“السرطان” وعلاقته بالتغذية

إعداد: نافجة العلوية – مسقط- أثير

بلغ إجمالي الوفيات الناتجة عن الأورام السرطانية في سلطنة عمان في عام 2019 على حسب البيانات الإحصائية من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات 504 حالات وفاة مسجلة في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة العمانية.

والورم السرطاني هو نمو غير طبيعي للخلايا نتيجة لحدوث خلل (طفرة) في الحمض النووي وتستطيع أن تنتشر في كامل الجسم، ويمكن أن يصاب بعا أي عضو كالمخ، الكبد، الرحم وحتى كريات الدم، ويعتبر من الأمراض غير المعدية وله أسباب عديدة. يتطور هذا المرض المرعب بطريقة معقدة ليست مفهومة وواضحة بشكل كامل لحد الآن.

يوجد أكثر من 100 نوع للأورام السرطانية اعتمادا على مصدر الورم وأسبابه. ولكن بظاهر ما توصلت إليه الدراسات والأبحاث العملية فإن حوالي 90 % من المسببات السرطانية تعود إلى عوامل بيئية ونمط الحياة أو المعيشة مثل التغذية السيئة، تناول الكحول، التدخين، التعرض للإشعاع الضار والسموم الكيميائية والفيروسية، الخمول والكسل المستمر، السمنة المفرطة وزيادة الكتلة الدهنية في الجسم.

كما أن بعض البشر لديهم القابلية الجينية لتطور الأورام السرطانية إذا تعرضت أجسامهم بانتظام لهذه المسببات. مثلا القابلية الجينية لورم البروستات تظهر بنسبة 42%، وسرطان الثدي 5 – 10 %، و36 % بالنسبة لسرطان البنكرياس.

ولعل الأمر المريح أنه يمكن الوقاية من هذا المرض، ولكن أمام مغريات هذا العصر يحتاج الشخص منا إلى إرادة قوية وإدراك ووعي شمولي لنمط الحياة الصحي. ربما بإمكاننا القول بأن التغذية هي من أهم العوامل المؤثرة والمسببة لها المرض وكثير من الأحيان قد تحدد نوعه، وكذلك تلعب دورًا هامًا وأساسيًا وأوليًا في التعافي منه. لذلك سأعرض في هذه السطور علاقة النظام الغذائي بالأمراض السرطانية.

يرتبط سرطان الثدي بقلة تناول الخضروات والفواكه، وارتفاع الكتلة الدهنية في الجسم والإفراط في تناول الكحول. أما بالنسبة لسرطان القولون والمستقيم يصاحب نقص فيتامين د والكالسيوم وكذلك كثرة تناول اللحوم الحمراء وعدم تناول كمية كافية من الخضروات والفواكه وأيضا شرب الكحول.

وأما سرطان الرئة فيرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتدخين ونقص الفيتامينات والمعادن في الجسم. ومن العوامل المحفزة لسرطان المبايض وبطانة الرحم ارتفاع الكتلة الدهنية في الجسم والسمنة المفرطة مع قلة تناول الخضروات والفواكه.

وتزيد نسبة احتمالية حدوث سرطان البروستات بزيادة الكتلة الدهنية في الجسم. وسرطان البنكرياس بقلة الفيتامينات والمعادن في الجسم لقلة تناولها من مخزونها الطبيعي (الخضروات والفواكه). أما بالنسبة لسرطان المعدة والكبد فله علاقة بكثرة تناول الأطعمة المدخنة التي تحتوي على الملح والمركبات النيتروجينية وقلة تناول الخضروات والفواكه. والسم الطبيعي (أفلاتوكسن) الذي يتكون في المكسرات والحبوب وبعض المنتجات النباتية الفاسدة مثل البصل قد يكون مسببًا لورم الكبد. والشراب الخبيث (الكحول) يسرطن الفم والحلقوم.

وربما تتساءل كيف يزيد المخزون الدهني في منطقة البطن عند الإناث من خطر الإصابة بسرطان الثدي وبطانة الرحم؟

وجد العلماء أدلة قوية، وعلاقة وثيقة بين البدانة وبعض أنواع السرطان، فأقرت وكالة بحوث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية بأن النساء البدينات لهن قابلية الإصابة بسرطان الثدي والرحم أكثر من غيرهن. فالسمنة (الخلايا الدهنية، التكيسات أو التكتلات الدهنية) تعتبر محفزا للخلايا السرطانية؛ لأنها تتحول إلى غدد دهنية، وتفرز هرمونات البيبتيد، كهرمون الأنسولين، وهرمون الأستروجين. وهذه الهرمونات تحفز نمو الخلايا، فمستوى الأستروجين لدى النساء البدينات أعلى بثلاث مرات من النساء الهزيلات، وهذا شيء كبير كفيل بتنشيط الخلايا السرطانية، وهذا ما يجعل النساء اللاتي يعانين من السمنة أكثر عرضة لسرطان الثدي. والنساء أكثر عرضة لهذا المرض بعد سن اليأس، بسبب زيادة الأستروجين في أجسامهن، عن طريق الخلايا الدهنية التي تحول كذلك هرمون الأندروجين إلى الأستروجين، ويزداد الأمر تقدما مع توفر العوامل الأخرى، كتناول الكحول والهرمونات.

وقد تتساءل أيضا، كيف تقلل الخضروات والفواكه من خطر الإصابة بالأورام السرطانية؟

قال الله تعالى في كتابه العزيز ذاكرا نعيم الجنة (وفاكهة مما يتخيرون)، سورة الواقعة، 21. وذاكرا نعمة الله لعباده في الحياة الدنيا (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا” (فاطر،27)، فالسر في ألوانها الطبيعية، الذي خص الله ذكرها في الآية السابقة “مختلفا ألوانها” إنها مواد كيميائية طبيعية تسمى “مضادات الأكسدة”.

فالعسل له عدة ألوان طبيعية، تتدرج من الأصفر، والزعفراني، والأحمر، والبني المحمر، والأسود. والكثير من الفاكهة، كالتوت الأسود والأحمر، والعنب الأسود والأحمر، والفراولة والمانجو والبابايا والفلفل بكل ألوانه، والبطيخ والمشمش والطماطم والجزر، وما لا يعد ولا يحصى من نعم الله علينا.

تعمل مضادات الأكسدة كحاجز وقائي للجسم من المواد المؤكسدة والإلكترونات الحرة، وبعض الإشعاعات الضارة، المسببة للسرطان، والإخلال بالوظائف الخلوية. وكذلك تقلل من أكسدة LDL، والذي هو عامل أساسي لظهور أمراض القلب. وأشهر هذه المضادات هي فيتامين أ، ج، ب، هـ، والفلافونويدز وبيتا كاروتين وعائلته الكاروتينيدات التي تمنع تكاثر الخلايا السرطانية. فاحرص على تجنب تقشير الفاكهة قدر الإمكان، فالقشرة يحتوي على تركيز عال من هذه الفيتامينات والمعادن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى