فرش طريقه إلى مكّة بالذهب
أجواء برس
تصدّر مؤسس شركة “أمازون” جيف بيزوس للعام الرابع على التوالي قائمة مجلة “فوربس” لأغنى رجل في العالم مع ثروة بلغت 196 مليار دولار. لكن تربّع بيزوس على عرش أثرى أثرياء العالم، لا يجعله بالضرورة أغنى رجل عرفه التاريخ. بل إن مراجع تاريخية عدة تتفق على أن حاكم غرب أفريقيا في القرن الرابع عشر، مانسا موسى، هو أغنى من عرفه التاريخ عبر العصور المختلفة.
أخيراً، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، وثائقياً قصيراً عن حياة موسى، جاء فيه أنّ مؤرخين كثرا اتفقوا على أن ثروته كانت كبيرة لدرجة يصعب إحصاؤها أو عدها أو حصرها. ووفق التقديرات الحديثة فإن ثروة موسى قد تقدّر بـ400 مليار دولار أميركي، كما نشر موقع Celebrity Net Worth عام 2012.
وُلد مانسا موسى عام 1280 لعائلة من الحكام. حكم شقيقه، مانسا أبو بكر، إمبراطورية مالي حتى عام 1312 ، عندما تنازل عن العرش للذهاب في رحلة استكشافية، مسلّماً الإمبراطورية لشقيقه مانسا موسى. تحت حكمه، توسعت إمبراطورية مالي بشكل ملحوظ، لتمتد من المحيط الأطلسي وصولاً إلى النيجر الحديثة، وتشمل مالي، والسينغال، وغامبيا، وغينيا، والنيجر، ونيجيريا، وتشاد، وموريتانيا، وبوركينا فاسو. ومع توسع الإمبراطورية باتت مواردها كبيرة جداً خصوصاً من الذهب والملح. ووفقاً لما نقلت “بي بي سي” عن المتحف البريطاني، فإن هذه الإمبراطورية استحوذت خلال حكم موسى على نصف ذهب العالم، وكانت كلها ملكا للإمبراطور.
وتقول كاثلين بيكفورد بيرزوك ، المتخصصة في الفن الأفريقي في “متحف بلوك للفنون” في “جامعة نورث وسترن” “بصفته الحاكم، كان لدى مانسا موسى وصول غير محدود تقريباً إلى أكثر مصادر الثروة قيمة في عالم العصور الوسطى… المراكز التجارية الكبرى التي كانت تتاجر في الذهب والسلع الأخرى كانت موجودة في أراضيه، وحصل على ثروة من هذه التجارة”.
ورغم كل هذا الثراء، فإن الإمبراطورية لم تكن معروفة كثيراً في باقي أنحاء العالم. لكن ذلك تغيّر عندما قرّر موسى الحج إلى مكّة، كأي مسلم متديّن ثريّ وقتها. فاختار طريقه إلى مكة، ليمّر في الصحراء، ثمّ مصر. غادر إمبراطوريته مع قافلة مؤّفة من 60 ألف رجل، من نبلاء وعسكر، وعبيد، وتجّار وسائقي الجمال، بالإضافة إلى صفّ طويل من الماعز والأغنام للطعام.
وكان الجميع، بمن فيهم العبيد، يرتدون الذهب وأفضل أنواع الحرير الفارسي.
ومع وصول القافلة إلى القاهرة وزّع موسى الذهب عشوائياً ورماه على الأرض، إلى درجة أن زيارته هذه إلى القاهرة أدت إلى انخفاض سعر الذهب في المنطقة لمدة 10 سنوات، مما أدى إلى تدمير الاقتصاد.
بعد وفاة مانسا موسى عام 1337، عن عمر يناهز 57 عاماً، ورث الإمبراطورية أبناؤه الذين فشلوا في الحفاظ على وحدتها، فانفصلت الدول الصغيرة. وكان وصول الأوروبيين في وقت لاحق إلى المنطقة هو المسمار الأخير في نعش ما تبقى من الإمبراطورية.
أما عن سبب عدم شهرة قصة موسى في العالم، فتقول مديرة “متحف بلوك للفنون” ليزا كورين غرازيوس “لا يزال يُنظر إلى تاريخ العصور الوسطى على أنه تاريخ غربي فقط”، وبالتالي فإن الأحداث المرتبطة بأفريقيا لم تحظ بالأهمية التي تستحق بعد.
العربي الجديد