
كيف تجعل طفلك شاعراً
بقلم الدكتورة شيرين العدوي
نولد وداخلنا مشاعر حقيقة بريئة تستمتع بالجمال. وداخل كل منا شاعر حقيقي إما نقتله أو نحييه. كيف ننمي الجمال داخل أطفالنا ليصبحوا شعراء؟
دعونا نتفق على أن الشعر في الأساس فن لغوي يعبر عن دقائق النفس البشرية وفلسفة العالم. في لغة عليا. واللغة العليا: هي اللغة في أعلى درجات جمالها من استخدام صياغات يتجلى في الرمز والاستعارة والكناية والتشبيه، والوصف، كما أنها تختلف عن لغة النثر على المستوى الصوتي من خلال قضايا الإيقاع والوزن والوقف والتضمين والترقيم والتقفية والتوازي، وعلاقة المعنى بالصوت والتجانس والرتابة، كما أن البنية الصوتية للشعر ليست بنية تزيينه تضيف بعضا من الإيقاع أو الوزن إلى الخطاب النثري فيتشكل الشعر لا بل تمتزج به مزجا لا يمكن فصله. وعلينا أن ننتبه إلى المستوى المعنوى الذي ينقسم إلى الإسناد، والتحديد، والربط وغيره مما تعارفت عليه علوم اللغة. وربما كتاب «اللغة العليا نظرية الشعرية» للكاتب الفرنسي جون كوين ترجمة أ.د. أحمد درويش لخير دليل لفهم اللغة العليا لمحبي الشعر والحالمين بوجودهم الشعري.
كتب كثيرة تناولت مفهوم الشعر: ككتاب فن الشعر لأرسطو، وفن الشعر لهيجل، وابن سيناء، وعلى مدربي الأطفال فهم قواعد هذا الفن جيدا قبل تدريب الأطفال ويا حبذا لو كانوا شعراء. فهو فن له قواعده وأصوله.
والأسرة عليها جوانب منها: البحث داخل أولادهم،وإن كانت منطقة الدماغ لديهم عندها هذه القدرة أم لا؟ فإن كان أبناؤهم ممن يمتلكون هذه القدرة أم لا. فكيف يمكن اكتشاف ذلك؟! يظهر هذا في طريقة تعبير الطفل عن نفسه بكلام كثير، فلا يكف الطفل الممتلك لتلك القدرة عن الحديث، وربط الأشياء ببعضها، والتعبير عن أفكاره بشكل مختلف. فعلى الأم في هذه اللحظة الانتباه لاختلاف ابنها. فتبدأ المرحلة الثانية وهي تربية ذوقه الجمالي عن طريق تربية خلقه على الخير والحب، ثم تعليمه فنون الطبيعة والألوان والفروسية واصطحابه إلى معارض الفن والموسيقى وندوات الشعر.
ثم تربية ذائقته اللغوية الجمالية، بقراءة الشعر، والوقوف على جماليات ما يقرأ بتنمية إحساسه بالمعنى واللغة. وعلينا أن نبدأ بالتجارب التى يسهل فهمها وتمكنه من إتقان لغة الشعر وموسيقى اللغة وليس العروض. ثم تأتي مرحلة تعلم عروض الشعر وهذه المرحلة تأخذ وقتا طويلا جداً، إذ تمر بمرحلة المعرفة، تليها مرحلة حفظ البحور وعللها، ثم مرحلة التدريب بتقطيع قصائد كثيرة على هذه البحور، لنصل لمرحلة الإتقان؛ وهي إدراك الوزن بالسماع، لنصل إلى نقطة أعتبرها من مراحل التدريب أيضا، حيث يطلب من الشاعر أن يكتب قصائد كثيرة على كل البحور بعد إتقانها؛ كفكرة حل مسائل رياضية لإتقان النظرية. وكثير من الشعراء يتخلصون من هذه الأشعار، ثم تأتى مرحلة حفظ القصائد، ومعها يتعرف المتدرب على كل تجارب الشعراء فى العالم من أصحاب البصمات المختلفة، لأن الشعراء الحقيقيين لهم بصمات كبصمات الأصابع والأعين لا تتكرر، ثم تأتي المرحلة الأخيرة وهي إنتاج الشاعر بعد تربيته بهذا الشكل الجمالي، هنا يبدأ فى إطلاق صوته الخاص. عندها فقط نستطيع أن نقيم الولائم لميلاد شاعر. فهل تستطيع هيئة قصور الثقافة القيام بهذا الدور؟