لا أحد يتدخل في شؤون لبنان… لكن الجميع يملي أوامره
كتب صباح شويري
لبنان ذاك المسكين والمظلوم من أهله، ذكرني بطفل يعيش بين والدين متخاصمين لا يطيقان بعضهما، يخرج الأب ليخون الام ويسرقها، وترد الأم عليه بالمثل، والطفل يراهما ويرثي حاله، فيتعطف عليه الجيران وأهل الحي والمنطقة ليطعموه من خيرات ثلاجته وخزانته المتروكة والمهملة. هو يعلم ولكنه ضعيف الحال، ومن يعتقد انهم يساعدونه ليسوا سوى مستفيدين من قذارة صراع الوالدين، لأنهم سينالون عمولة “محترمة” من السمسار الذي يريد الاستيلاء على المنزل بأبخس الأسعار، وربما سياخذه فتاتا… فهو السمسار الذي وعد التاجر بالمنزل الجميل… الى هنا لا تنتهي الحكاية.
ونعود الى الواقع اللبناني. الازمة تتفاقم والساسة يختلفون على قشور الامور، ويتركون المواطن يتخبط بنفسه، لانهم لا يدركون ان في هذا الوطن شعب.
وخير دليل تلك الموازنة التي لم تنصف سوى صفوفهم. ولن ندخل في تفاصيلها لكني ساسأل، بعد قرار زيادة الضرائب على المواطنين، هل لحظت الموازنة زيادة على املاك واموال الاثرياء؟ (وهم قلة). بالتأكيد لا، لانها تطالهم اولأ. بحجة انهم متساوون مع الشعب، وعن اي شعب تتحدثون.
أما لناحية السياسات الخارجية، فحدث ولا حرج، الجميع يتبجح بشعار “لبنان سيد حر مستقل”. كيف يعتبرونه سيدآ، وهم يتعاملون مع كل من يزورهم بتنازل، وكيف هو حر والجميع يملي عليه الشروط، والمستقل يرفض الاملاءات… خصوصا من من يقول علنا “لا نتدخل بالشؤون الداخلية اللبنانية” ويضمر سرا- وهم يعلمون” عكس ذلك؟
اذا طرحنا مسألة الإملاءات والأوامر، اميركا تريد مصلحة الشعب اللبناني وتدعم وتحمي اسرائيل، وتهدد ما لم ينفذ لبنان رؤيتها ستوقف المساعدات وخطوطها وستزيد العقوبات على المؤسسات والاطراف (الشيعية ومن مؤيدها) وبعض الزعماء ومؤيدوهم يهللون… هذا ليس تدخلا في شؤون لبنان…
الاتحاد الاوروبي يهدد بفرض عقوبات وقيود على اللبنانيين ما لم يقومون بالاصلاحات التي املوها عليهم، والشروط التي يعلنونها من وقت الى آخر، وبعض اللبنانيين يؤيدون… هذا ليس إملاء.
صندوق النقد الدولي بعدما وضع شروطا وبنودا اقتصادية وسياسية، الهدف منها زيادة الدين العام الذي سيسدده المواطن اللبناني، حتى لو كان يرفضه. لكن ما جاء في موازنة الحكومة تفرض عليه ذلك، فقد بدأ تمريرها بالموازنة.. هذا ليس فرضا وتدخلا.
أما أخيراً وليس آخراً، ما جاء في زيارة وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح إلى لبنان، حيث جال على الرؤساء الثلاثة ليقدم لهم ورقة تشترط عودة لبنان الى الواجهة الخليجية، عنوانها “أفكار ومقترحات مستنبطة، وأساسها، قرارات الشرعية الدولية والقرارات الأخرى السابقة لجامعة الدول العربية”.
وأول طلب “الا يكون لبنان منصة لأي عدوان لفظي او فعلي…. وكل ما طلب أفكار ومقترحات كإجرءات لبناء الثقة”، وكرر “نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية للبنان”.
وعرض تطبيق للبنان للقرارات الدولية وركز على القرار 1559 وهو مطلب أميركي- إسرائيلي” أولا… مؤكدا أن “كل قرارات الشرعية الدولية ملزمة لكل دول العالم، وإن شاء الله لبنان وجميع من هم معنيون في هذا القرار بالذات يصلون الى أمر يكون متوافقا مع قرارات الشرعية الدولية”. متناسيا القرارات الدولية التي تعطي الحق للبنان”. هذا بالاضافة الى طلبات متعددة، كلها لتغيير واقع المقاومة وتنفيذ إلغاء حقق الشعب بالدفاع عن نفسه، وتقييد حرية التعبير إلا لمن يرغببون. وفرض سياسات لم تتمكن الدبلوماسيات الغربية من فرضها، فجاءت الدبلوماسيات العربية ضد شقيق عربي لفرض تطبيقها.
وهذا ليس تدخلا أو أمراً أو فرضاً… هو مجرد طلب وإن لم ينفذ للحديث بقية…