هل يخيف التسونامي السوري في لبنان؟

لم يشهد ​لبنان​ إرتياحاً خلال سنوات ​الحرب السورية​ التي كانت بدأت عام 2011. عاش ​اللبنانيون​ قلقاً أمنياً كبيراً، زاد بعد تمدّد مجموعات إرهابية نحو الحدود اللبنانية: هل تذكرون جرائم “داعش” و”​جبهة النصرة​” بخطف ثم قتل العسكريين اللبنانيين في ​جرود عرسال​؟ وهل نسي اللبنانيون الإنتحاريين ​الإرهاب​يين والسيارات المفخّخة و​الصواريخ​ التي تساقطت على القرى البقاعية؟ كلّها كانت نتيجة تنامي الحركات المتطرفة التي حاولت كسر ​سوريا​ والنيل أيضا من لبنان. عندها أيقن اللبنانيون ألا مصلحة لهم بإسقاط ​الدولة السورية​ التي يشكّل ثباتها في وجه الإرهاب ضمانة لوأد الإرهاب قبل وصوله إلى لبنان.

بعد عشر سنوات، تنفتح ​الدول العربية​ على دمشق، لطي صفحات ​الأزمة السورية​ بكل إتجاهاتها. كان يُفترض بلبنان أن يكون السبّاق نحو ترسيخ علاقة مميزة مع سوريا. لا يمكن هنا تجاوز الجغرافيا ولا التاريخ، خصوصا أن المآخذ التي كانت قوى تتحدث عنها إزاء وجود ​الجيش السوري​ في لبنان طُويت بخروج سوريا من لبنان منذ عام 2005؛ ما الذي يمنع من تصحيح الخيارات السياسية في لبنان تجاه دمشق؟.

لم تستطع قوى لبنانية الخروج من دائرة الحقد على سوريا، لأسباب شخصية او لوجود مصالح، خصوصا ان هؤلاء استندوا الى تحالفات خارجية وربطوا انفسهم وقواهم بمشاريع دولية أو إقليمية.

ألم يحن أوان القيام بمراجعة نقدية تجاه دمشق؟ اذا كانت الدول العربية تمضي قدما في هذا السياق، واذا كانت عواصم غربية تقوم بإتصالات معها بعد قطيعة. وإذا كانت مصلحة اللبنانيين تقضي بإستقرار سوريا لا انتصار المشاريع الإرهابية فيها، فإلى متى يراهن خصومها في لبنان على أوهام؟ حصل ذلك عام 2011، يوم انجرّت قوى لبنانية وراء مشاريع سياسية دولية تحت عنوان دعم “​المعارضة السورية​” لإسقاط النظام في دمشق. لكن أين تلك المشاريع حالياً؟.

بأي حال، ماذا عن السوريين المتواجدين في لبنان؟ عندما أتى ​النازحون​ إلى هنا، هبّت قوى للترحيب وتشجيع السوريين على القدوم الى لبنان. يمكن استعادة مشهد الحدود في منطقة ​المصنع​ البقاعية، عندما اكتظت بخيم ولافتات الترحيب بهم. لكن جاءت ​انتخابات​ رئاسية سورية عام 2014 تدق أول مسمار في نعش مشروع إستهداف سوريا، بعدما ظهر أن معظم السوريين في لبنان يؤيدون مشروع الدولة. هم يريدون المشاركة في انتخابات العام الحالي في مشهد ​تسونامي​ لا يجب أن يخيف اللبنانيين. ان المخاوف يُفترض ان تكون جراء ​التطرف​ والإرهاب لا الانحياز لمفهوم الدولة.

في ​الساعات​ الماضية اطلق رئيس حزب “​القوات​” ​سمير جعجع​ موقفاً ينتقد فيه مشاركة السوريين في إنتخابات تنظمها ​السفارة​ في ​اليرزة​. ينطلق جعجع من موقفه السياسي ضد دمشق، لكنه لا يعطي الاولوية لمصلحة لبنان. علما ان دمشق تدعو لعودة مواطنيها الى بلدهم، فمن يمنع عودة النازحين؟ ان ​الرئيس السوري​ ​بشار الأسد​ اعلن مرارا عن عفو عام، ورحبت دمشق بعودة أبنائها إليها. ومن هنا، لم يكن موقف جعجع حكيماً في هذا الإطار. فهل يكرر جعجع أخطاء الماضي؟.

المصدر:النشرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى