شهداء فلسطين… شهودٌ على المتخاذلين
كتب محمد حسن العرادي
للفلسطينيين طقوسهم وتقاليدهم الخاصة في الاحتفال بالعام الجديد 2023، لا يشبههم في طريقتهم أحد ولا يستطيع أن يضاهيهم أي شعب آخر في التضحية والتشبث بالأرض والدفاع عن العرض، الفلسطينون لا ينتظرون سقوط المطر بل يرسلون له شهداءهم رُسلاً يحثونه ويدعونه إلى النزول من أجل أن يغسل هذه الأرض من النجس ويطهرها من الصهاينة الأرجاس.
في جنين كان صوتُ أزيز رصاص المقاومين أقوى من الرعد وغزارة الدماء أبلغ من انهمار الأمطار، وصمود الأبطال وإقدامهم أشرف من صمت المطبعين والمتخاذلين من العرب والمسلمين وكل من يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها وإختيار مستقبلها، الفلسطينيون ينقشون روزنامتهم بأسماء الشهداء والجرحى والأسرى، فترى الأمهات الفلسطينيات يفترشن الأرض قرب رؤس أبناءهن الشهداء في معركة الحرية يترحمن عليهم ويطبعون على جباههم الطاهرة آخر قبلات الوداع والعهد بتحرير فلسطين، يعصبون رؤوس أبناءهن بالكوفيات ويكفنونهن بعلم فلسطين الذي يرفرف عالياً رغم أنف المحتلين.
أكثرُ من ثلاثين شمعة أضاءها الفلسطينون احتفالاً بعام التحرير والصمود، فاشتعلت الأرض المقدسة بالزغاريد والمواكب الجنائزية الثائرة في عموم فلسطين، لم يكترثوا بالصامتين والمتخاذلين والمتصهينين والمتهاونين الذين يعملون على نشر اليأس والتثبيط وسط الشعب العربي المتمسك بحق أبناء فلسطين في العودة وبناء دولتهم الحرة المستقلة ذات السيادة والسؤدد.
حين تنظر إلى صُور شهداء فلسطين على طريق التحرير تزداد يقيناً بأن الفلسطينيين أكثر حُرية واستقلالاً منا جميعاً، لا تُلهيهم المظاهر ولا يهتمون أبداً بمن يحكم ومن يسيطر على الثروة في الدول العربية، لأنهم مشغولين أبداً بالدفاع عن الأرض الطاهرة التي يعشقونها ويحملونها بين ضلوعهم أينما حلوا وارتحلوا، لذلك فشل الصهاينة ورعاتهم وأعوانهم وعملاءهم في مسح تاريخ فلسطين من الذاكرة والوجود، وسقطت العقيدة الصهيونية “الكبار سيموتون والصغار سينسون” لأن أهل فلسطين يتوارثون حبها إيماناً وانصهاراً ومبدءاً لا يحيدون عنه.
أيها الشهداء الفلسطينيون عليكم سلام الله وبركاته يوم تولدون ويوم تستشهدون ويوم تبعثون أحياء منتصرين، وقد تحررت فلسطين من دنس الصهاينة ورجس المؤيدين لهم من العملاء والمأجورين والمهزومين والمتسلقين والمنتشين باللحظة الكاذبة والسيطرة الخائبة لنهج الاستعمار الجديد المدعوم من قوى الشر والقهر في مختلف دول العالم، حفظ الله فلسطين وأهلها من كيد الكائدين ونصره على أعداءها أجمعين.