع أن “العديد من أصحاب الأعمال لم يحصلوا على تعويض كامل عن أرباحهم المفقودة، وسيتعرضون لصدمة سيئة عن دفع حزم الرواتب المقبلة”.

وبحسب استطلاعات الرأي فإن نطاق الحرب الإسرائيلية على غزة يأخذ إسرائيل إلى منطقة مجهولة على رغم التأييد الشعبي الساحق للحرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى