سنة على العملية القيصرية من الخاصرة الأوكرانية 5/ …

ميخائيل عوض

خاسرون

أول وأكبر الخاسرين؛ اميركا- أوكرانيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، وشعوب العالم الفقيرة والدول التي بلا حكومات..

قلنا أميركا رابح أكبر خاسر أعظم وخسارتها ستعبر عن نفسها بتسارع انحسارها عالمياً وفقدان حلفائها المفترضين. وانقلاب الشعوب التي اخضعتها نخبها المتإمركة وحولتها  إلى جمهوريات موز ومستعمرات كمكبات للنفايات الأميركية ومجارير لتصريف أزماتها. ومؤشرات الخسارة المدوية وانهيار القيم والهيمنة وأقول شمس أميركا وليبراليتها المتوحشة، بصفتها رأس حربة العالم الأنكلو- ساكسوني الذي ساد لقرنين وتفرد في العقود الخمسة الأخيرة، كثيرة وتتوالد بمتوالية هندسية لا حسابية، وبحسب كل المؤشرات والدراسات وتقارير الخبراء وخبراء صندوق النقد والبنك الدولي يجزمون بأن أميركا ونموذجها الاقتصادي المهيمن خاصة في الغرب والدول التابعة يتأهب لانفجار ازمة عاتية تكوينية وعاصفة تطيح به وتزلزل الاقتصاد العالمي، ولن تنجو منه إلا الدول التي اختارت اقتصادا وتشكيلات مختلفة، والتي سارعت والتحقت بالنموذج الأوراسي والآسيوي، وتلك التي قاومت العولمة وتمكنت من سيادتها ولو بكلف عالية.

وحديث الأرقام يطول ويتكاثر كالفطر في موسمه؛ خسائر شركات الهاي تك والعالم الافتراضي بلغت 7,5 ترليون دولار، ومنها الميتافيرز، وأمازون وغوغل والفيسبوك وتويتر وتسلا، وكلها كانت أعمدة حاملة للاقتصاد الأميركي وفورته وعبرت عن نموذجه، وأدوات لغزو العقول والثروات والجيوب، وتركيز الثروة بيد الحفنة من لوبيات المال والتكنولوجيا، وصناعة الأدوية التي بدأت أيضاً تتعثر وتفقد الأسواق وقطاع السيارات الذي يعاني من انقطاع سلاسل التوريد. خسائر العملات المشفرة والرقمية جاوزت الترليون دولار وكثير منها خرج من الأسواق، وتبين أنها ليست الا كازينو قمار لشفط الأموال وتبديدها، فغالبيتها ليست سوى ابليكيشن رقمية تضرب وتهرب وتتبخر أموال هائلة، وخسارة شركات التجزئة مهولة، أما تبخر الأسهم وشركات البورصات فحدث ولا حرج، والأرقام التي تساق تبدو خيالية ومهولة. ويزيد أن الاقتصاد الليبرالي يعاني من ازمتين حادتين كلما توافقت ضربت وزلزلت. فالتضخم مفرط، والركود مفرط، وكل منها يؤدي إلى زلزال فكيف وتضربان معا، ونذر الزلازل في اضطراب البورصات الحادة، واضطراب أسعار العملات المشفرة والهاي تك، والسندات، والبورصات، وفقاعات العقارات، واضطراب اسعار العملات والذهب والنفط والمعادن والسلع الاستراتيجية” ذاتها الارهاصات التي سبقت زلزال 2008 الاقتصادي” واضطرار البنوك المركزية للعودة الى سياسات رفع الفائدة في محاولات قاصرة للسيطرة على التضخم وتصدير أزمة أميركا إلى الدول والاقتصادات التابعة، وهذه بدورها تخلق أزمات في تلك الدول لا يمكن السيطرة عليها إلا بتغييرات حدية، وفي أولها مغادرة العالم والنموذج الأنكلو- ساكسوني الليبرالي المتوحش، وأقرب الأمثلة مصر وانهيار الجنيه، وتركيا وانهيار عملتها، وإسرائيل وهروب رؤوس الأموال وشركات الهاي تك، والاستثمارات، وبلدان في أميركا اللاتينية.

الحرب في أوكرانيا تكلف اميركا والأطلسي مليارات الدولارات” تسجل دفتريا ديون على اوكرانيا يستحيل عودتها” وتضطرها لرفع الفائدة ولتقليص التقديمات الاجتماعية للشعوب، وتودي إلى ارتفاعات فلكية بأكلاف الحياة وتأمين أبسط الحاجات ما ينذر بإضرابات اجتماعية وسياسية حادة وتغييرية.

أوكرانيا وشعبها الخاسر الأكبر والأعظم، فقد وقعت تحت سيطرة اولغارشيا فاسدة وهامشية، تديرها السفارات، ولوبيات المال والنهب العالمية وقد نجحت تلك القوى السوداء بابتلائها برئيس كركوز، جاء من التمثيل الهزلي والهابط لا ميزة أو مكانة أو خبرة او صفات قيادية له ويقال إن يهوديته كصهيوني، وكأداة للصهيونية العالمية وللحكومة العالمية السرية التي تديرها الماسونية العالمية  هي من رشحه للعب الدور.

فالرجل لا خبرة ولا تجربة له، وليس من ميزة في قيادة الدول والشعوب، وقد أحاط نفسه بفريق من الأصحاب والاقارب والمريدين وجلهم من الفاسدين، والاولغارشية، ومندوبي أجهزة الأمن ومراكز النهب العالمية  وشكل غطاء ومضلة اخفت الأهداف والخطط والإجراءات التي وضعتها دوائر البنتاغون بصفته ذراع الحكومة السرية العالمية. وقد نجح زلينسكي وفريقه في الخداع ووفر الفرص والزمن لإعادة هيكلة الجيش والدولة وأجهزتها وأمن الفرص والامكانات للمنظمات والمليشيات النازية وللخبراء الاطلسيين في تأهيل اوكرانيا واعدادها لتكون منصة إسقاط او غزو واو استنزاف روسيا لتطويقها وتدميرها، والرجل نجح بالمهمة التي كلف بها، ولم يجد في أوكرانيا من ينهيه عن الدور، بما في ذلك تأليب الرأي العام وحشد العداء لروسيا، وشق الكنيسة الارثوذكسية، وانفصال الأوكرانية ومحاولة مزاحمة الكنيسة الروسية.  ما أمن لأميركا والأطلسي الفرصة في إعداد أوكرانيا كساحة ومسرح ومادة ووقود للحرب، ولاستنزاف وتطويع واستعمار أوروبا وشعوبها.

وككل تجار التاريخ ومندوبي الخارج في أوطانهم وشعوبهم، أكمل زلنسكي وفريقه المهمة وما زال، ما أدى وسيؤدي حكما إلى تدمير أوكرانيا وعودتها إلى القرن الثامن عشر، ووقوعها تحت أعباء التزامات وديون تفوترها أميركا وشركات السلاح والمافيا العالمية لتكبيلها إلى الأبد، ناهيك عن أن أفضل السيناريوات المحتملة لمستقبل أوكرانيا تقطع باحتمال أن تنتهي عن الخارطة. فتظم روسيا الاقاليم الجنوبية والشرقية، وتستعيد بولندا الشمال والغرب وتستعيد رومانيا اقاليم ومقاطعات، في فأوكرانيا بحدودها وبتركيبها الاجتماعي والمجتمعي الهجين هي نتيجة للحرب العالمية الثانية والحرب الباردة، وكل جغرافيا ونظم الحرب الأولى والثانية والباردة في طريقها إلى الزوال لترثها تشكيلات وجغرافية ونظم جديدة تطابق توازنات القوى وحاجات القرن الواحد والعشرين والعالم الجديد الجاري توليده قيصريا من الحرب الأوكرانية.

غدا؛ بريطانيا والاتحاد الاوروبي وشعوب العالم المفقرة

…/ يتبع

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى