أهمية إعادة مأسسة العمل الخيري – 12

كتب محمد حسن العرادي

سألني أحد الأعزاء العاملين في مجال العمل الخيري، لماذا تنادي بتحميل المزيد من الأعباء على كاهل الجمعيات الخيرية، ألا ترى أنها فعليا تعاني من كثرة الالتزامات والمسؤوليات الاجتماعية وتحاول التأقلم معها، خاصة بعد أن أصبحت توفر مبالغ طائلة لعمليات زراعة الكلى وزراعة الكبد وأمراض السرطانات والسكري وغيرها من الامراض المزمنة، ومسارات التعليم في مختلف المستويات المدرسية والجامعية، فضلاً عن مشاركاتها في توفير الدعم المالي للعديد من الأسر المعوزة التي تعيش تحت خط الفقر في الكثير من مناطق البحرين.

قلت له ياسيدي الكريم، ان المشاريع الاجتماعية والتنموية التي أنادي بها تصب في صُلب العمل الخيري، وهي تساعد على تخفيف الأعباء عن الجمعيات بصورة مباشرة وليس مفاقمتها، فالأسر البحرينية الميسورة الحال أو المكتفية ذاتياً، لن تكون سبباً في إرهاق ميزانيات الجمعية، وكلما تمتع المواطنون بالصحة السليمة والتعليم العالي، والقدرة التنافسية للحصول على العمل الجيد والمنتج، كلما كانوا في غير حاجة للحصول على دعم مالي من الجمعيات الخيرية.

وعلى العكس من ذلك فإن كل إخفاق اجتماعي وإضمحلال تشهده الطبقة الوسطى، سيساهم في إضافة محتاجين جدد لقوائم الحاصلين على مساعدات اجتماعية من الجمعيات الخيرية، وهكذا فان المشاريع الانتاجية التي توفر فرص عمل مناسبة، قادرة على تعزيز صمود هذه الأسر واستقرارها الاجتماعي، وفق فلسفة الوقاية خير من العلاج.

من جانب آخر، فان تعافي الطبقة الوسطى واتساعها واستقرارها، سيساهم في توفير المزيد من الداعمين والمتبرعين لعمل الجمعيات الخيرية، فضلاً عن تقليل الضغط على المساعدات المنتظمة أو الموسمية، لذلك فإنني أدعو مجدداً إلى أن تساهم هذه الجمعيات في اطلاق حزم من المشاريع المنتجة القادرة على تخليق وظائف جيدة المستوى تساهم في رفع القدرة المادية والتنموية للأسر الفقيرة والمعوزة.

إن دور الجمعيات الاجتماعية والتنموية في المستقبل سيتعاظم أكثر، وقد يكون هو الملاذ الأول للعديد من الشباب الذي لايجد فرص عمل جيدة، بسبب تغول الشركات واعتمادها على الوافدين الذي أصبحوا يهيمنون على أغلب القطاعات المنتجة ذات الوفرة المالية في بلادنا، وخاصة القطاع الصحي، القطاع التعليمي، قطاع المواد الغذائية، القطاعات الاقتصادية الاخرى، ولا بد للجمعيات الخيرية والاجتماعية من البدء في إختراق هذه القطاعات لضمان فرص أكثر لأبناء الوطن.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى