بعد ان اضعف التيار العوني وفشل باستبداله… هل ينحر باسيل قبيلته؟
ماذا عن المسيحين والرئاسة والميثاقية؟
ميخائيل عوض
سئل عنترة من عنترك؟ اجاب لم اجد من يردني.
فالوزير باسيل يتعنتر، فما الدوافع وعناصر القوة؟
في الواقع ومعطياته؛ لا شيء يؤكد امتلاكه لقوة ووزن وفرادة وعضلات تتناسب مع تصعيده ولهجته الحربجية، فقد استقوى بالحلفاء، وبما ورثه عن عمه الجنرال العنيد والقائد المشهود له.
تعنتر باسيل وتعطلت عملية تشكيل حكومات لأشهر حتى فرض وبشروطه، وقالها الجنرال عون؛ الصهر بيستاهل…
تعنتر واقفل قصر بعبدا على الفراغ سنتان ونصف لتامين وصول الجنرال وقالها باسيل؛ عون يستحق اما فرنجية فلا..
تعنتر باسيل وسعى لتحصيل حصة طاغية لقبوله تشكيل حكومة ترث العهد، تدير البلاد حتى دنو زمن وصوله الى قصر بعبدا هو او لا احد. الا ان عنتريته لم تفد وبلغ الاستحقاق زمنه وخرج الجنرال بعرس عوني-باسيلي واقفل عائدا الى الرابية.
وخسر باسيل ورقته الوحيدة الرابحة ومصدر قوته وعنترياته التي كانت مستندة الى توقيع الرئيس.
فتجربة الرجل تشير الى ذكائه وفطنته وقدرته على تقليد السلاطين العثمانيين فمن وصل اولا الى القصر يقوم بتصفية اخوته وذريتهم ليتسنى له التفرد والحكم ففعلها في التيار العوني وتفرد، وفي عائلة الرئيس وهمش الأصهرة الاخرين، وحال دون تمكن احدهم واستفرد بقلب وعقل الجنرال وورثه بالتيار، ومازال ساعيا لوراثة قصر بعبدا ولو تعطلت الرئاسة وانفجر لبنان وضاع المسيحيون….
ومن الادلة الواقعية على ذكائه انه صعد واحتل مواقع وتمكن من فريق مسيحي كان له الكثير من النفوذ والوزن وكان امل المسيحين ونخبتهم، وامل الكثير من اللبنانيين بالتغير والاصلاح والخلاص من نظام التحاصص واحتكار بيوتات التقليد والعائلات للتمثيل واقصاء النافذين والنخب والطامحين، وجاء صعوده على حصان مصاهرة الجنرال وكسب عقله، لا غير فلم يسجل للرجل انجازات او نضالات او انتصارات تنم عن عبقرية فذة وقدرات نوعية وتاريخ نضالي..
وعندما وصل وتمكن قرر ان الزمن وخاصة زمن المسيحيين في لبنان سيقف عنده وتكون الامور طوع يده، وشعاره انا او لا احد حفزه على التمسك به أنه فاز في بيت الجنرال وفاز بالتيار ورئاسته وهاجسه لماذا لا يفوز بالقصر وباختصار المسيحين في الصيغة ويحاصص لتثبيت الباسيلية بيتا سياسيا تقليديا…
للرجل فطنه وذكاء وقدرة على المناورة وخوض الحروب والمعارك مع وضد الجميع كما له القدرة على الانقلابات وتغير الاتجاهات وكسر القواعد الجامدة وهدم الجدران حيث يرى مصلحته، فتصالح مع القوات ووقع تفاهم معراب ليتحاصص حصة المسيحيين في الدولة بينه وبين القوات وعندما وصل وتمكن خرج على التفاهم واسقط شعار اوعى خيك. وفعلها ثانية مع الرئيس سعد الحريري وعندما حقق مبتغاه تملص من الالتزامات والتفاهمات… فالسياسة عنده تحقيق المكاسب والغايات اما الوسائل فلا تسأل.
وقدرات الرجل وذكائه مكنه من الاستثمار بتفاهم مار مخايل ولم يترك شاردة او واردة الا وتطاول على حزب الله سرا وعلنا ومن فوق وتحت الطاولة وابتزه ومننه وكثيرا ما احرجه حتى تخال انه لولا باسيل نفسه لما كان انتصار ال٢٠٠٠ وال٢٠٠٦ والتحرير الثاني والنصر في الجرود وتصفية خطر الارهاب الذي قال فيه البطريرك؛ لولا حزب الله لكانت داعش في جونية…
ولشدة شغفه وتمسكه بحقوق المسيحين والصلاحيات والتوازن حاصص المسلمين بتعين الخاصة والعونيبن والباسيلين وحدهم في المراكز والوظائف وتصرف انهم المسيحيون لا غير. وبلغت به الامور ان عطل تعيين حراس الاحراش الناجحين بالمباريات واوقفها على التوازن والمناصفة فالميثاقية حيث يكون، ويحصد حصص اما دورة ضباط ال٩٣ وترقياتهم فلتكن ثمن لإثبات نفسه وتعويم الباسيلية لا غير.
وعلى تلك الشاكلة حقق الكثير الذي لا يحصى ولا يعد كمثل احتكاره لوزارات بعينها وتعطيل تشكيل حكومات لانتزاعها وتلك الوزارات لم تقدم انجازا واحدا يعتد به تماما كما اجهض سنوات ست للعهد خرج بعدها الجنرال من القصر بوعد استمرار الكفاح وتعظيمه من الرابية، واصبحت الذريعة ما خلونا… وكان بدنا … والحق على حزب الله وتحالفه مع امل واتهمه صراحة بتعطيل الدولة والاصلاح ومحاربة الفساد وبإفشال تفاهم مار مخايل شماعة ابتزازه للحزب.
وعلى اثر اجتماع الحكومة’ بوصفة اجتماع الضرورة’ قامت القيامة واطل الوزير باسيل على الشاشات متوعدا محذرا منذرا ومحملا حزب الله المسؤولية ومتهما اياه بالغدر وبعدم الوفاء وشكك بصدقية الوعد، بل ولوح بإجراءات تفجيرية بينها فرض اللامركزية عنوة وربما بما يفترض بقوته” التقسيم والفيدرالية وادارة ذاتية للمناطق المسيحية” وقد سبق ان استعرض ما وصف بالميليشيات في استوديو الmtv.
يكون السؤال؛ ومن عنترك يا عنترة، وعلى ماذا تستند وما هي عناصر القوة الحقيقة والعملانية التي بين يديك؟؟
الجواب العملي وفي الواقع لا شيء يعتد به، فتوقيع الرئيس اصبح من الماضي، والميليشيات والحروب وفرض الامن الذاتي والفيدرالية بقوة السلاح لا مكان ولا اصل ولا ظروف ولا قوى وبيئات لتحقيقها بعد ان جربها المسيحيون وانفجر الكانتون والقوات ومع الرئيس الجميل والكتاب في ١٢ انتفاضة وبحربين مع الجنرال عون دمرت المجتمع المسيحي وهجرت شبابه او اودعتهم المقابر والاصابات البليغة.
اما تهديده بنسف تفاهم مار مخايل فهو تحصيل حاصل والسؤال هل من متابع وعاقل لا يعرف ان باسيل نسفه منذ سنوات وعطله وفي معطيات الواقع انجز مهمة تصفية ارث الجنرال الوطني والقومي فغير اتجاه التيار وكتلته المسيحية واعاد صياغة موقفها في العداء لحزب الله ولسورية؟! فماذا بقي من تفاهم مار مخايل ومن العونية نفسها وقد تميزت وحققت خطوات تاريخية امنت القصر للجنرال وتجسدت انجازا في تفاهم مار مخايل واعادت المارونية الى بيتها الشرقي والشامي.
واذا استعرضنا ما قاله الوزير باسيل قبل وقت قصير لأصدقائه وبصوت عال؛ انتظروا الربيع وسأكون رئيسا للجمهورية ولا تتوهموا ما ينشر في الاعلام والعقوبات… فالعلاقات مع الادارة الامريكية في افضل حالاتها وقام الرجل بجولات مكوكية بين قطر وفرنسا على صلة بالاستحقاق الرئاسي واستثمار النفط والغاز ولننتبه انه طلب زيارة لدمشق ولم تلبى شروطه.
والتفكير المنطقي والواقعي يدفع لطرح السؤال؛ هل عنتريات باسيل مجرد كلام واوهام واعتداد بالنفس؟ ام خلف الاكمه ما خلفها؟؟؟
في تصريحه عن العلاقات مع الادارة الامريكية، وعن انتظار الربيع وترقب صعوده الى القصر… قد يكمن سر وقد يفسر الكثير من تصرفاته خاصة افشال عهد الجنرال، وتصفية التيار العوني، والاجهاز على العونية السياسية وانجازاتها العبقرية السياسية والوطنية، والمصالحة مع القوات اللبنانية وتركيز العداء مع فرنجية ومحاولات تصفية حلفاء المقاومة وسورية في التيار العوني وفي البيئة المسيحية.
اما عن العقوبات الامريكية فليس غريبا ان تستخدم للتلميع ولخديعة حزب الله والمقاومة بهدف تمكين باسيل وعندما تدق الساعة فالعقوبات اتخذت بقرار وبقرار تلغى بعد ان تكون حققت غايتها.
وعن هل خدع حزب الله وابتز فالواقع وتجربة حزب الله لا تنفي امكان وقوعه بالخديعة وبالكمين فقد وقع بأخطر منها عندما وظف انتصاراته وقوته في تامين المنظومة والنظام وزعماء وانقلبوا عليه وتجربة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري بعد ١٧ تشرين شاهد حي وطازج…
هل سيصل باسيل في الربيع الى القصر لتفتح له الابواب ظافرا ؟؟
ربما لكن هذه تستوجب ان يسبقها حرب او سلسلة حروبظ تسقط فيها سورية وايران ومحور المقاومة ويهزم فيها حزب الله وتعلق المشانق لقادته ..فهل هذه ممكنه وواقعية؟؟ ننتظر ونرى..
واذا لم تتحقق امنية باسيل ولم تقع الحرب ولم تختل التوازنات للإدارة الامريكية لتفرضه رئيسا…
ستسير البلاد بين خيارين؛ اما تركها للتأكل وللانهيار والفوضى ليتسنى انتاج نظام وعقد وطني جديد لا يكون التيار الباسيلي فريقا مقررا ووازنا فيه خاصة اذا لجأ لاختبار تهديداته بالإدارة الذاتية واللامركزية التي لوح بها، وفشل وسيفشل ان حاولها ويدمر التيار ويلحق اذى ماحقا بالمسيحين ومستقبلهم في البلاد
والخيار الثاني ان ينجز الاستحقاق ويحمل فرنجية مفاتيح ابواب القصر، مستندا الى توافق وطني واقليمي ودولي كبديل عن حرب او عن فوضى في لبنان وتعطيل اتفاق الترسيم بظل حاجات اوروبا وامريكا لنفط وغاز المتوسط وللاستقرار في لبنان، دون استبعاد ان يعبد طريق بعبدا للجنرال جوزاف عون الاكثر خطورة على باسيل وتياره ومستقبله…
فماذا عساه باسيل يفعل.؟؟
أيهاجر؟؟ ام ينزوي على كتلة نيابية لا تقدم ولا تؤخر وبتجربته وكان اكبر كتلة وله رئيس جمهورية وشارع عريض وما خلونا فماذا سيحصد من عنترياته…
كل الادلة والمؤشرات والمعطيات الواقعية والجارية تقول بان باسيل نجح بنحر العونية وقزمها وفرط بإنجازاتها واسقط تفاهم مار مخايل وعطل البلاد على مصالحه وشخصانيته واوهامه وفي مسعاه واوهامه اليوم قد ينحر قبيلته الباسيلية – العونية، وقد يزيد في غربة المسيحين في وطنهم والكيان الذي صنع لأجلهم.
لا شيء يمنعه من القفز الى معراب وطلب الصفح والسعي لتعاقد لاختبار اوهام الحرب الاهلية واللامركزية ومحاولة استعادة تجربة الادارة الذاتية والكانتونات الا ان الزمن تغير والحاجات وموازين القوى والاهم الذاكرة الجمعية والذكاء الفطري للكتلة المسيحية التي دفعت كثيرا ثمن اوهام وتحالفات وحروب ومصالح الزعماء وغالبا لم يعد لها القدرة او الرغبة في تجارب انتحارية جديدة…
وبكل حال يبقى السؤال؛ هل ستأمن القوات اللبنانية باسيل ووعوده وتفاهماته بعد تجربتها مع تفاهم معراب.. ؟ واذا قبلتها هل تؤمن الفرص لباسيل ام ستستثمر بأزمته لتسويق مشروعاتها ومرشحيها للرئاسة…
زمن العنتريات قد ولى ولا عناتر في ازمة لبنان، فلبنان وشعبه ومسيحيه يستحقون اكثر، والازمة لم تعد توفر اسبابا وشروطا لتحقيق الاوهام والشخصانية والزعاماتيه التي كانت تبنى على الجماجم والحروب….
وابتلاء المسيحيين بالباسيلية وانتحاريتها سبقها ابتلائهم بزعامات الحرب الاهلية وورثتهم وجميعا قدموا وحققوا مصالحهم ومصالح الخاصة على تثبيت المسيحين وتأمينهم وترسيخ الكيان وتعزيز الدولة وهذه هي ضمانات المسيحين والعيش المشترك وفيها تكمن خاصية وفرادة لبنان…وما اصاب المسيحين من نظام المحاصة والتوافقية وزعماته وعائلاته اصاب الطوائف والمذاهب الاخرى..
عنتريات باسيل واوهامه وشعاره انا او لا احد لن تثمر خيرا له ولا لتياره ولا للمسيحيبن واللبنانين فالبلاد وازمتها تحتاج الى تعقل وعقلاء ووطنين يعلون مصلحة الوطن والشعب على المصالح الذاتية والفردانية والشخصنة وما بلغته الازمة اللبنانية ام تترك طريقا للخلاص الا بتغير بنيوي في النظام وعلاقته بالطوائف والشعب وكما لم ينجح عون وقبله رؤساء كانوا جادين ومؤمنين بالإصلاح ومحاربة الفساد سيفشل اي رئيس او طامح لشخصه لا يحمل رؤوية وبرنامج ويسند من قوى مجتمعية صاحبة مصلحة بالتغير…
فعبثا يعد باسيل وعبثا يحاول اختصار المسيحين والزمن والحاجة للتغيير بشخصه..
ان غدا لناظره قريب…