لا تصافحوا الأيادي النجسة

بقلم محمد حسن العرادي – البحرين

كل الأيادي التي تقدم العون للكيان الصهيوني مجرمة ونجسة مهما كانت تبريراتها، البعض منها تدعي بأنها تحمي حق الكيان في الدفاع عن نفسه، البعض الآخر يدعي كذباً وزوراً بأنه يحمي حرية الملاحة الدولية، ويحافظ على القوانين والمعاهدات والمواثيق والاتفاقيات التي أقرتها الامم المتحدة ومجلس الأمن، كل هذا الكلام الفارغ محض افتراء وهراء، فهذه الجهات لم تؤمن يوماً سوى بمصالحها، ولم تطبق إلا القرارات التي تحقق هذه المصالح.

في اليوم ال73 من العدوان الصهيوني الهمجي والعنصري والإرهابي الذي تشنه دولة الأبرتهايد على أشقائنا في فلسطين الصابرة وغزة هاشم الصامدة، والذي أدى حتى الان الى استشهاد ما يقرب من 20 الف فلسطيني وجرح أكثر من 60 ألف مواطن، لاتزال أميركا تقف عائقاً أمام أي دعوة لإيقاف آلة القتل والدمار الصهيونية التي تفتك بالأطفال والنساء وتدمر البيوت والبني التحتية في قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 17 عاماً من قبل القوات الصهيونية، ورغم كل هذه المواقف العدائية تدعي أميركا بأنها تحرص على حماية المدنيين الفلسطينيين.

عن أي قوانين تتحدث هذه الدولة المتغطرسة التي تسيدت العالم طوال الأربعة عقود الماضية منذ سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991، فعم الخراب والدمار وإنتشرت الحروب في كل مناطق العالم بفضل الفتن والأكاذيب التي تطلقها، وما تدعيه من حماية السلام الدولي ونشر ثقافة حقوق الإنسان، أربعة عقود من عدم الاستقرار واشعال الحروب والمعارك تحت مسميات مختلفة من أجل إحكام قبضتها الأمنية والعسكرية الامبريالية على كل مفاصل الاقتصاد العالمي خدمة لمصالحها ومصالح حلفائها الغربيين .

وها هي أميركا تهب اليوم لنجدة ربيبتها المدللة ” الكيان الصهيوني” الذي تعرض لضربة مفاجئة كشفت زيف ادعاءاته بالقوة والسيطرة على المنطقة، عندما تمكن ثلة من المجاهدين من كسر جبروته وغروره وسطوته الكاذبة، يوم السابع من أكتوبر 2023 حين دك طوفان الأقصى الحصون الصهيونية ومسح بالجنود الصهاينة الأرض، منهياً إلى الأبد أكذوبة الجيش الذي لايقهر، فإذا بأميركا المتجبرة بالقوة تهب لإنقاذ الكيان الساقط من خلال إرسال حاملات الطائرات والمدمرات والأساطيل الجوية التي تنقل السلاح والعتاد والذخائر، لتعويض النقص الهائل في مخزون الصهاينة من أسلحة القتل والدمار المستخدمة في غزة.

وحين فشلت أميركا وحليفها الإستراتيجي الصهيوني الإرهابي في تحقيق أي نصر ملموس، سوى الدمار والقتل والتهجير ومنع الماء والغذاء والدواء عن أهالي غزة الصامدين طوال أكثر من شهرين ونصف، لم تجد أميركا امامها خياراً غير المشاركة المباشرة في العدوان بالسلاح والمستشارين والجنود أيضاً، لكنها بعد أن انكشفت أمام العالم وهي تستخدم حق النقض “الفيتو” لمنع قرار مجلس الأمن المطالب بوقف آلة القتل والدمار الصهيونية ضد الأبرياء والعزل في فلسطين، خاصة بعد أن صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح الوقف الفوري للاعتداءات الصهيونية وتأييد 153 دولة للقرار، فأن أميركا تحاول استعادة المبادرة من خلال الدعوة لتشكيل تحالف دولي بحري ضد الجمهورية اليمنية الشقيقة التي أوقفت السفن الصهيونية وكافة السفن المتهجة للموانئ الصهيونية من عبور مضيق باب المندب عنق البحر الأحمر.

وها هم سفراء أميركا وممثليها وقادتها العسكريين والدبلوماسيين يترجون الدول العربية والخليجية منها على وجه الخصوص للانضمام لهذا التحالف المخزي ضد اليمن السعيد، الذي أسعد الجميع بنصرته لأهل غزة هاشم، حين اشترط اليمن رفع الحصار عن الفلسطينيبن مقابل السماح للبضائع المتجهة لدولة الكيان بعبور مضيق باب المندب، ومارس الفعل المقاوم ضد هذه السفن التي تغذي دولة الكيان وتطيل أمد الحرب، لذا فإن أميركا تهب من جديد لانقاذ الكيان الصهيوني وتسعى لإشعال فتيل الحرب ضد الأشقاء اليمنيين بحجة تعطيل الملاحة الدولية.

إن هذا التحالف البحري الذي تسعى أميركا إلى اقامته من 40 دولة، ما هو إلا تحالف شيطاني يريد أن يشعل الفتنة والاقتتال من جديد في المنطقة العربية تحت مسميات مختلفة، ومن دون شك فان هذا التحالف لا يلبي سوى المصالح الصهيونية، لإنقاذ ماء وجه أميركا الذي أريق في البحر العربي والبحر الأحمر، وهي عاجزة عن حماية السفن الصهيونية أو تلك المتجهة الى الموانئ الصهيونية، فلماذا نضع أيدينا مع هذه الأيادي النجسة التي حاصرت أهلنا وذبحتهم في فلسطين بأسلحتها الفتاكة وقنابلها المدمرة؟

لقد آن لنا أن نقول (لا) لأميركا المنحازة كلياً لصالح الكيان الصهيوني، والإعلان بالفم المليان بأننا لن نكون طرفاً في العدوان على أي من الدول العربية، خاصة بعد أن رأينا الأميركيون وهم يدمرون بلداننا العربية واحدة بعد الأخرى، وما العراق وسوريا وليبيا منا ببعيد، كما أننا نشاهد ما تفعله أميركا المجرمة من دعم وتبرير وإسناد للمجازر التي ترتكبها الصهيونية العنصرية تحت حماية كاملة من أميركا الامبريالية الاستعمارية. لذلك فإن الوقت قد حان لنفض أيدينا من أي تحالفات مشينة مع أصحاب الأيادي النجسة المغمسة بالدم، خاصة ونحن نعلم بأن أميركا تمدها للايقاع بنا، والدفع بنا نحو المزيد من الانقسام والاقتتال العربي العربي حماية للكيان الصهيوني الذي قربت نهايته، فلنقل لا للأيادي النجسة ولنقف إلى جانب مصالحنا وقضايانا العربية فقط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى