الحسين … يحيينا، يحمينا ويحفظنا

كتب محمد حسن العرادي
من لا يعرف الإمام الحسين عليه السلام حق المعرفة لا يستطيع أن يشعر بما يمثله الحسين في حياتنا، البعض يعتقد بأننا نحيي مراسم عاشوراء من أجل أن نحافظ على الطقوس والشعائر المذهبية التي ورثناها من أبائنا وأجدادنا دون هدف، إمعاناً منا في التشبث بذكريات وروايات الماضي، بل ويطالبنا بالتحضر والتطور ومغادرة مواسم الحزن ومواكب اللطم والبكاء على قضية مضى عليها أكثر من 1380 سنة.

ويعتقد هذا البعض بأن التزامنا بإحياء مراسم ومواقف عاشوراء الإمام الحسين هو نوع من العناد أو تحدي السلطات، باعتبار أننا (روافض) متمسكون بقصص تراثية أكل عليها الزمن وشرب، ولم يعد لها تأثير واقعي في حياتنا اليومية، لكن هؤلاء يرتكبون إثماً كبيراً، وانتهاكاً خطيراً لحرياتنا، وهم بطبيعة الحال يخطئون في قراءة مقاصدنا ويلتبس عليهم الفهم نتيجة ابتعادهم عن المشهد الحقيقي، ما يجعلهم يتدخلون في خصوصياتنا وشعائرنا ويطالبوننا بتقديم تفسيرات تتقاطع مع فهمهم وقراءتهم ونهجهم السياسي المتشنج في كثير من الأحيان، خاصة حين يستنكرون علينا الالتزام بمظاهر الحزن ولبس ونشر السواد على مآتمنا وحسينياتنا وبيوتنا والشوارع التي تخترق قرانا ومدننا، ويطالبوننا بنزعها والتخلص منها.

الإمام الحسين أيها السادة بالنسبة إلينا حياة وحماية وحفظ من الضياع في أتون هذا السيل العرم من الرذائل والمشكلات والانحلال الخلقي الذي يجتاح العالم على شكل موجات تسونامي موجهة ضد قيم مجتمعاتنا، الحسين يحمينا ويساعدنا على تحصين بيئتنا من هذا البلاء وافساد الذائقة الطبيعية للإنسان، الحسين هو من يجمع أبناءنا وبناتنا ويربيهم على الفضائل ومكارم الأخلاق، هو من يوفر لهم مظلة قيمية تحميهم من السقوط في براثن المثلية ومجتمع الميم، وما يخطط له الغرب ومؤسساته من العبث بالقيم والمبادئ وإلغاء للأسرة، وشطب مفاهيم التكوين الإنساني الفطري الطبيعي للمجتمعات القائمة على ذكر وأنثى.

في الحسينيات تتلقى أجيالنا جُرعات عالية من المبادئ الإسلامية والمُثل الحسينية والإنسانية التي تعلمهم الالتزام بالعلاقات الاجتماعية السليمة الراقية، تعلمهم أن الحياة تقوم على الترابط والتواصل والتعاون والعمل الجماعي وتبادل المحبة والتكافل والاطمئنان على الأهل والجيران والأصدقاء والمعارف والوقوف على أحوالهم واحتياجاتهم، أطفالنا يتشربون النموذج الإسلامي الصحيح المنطلق من الفطرة السليمة البعيدة عن الانحرافات، فاتركوا لنا ذلك الخيار فنحن في مجتمع يرعى الحريات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى