الصحافي المفتون… بجيش بني صهيون
بقلم محمد حسن العرادي
ثمة حدٌ فاصلٌ بين التحليل والتضليل، وبين النقلِ والتطبيل، فما تخُطه بعض الأقلام الصفراء من مقالات تُبجل الإجرام الصهيوني وتحتقرُ فيه المقاومة العربية الباسلة المنتصرة في لبنان وفلسطين، وذلك ليس تعبير عن رأي أو تحليل لما يجري من أحداث، إنما هو مشاركة مباشرة في دعم المجهود الحربي الصهيوني من خلال حملة التثبيط والتحبيط ونشر اليأس وسط الشارع العربي والاسلامي، ونوع من الاستهانة والإستهزاء والتقزيم للمنجزات والبطولات التي يقوم بها المقاومون، ويقدمون فيها أروع صور البطولة والفداء والتضحيات.
أحد هؤلاء المطبلين صحفي عربي مسكون بالتفوق والإجرام الصهيوني بشكل جنوني، حتى ليخيل لمن يقرأ مقالاته الملتبسة بأنه إنما يتابع ما يكتبه أو ينقله مراسل عسكري صهيوني يغطي الأحداث من على ظهر دبابة صهيونية تقوم بقصف البيوت الفلسطينية في قطاع غزة فوق رؤوس ساكنيها، أو تدمر السياج الفاصل بين جنوب لبنان وشمال الأراضي الفلسطينية المحتلة لتفرض واقعاً جديداً يمهد للاستسلام والانبطاح للعصر الصهيوني المجرم تحت أزيز الرصاص وهدير الطائرات الأميركية، وهي تلقي القنابل القاتلة بآلاف الأطنان من المواد المتفجرة، فتهدم البيوت والبنى التحتية وتقتل البشر والحجر، ولكن هيهات لهم ذلك.
هذا الصحافي الغارق في الآثام والأوهام يُرسل ما يكتبه في إحدى الصحف اليومية مُدعياً بأن ما يعبر عنه هو مجرد نظرة واقعية حول موازين القوى في الصراع العربي الصهيوني، فيقارن بشكل مستفز وفاقع بين أعداد الشهداء الفلسطينيين واللبنانيين الذين يرتقون إلى آرائهم في المجازر الصهيونية كل يوم، وبين ما يتم الإعلان عنه من القتلى والجرحى الارهابيين القتلة المحتلين في الإعلام الصهيوني، ويُصور الأمر وكأنه نوع من المبارزة بين طرفين متحاربين بشكل عادل ومتكافئ، وليس بين من يعتدي على الأرض ويدنسها ومن يدافع عن الأرض والعرض والحقوق، حتى تتخيل بأنك تُشاهد فلماً أمريكياً فنتازيا أخرجته إحدى شركات السينما في هوليود مع كافة المؤثرات والحيل السينمائية الحديثه، حيث لا مناص من إنتصار البطل الصهيوني على الأشرار من العرب والمسلمين تكريساً لنظرية الإسلاموفوبيا.
تشعر وأنت تتابع وجهه القبيح وابتسامته الكريهة بأن قهقهةً نتنةً الرائحة، فاسدة المزاج والإخراج تصدر من بين أسنانه الملوثة بالدم العربي في فلسطين ولبنان، ولسانة المنجس بامتداح الصهاينة، فتحس بنوع من الحشرجة والغثيان تصل إلى حد التقيؤ والإستفراغ على هذا النوع من البشر الذين إنتزع الله الوفاء والشهامة والرحمة والضمير من قلوبهم، فراحوا يشمتون بأصحاب الحق وهم يذبحون بدمٍ بارد وإرهابٍ دولي صهيوأميركي بغيض دأب على نشر الكراهية والعنصرية في كل مكان تطأه جيوشه وجحافله الإرهابية.
تُدرك بأن هذا الصنف من الكُتاب الذين يضعون على عيونهم غشاوة ونظارات سوداء، يتعرضون لغسيل دماغ بواسطة صنف مخدراتٍ مغشوش يلغي عقولهم المغيبة من قبل الإعلام الغربي الصهيوني، لأنهم تجاوزوا حد العمالة والسقوط في الوحل، وغادروا الصفات الإنسانية التي يمكن أن يتحلى بها البشر، حتى غدوا مجرد أشكال وهياكل كارتونية تسير على أرجل مريضة، مسكونة بالتفوق الصهيوني والرغبة في الإنبطاح والتعري أمام هذ التسافل العنصري الإرهابي الذي أدانت قادته المحكمة الجنائية الدولية، وطالبت باعتقالهم، إنهم صنف من المخلوقات المأزومة المهزومة نفسياً، والذين لايتصورون بأن هناك مقاومون شرفاء قادرون على التضحية والصمود لكي لا تستباح الأوطان في فلسطين ولبنان مهما كانت الأثمان.
وإذا كان ولا بد من توجيه نصيحة لهؤلاء الطارئين على التاريخ والجغرافيا من الصحفيين خدام الصهيونية، فإن أبسط ما يمكن أن يقال لهم ” كنوا وإستقروا وتريثوا” فإن موعدنا النصر، فلا تأخذنكم العزة بالإثم، أو الإعتقاد بأن ما تكتبونه وتبثونه من سموم سيشفع لكم لدى الصهاينة وأسيادهم، فهؤلاء الإرهابيين لا أمان لهم، ولكم أن تسترجعوا كيف غدروا بمن هو قبلكم وأكبر منكم من العملاء والخونة وتخلوا عنهم في ساعة الصفر، حين لا ينفع الندم.
وأخيراً، سجلوا في أجندتكم تاريخ هذا اليوم الفاصل بين الإنتصار والإنكسار، الذي شكل إنتكاسة للجيش الصهيوني، أثبت فيها عجزه عن تحقيق أهداف العدوان رغم كل الدعم الذي قدمته أمريكا وحلفائها وأعوانها، يوم إتضح فيه أن الصمود والمقاومة والوقوف في وجه العدو يجلب العزة والكرامة مهما كانت التضحيات، وأن الإستسلام لايجلب سوى العار والشنار والهزيمة المذلة للشعوب الخانعة التي لاتدافع عن أرضها وعرضها، فهنيئا للصامدين ولاعزاء للجبناء والعملاء، وهنيئا للبنان ولشعبه بتسجيل الانتصار من جديد.