
اكتشاف ثلاجة عمرها 5 آلاف سنة في ذي قار
اكتشف علماء الآثار في العراق حانة يعود تاريخها إلى عام 2700 قبل الميلاد، مما يشير إلى أن تناول الطعام في الخارج كان شائعا قبل 5 آلاف سنة.
وذكرت شبكة “سي إن إن” الإخبارية أن باحثين اكتشفوا هذه الحانة في مدينة لجش القديمة – إحدى المدن السومرية في بلاد ما بين النهرين – حيث إنها مقسمة إلى منطقة لتناول الطعام في الهواء الطلق وغرفة تحتوي على مقاعد وفرن وبقايا طعام قديم وثلاجة عمرها 5 آلاف سنة.
وعثر في الحانة على مكان يشبه الفرن وهو “ثلاجة” قديمة ماصة للرطوبة للحفاظ على برودة الطعام، فضلا عن عشرات من الأوعية المخروطية كثير منها يحتوي على بقايا أسماك، مما يكشف عن الغرض من الفناء ليكون منطقة لتناول الطعام في الهواء الطلق.
وتصنف لكش التي تعرف الآن بـ “تلول العباء” في العراق على أنها أكبر المواقع الأثرية في الشرق الأوسط، حيث تقع شمال شرق محافظة ذي قار.
ويعتبر الموقع بمساحته التي تزيد على 600 هكتار أحد أكبر مواقع جنوب ما بين النهرين، حيث تم استيطان هذا الموقع منذ 5 آلاف سنة قبل الميلاد واستمر الى ما قبل 2000 سنة قبل الميلاد.
ويأتي هذا الاكتشاف مع استئناف أعمال التنقيب في عام 2019 كجزء من مشروع مشترك بين متحف الآثار والأنثروبولوجيا في جامعة بنسيلفانيا، وجامعة كامبريدج، ومجلس الدولة للآثار والتراث في بغداد، باستخدام تقنيات جديدة مثل التصوير الفوتوغرافي عبر طائرات بدون طيار والتحليل الجيني.
كانت أعمال التنقيب السابقة تركزت على العمارة الدينية وفهم النخب، لكن هولي بيتمان – مديرة مشروع لكش الأثري وعالمة الآثار البارزة في متحف بنسلفانيا – ركزت على المناطق غير النخبوية خلال الأعمال الأخيرة لتوفير فهم أوسع للمدن القديمة.
ويدعم الكشف عن حانة وجهة نظر بيتمان وفريقها بأن المجتمع في ذلك العصر لا يشمل فقط النخب والأشخاص المستعبدين كما كان معروف سابقا، بل شمل أيضا طبقة وسطى قديمة.
جاء هذا الاكتشاف خلال الموسم الرابع من الكشف عن الحفريات التي أجريت بين 22 أكتوبر و27 نوفمبر من العام الماضي. قاد هذا الجهد هولي بيتمان من متحف بن، بجامعة بنسلفانيا وبدعم من سارة بيزيمنتي من جامعة بيزا.
استخدم علماء الآثار طرقًا تشمل التنقيب والمسح السطحي والتصوير الفوتوغرافي للطائرات بدون طيار والقياس المغناطيسي ورسم الخرائط والحفر للعينات الجيولوجية والثقافية في نقاط الاهتمام عبر موقع يمتد على مساحة تزيد عن 600 هكتار.
تم اكتشاف الحانة في الخندق 3. في إحدى غرف الحانة، وجد علماء الآثار “مئات الأوعية والأكواب الخزفية والعديد منها بمحتواها الأصلي (الطعام والشراب، مع وفرة من عظام الحيوانات والمخلفات العضوية) لا تزال في مكانها”.
في الركن الجنوبي الشرقي من نفس الغرفة، كان هناك اكتشاف مثير آخر ينتظر أن يكتشفه علماء الآثار. حيث وجدوا “تركيبًا دائريًا كبيرًا” يتكون من “قيعان معاد استخدامها لوعاءين كبيرين، تم قطعهما بعناية ووضعهما داخل الآخر، مع الفراغ بينهما معبأ بقطع الفخار”.
وفقًا للباحثين، تم استخدام هذا التركيب الخزفي في السابق كـ “جهاز تبريد” أو ثلاجة لتخزين المشروبات. إن اكتشاف جهاز التبريد هذا من العصر البرونزي، إلى جانب فرن كبير وفناء مليء بالمقاعد وحاويات طعام خزفية، هو ما دفع علماء الآثار إلى استنتاج أنها كانت في يوم من الأيام حانة.
مدينة لكش القديمة
قالت هولي بيتمان، قائدة المشروع “كان للموقع أهمية سياسية واقتصادية ودينية كبيرة ومع ذلك، نعتقد أيضًا أن لجش كانت مركزًا سكانيًا مهمًا كان لديه وصول سهل إلى الأراضي الخصبة والأشخاص المكرسين للإنتاج الحرفي المكثف”.
يبدو أن لكش قد برزت إلى الصدارة كمدينة سومرية مهمة في أواخر الألفية الثالثة قبل الميلاد وكانت واحدة من أقدم مدن الشرق الأدنى القديم. السومريون أنفسهم هم أقدم حضارة معروفة في جنوب بلاد ما بين النهرين.
وأصبحت لكش دولة مدينة قوية في المنطقة وهيمنت على المنطقة المحيطة. في ظل حكم ملوك مثل أور بابا وجوديا، ازدهر النظام السياسي القديم، وأصبحت مملكة لكش تشمل 17 مدينة وما لا يقل عن 40 قرية.