
دروس من الحياة -1 (ابتعد ولا تستقيل)
بقلم محمد حسن العرادي – البحرين
تعلمت من الحياة أن العمل الأهلي والاجتماعي والنقابي بحاجة إلى طول بال وأناة وتمهل في اتخاذ القرارات الفاصلة المتعلقة بالاستمرار أو الإبتعاد عن الواجهة، خاصة في الحالات التي يجد المرء فيها نفسه أمام سوء تفاهم، أو سوء فهم وربما تعارض مع زملاءٍ أو رفاقٍ وحتى منافسين يمتلكون رؤية مختلفة، قد لا تتفق أو تنسجم طريقته في إدارة الجمعية أو المؤسسة التي ينتمي إليها.
من تلك الدروس التي أتذكرها جيداً، ماحدث قبل أكثر من 30 عاماً في جمعية المحرق التعاونية الاستهلاكية، في تلك الفترة وتحديداً في العام 1993 كنت أشغل منصب أمين السر في مجلس الإدارة، وكان الأخ العزيز جاسم محمد سيادي رئيساً لمجلس الإدارة، وقع حينها خلافاً في الرأي على إدارة الجمعية وكان مجلس الإدارة يتكون من 9 أعضاء، لكنه شهد انقساماً بين فريقين الأول يتكون من 4 أعضاء وكنت من بينهم، والثاني يتكون من 5 أعضاء، وحين وقع الإختلاف قام فريقنا بتقديم استقالة جماعية من مجلس الإدارة تم قبولها فوراً.
كنا نعتقد بأن الوزارة المعنية ستقوم بحل مجلس الإدارة والدعوة لانتخابات مبكرة تُحدث الإصلاح الذي كنا ننادي به، لكن ما حصل هو أن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية دعت الى انتخابات تكميلية، و تم استبدالنا بأعضاء آخرين من الجمعية العمومية، ولأننا كنا متمسكين بآرائنا فقد تخيلنا أن تلك قد تكون فرصة للعودة وربما تصحيح الأوضاع أيضاً، لكن ما حدث نسف تلك الآمال وعلمنا درساً بليغاً.
لقد قام من بقي من زملائنا في مجلس الإدارة بالتحشيد الهائل للانتخابات التكميلية التي عُقدت في مقر نادي الخليج بالمحرق، وتم التصويت على فصلنا نهائياً من الجمعية بواسطة الجمعية العمومية، وبعيداً عن كل ما قلناه بأن الفصل لم يكن قانونياً أو نظامياً، فإن النتيجة هي أننا أصبحنا خارج هياكل الجمعية، بسبب اتخاذنا قراراً بالاستقالة والانسحاب من مجلس إدارة الجمعية بدل البحث عن وسائل أخرى.
إن الدرس الذي لم نستوعبه حينها، هو أنه مهما وصل الخلاف بينك وبين زملائك ورفاقك الآخرين في العمل الأهلي، لا تتخذ قراراً مستعجلاً بالاستقالة، بل إبحث عن البدائل، فإذا لم تجدها في الوقت المناسب، عليك بالابتعاد والقبول بخيارات الآخرين، حتى ولو لم تكن تعجبك، فالأهم هو أن تستمر تلك الجمعيات والمؤسسات الأهلية والنقابية والمدنية في العمل، وقد يكون ظرف الزمن والاندفاع وعدم القدرة على إحتمال الإختلاف عاملاً أدى إلى تعثر مشاركات وتقاربات كان يمكن أن تُثري العمل والشراكة المجتمعية.