فرصة التحوُّل من الكيان للدولة؟
بقلم: سلمان ف. عبدالخالق
بلد لا تُبنى سيادته إلا على مصالح شخصية ، يكون نهايته صعبة.
منذ إنشاء دولة لبنان الكبير عام 1920، أبى هذا الكيان أن يبني دولة، فجمع طوائفه ومذاهبه بإطارٍ هجين، وحاولوا جميعهم بقتل الدولة قبل أن تولد، حيث لم يمُر عشرة او خمسة عشر عاماً من دون الوقوع في كارثة تكاد تقضي على الكيان، لكن تحالف الخارج (الطامع) مع الداخل (العميل) والمحافظ على كرامة الطوائف في آن، حالا دون خسارة الكيان، لتبقى التجارة الشخصية رائجة والمتنفعين كُثُر.
فأبى البطريرك الحويك آنذاك إلا أن يُكمل الفسيفساء الطائفية بضم طرابلس السنية، والجنوب الشيعي، والبقاع السني، إلى لبنان الصغير المتمثل آنذاك بالماروني والدرزي ، فاكتملت اللعبة.
ومنذ ذاك الحين لم يستطع هذا الكيان من إيجاد نفسه والتفوق على ذاته ولو بغفلة لبناء وطن يجعل من الإنسان فيه له حقوقه وعليه واجباته، وفشلت الطبقة السياسية في إرساء المساواة والعدل بين المواطنين.
ما كرس التحالف الخارجي مع الطُغمة السياسية الداخلية ، خاصةً وأن على الخاصرة اللبنانية سرطان إسمه إسرائيل، زُرع بوعدٍ بلفوري لسلب ونهب ثروات العالم العربي من الخارج بأطماعها وجشعها، واستخدام داخله دكانة دائمة، لطبقة سياسية إمتدت لأكثر من مائة عام ، ولا ضير عندها من تحالف مع الشيطان لتأمين اسمراريتها ونهبها وفسادها.
وصولاً إلى الخمس سنوات الأخيرة ، اي منذ إندلاع ثورة 17 تشرين من العام 2019 ، كشَّرَت (الطُغمة) عن أنيابها بقوة وشراسة، وأثبتت مرة أخرى بتطويب هذا البلد لاستمراريتها وإقطاعيتها بحيث أمعنت في تفكيك الشبه دولة تارةً بحجة حزب الله ومقاولته، وطوراً بفساد الطبقة السياسية، وغالباً بتمرير المصالح الغربية (الترسيم البحري الذي تخلت من خلاله عن حقل كاريش النفطي) بالإضافة عن 1420 كلم² في المياه الإقليمية وبمفاوضات غير مباشرة لإعطائهم مصالح مباشرة وصلت بهم إلى حد الخيانة العظمى.
هذا كله بمؤازرة من الحلف الرباعي الذي مثل الدولة العميقة منذ العام 1990، حيث يخلق الأزمة ويقدم نفسه (الحلف الرباعي) كحل وحيد باستباحة الكيان من جهة، وتقديمه قربانا للخارج، وتصوير مكونات الكيان بتخويفهم من بعضهم لصياغة صيغة جديدة ليعودوا إلى الصيد الداخلي الثمين.
طبعا كل ذلك مع تطويع قطاعات المجتمع وإفشال الكيان، وعودته أضعف مما كان، وبذات التبعية.
وبعد طوفان الأقصى وما آلت إليه التطورات، وحماس حزب الله بالإسناد، وأخذ البلد باتجاه مُغاير للشعوب اللبنانية، ودخول الحرب بلعبة فوق طاقة الكيان، ما أدى ذلك إلى تهجير وتدمير وتطيير البلد.
أطل الحلف الرباعي من جديد بمبادرة خلاقة للعودة من جديد، وأيضاً بتحالف مع الإيراني، حيث يتفاوض مع الغرب، لتحسين شروطه من خلال ذراعه اللبناني بأموره النووية ومصالحه، والطغمة السياسية بتمديد سيطرتها على الوضع الداخلي بإعطائها ضمانات لاستمرارية قبضتها الداخلية، وإعطائهم ما يريدون للخارج أي ارتكاب مرة جديدة الخيانة العظمى بأقل من خمس سنوات.
يبدو أننا في مرحلة 3D، أي المصالح الإيرانية، والطبقة الفاسدة (الأعمام بري – جنبلاط – ميقاتي ، مع غياب قسري للمرحوم نصرالله)، وأميركا وإسرائيل وأطماعهم المعروفة، ما أدى إلى تعقيدات لا زالت دون الحل لغاية الآن، حيث أصبحنا نسمع مصطلحات غريبة، من جنبلاط بأن نصرالله كان المفاوض الذي نستطيع التفاهم معه على المصالح اللبنانية ببتنسيقه مع إيران (يورطوا ويستغلو الرجل حتى بعد مماته) ، وقول جنبلاط إن بري جهَّز إتفاق بَرِّي بالنقاط 13، و رفع السقف بأن الحرب طويلة ليبتز الغرب ويخوِِّف الداخل، ورسالة جنبلاط للداخل أن بري بانتظاركم لإجراء حوار بفجوره ليُخرج الرئيس العتيد أرنباً من كِمهِ،
وبالمقابل بري يريد الجعدنة باتجاه الغرب بإدعائه سيسير بتطبيق ١٧٠١ ولكن بدون ١٥٥٩ ( يخيطوا بغير هالمسلة) ،
ووسط حركة العم او الحاجة ميقاتي بحركة بدون بركة ومتل الأطرش بالزفة، ووسط إستلشاق غير مسبوق بالبطرك وما يدور بفلكه بما يُسمى بالمعارضة والمواربة والمواظبة، ما أدى إلى الولوج إلى المأدبة على قاعدة ala cart، كل ذلك والأعمام ( نبيه ووليد ونجيب ) ولا همهم، لا الضائقة المالية ولا الانهيار ولا تدمير ودك البلد ، فهذا كله يزيد من تعنتهم ، ظناً منهم أننا باحضانهم جميعنا.
الحل هو بالاستفاقة قبل فوات الأوان ، ونحن على مقربة من الموت الجماعي ، فوجودهم بالسلطة ( الممانعة والمعارضة ) مرفوض ، لا بل محاسبتهم بنهب المال العام والخيانة العظمى واجِب، والمصالح الدولية( أميركا وإسرائيل ) على حساب الكيان مرفوض، وإبقاء الكيان مسرحاً لنزوات إيران ممنوع.
المطلوب تحريك الشارع اللبناني ، من خلال إدراك ما يجري حولنا ، والتحرُك السلمي والشعبي بمؤازرة من وجداننا وضمائرنا للمحافظة على كياننا، للمطالبة:
1- بوقف العدوان الفوري والتصدي بسلمية تامة
2- إحتواء سلاح حزب الله بالشرعية اللبنانية ( بالجيش اللبناني ) ضمن استراتيجية دفاعية .
3- حل جميع الاحزاب اللبنانية ومنعها من ممارسة عملها السياسي لعامين كاملين ( للعمل على قانون أحزاب جديد غير طائفي يتناسب مع بناء دولة الحق والمواطنة ) .
4- إطلاق يد القضاء ليصبح مستقلاً وفاعلاً .
5 – تقديم كافة المسؤولين عن الفترة السابقة للمساءلة من أين لك هذا؟
عقد إجتماعي جديد يتضمن :
6- قانون إنتخابي جديد خارج القيد الطائفي
7 – إعادة تكوين السلطة على قاعدة إنتخابات برلمانية جديدة ، ومن بعدها إنتخاب رئيس ، وإنتظام العمل السياسي على النمط الجديد .
هذا إذا أردنا حقيقة بناء دولة الحق والمواطنة، أما القول إن البلد الآن لا يحتمل، نوافق أنهم (الحلف الرباعي وسلطتهم الفاسدة) أتقل من حديد الصلب على أكتافنا ، وأنهم لا زالوا مائة وخمس سنوات وأكتر بلاطة سميكة على صدورنا ،
أقل الإيمان إرحلوا عنا …. مع نظرياتكم وعنترياتكم واقضوا خريف أعماركم مع أبنائكم الأعزاء إلى أوطانكم التي تنتمون إليها (مع ثرواتكم المنهوبة) واتركونا بسلام.