التحضير لانتخابات البحرين 2026 – 7

بقلم محمد حسن العرادي – البحرين

لا أحد يستطيع الدفع بحداثة التجربة البرلمانية في البحرين بعد مرور أكثر من 25 سنة على تولي جلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه مقاليد الحكم في 6 مارس 1999، والبدء في ترتيبات التحول الديمقراطي وعودة الحياة النيابية التي توقفت على مدى 27 عاماً، وطالبت بها الكثير من الفعاليات الشعبية والتحركات الجماهيرية طوال فترة انقطاع الحياة التشريعية منذ تم تعليق العمل بالمجلس الوطني في 26 أغسطس 1975.

ولا شك بأن شعب البحرين صاحب التاريخ النضالي الطويل كان ولا يزال مهيئاً للحياة الديمقراطية ومستعداً لتبنيها والعمل بها، وقد أثبت ذلك من خلال تأسيس العديد من الجمعيات ومؤسسات العمل الأهلي في مختلف الميادين، ومارس من خلالها الديمقراطية، وإجراء إنتخابات دورية ومنتظمة لاختيار مجالس إدارات الأندية الرياضية والثقافية والجمعيات المهنية والأهلية، والتي شكل عملها قاعدة اجتماعية حاضنة لكثير من الكوادر التي انخرطت في العملية السياسية بعد العام 2001، سواء في تأسيس التيارات والجمعيات أو في الترشح للانتخابات النيابية والبلدية

ومع عودة الحياة البرلمانية والمجالس البلدية وانتظامها طوال ربع قرن من الزمان في عهد جلالة الملك المعظم، أصبح من المهم البدء في ترسيخ العادات والتقاليد الديمقراطية العريقة من خلال دعم التحولات والممارسات الديمقراطية في مختلف المؤسسات الأهلية والرسمية وخاصة في المجال السياسي من أجل “تعزيز مأسسة العمل السياسي المنظم”، والسماح بتأسيس المزيد من الجمعيات والتكتلات السياسية والفكرية، ولا شك أن ذلك بحاجة إلى نشر الثقافة والتربية الديمقراطية وتضمينها في المناهج التعليمية الرسمية في مختلف المراحل الدراسية، حتى تصبح ثقافة عامة وجزء من الحياة اليومية التي يعيشها شعب البحرين.

إن ذلك يتطلب أن تبدأ الوزارات والهيئات والمؤسسات الرسمية في تقبل افرازات ونتائج الانتخابات التي تجريها مختلف مؤسسات المجتمع المدني والتعاطي معها وفق أعلى درجات المسؤولية اعترافاً وتفاعلاً وتشجيعاً واحتضاناً، كما يتطلب أن يتمتع المواطنون المتطوعون لإدارة مؤسسات المجتمع المدني بنوع خاص من التقدير والاحترام الرسمي والشعبي، مقابل تطوعهم بجزء كبير من وقتهم وجهودهم لخدمة المجتمع طول عقود كان جل هدفهم فيها تطوير وتنمية مجتمعاتهم المحلية.

ولتحقيق ذلك لابد من التفكير في تكريس الشراكة المجتمعية وتعزيز التعاون بين القطاع الرسمي والقطاع الاهلي والقطاع الخاص من خلال ابتكار آليات عمل تتيح قدراً مناسباً من التفرغ وتخفيف الأعمال، وهذا يتطلب اعداد بيئة اجتماعية حاضنة لدعم عمل الجمعيات وكوادرها، وليس ملاحقتهم واستهدافهم وكأنهم قد أجرموا ما ليس يغتفر، فهؤلاء المتطوعون، فضلوا خدمة المجتمع على خدمة مصالحهم الشخصية والعائلية، وهم لا يستلمون مقابل تلك الخدمات اية مكافآت أو عطايا، رغم ان العمل التطوعي في الدول المتقدمة قد أصبح مدفوع الأجر والمكافأة، وينطلق من أهمية قيام منظومة الأعمال غير الربحية، ومن باب الإنصاف أن يشعر هؤلاء بالطمأنينة والسكينة حتى يتمكنوا من الإبداع ومواصلة الانتاج في أجواء مشجعة ومحفزة.

إن القوانين العادية الموجودة والفاعلة في البلاد، قادرة على ضبط أي مخالفات يرتكبها أي مواطن في أي موقع كان بما في ذلك المتطوعون في الجمعيات والمؤسسات المجتمعية، ما يعني عدم الحاجة إلى المزيد من التضييق والحصار، وأهمية التخفيف على العاملين في مؤسسات المجتمع المدني، فلقد عانى واحتمل المنتسبون للجمعيات الأهلية الكثير خلال اكثر من خمسة عقود، من الجهود وتمثيل البحرين الناجح في العديد من الميادين الدولية، ولا شك بأن تكريمهم والاحتفاء بجهودهم في خدمة مجتمعهم ووطنهم سيساعد في تشجيع أجيال جديدة من المتطوعين للانخراط في هذا الميدان.

أجواء برس

“أجواء” مجموعة من الإعلام العربي المحترف الملتزم بكلمة حرّة من دون مواربة، نجتمع على صدق التعبير والخبر الصحيح من مصدره، نعبّر عن رأينا ونحترم رأي الآخرين ضمن حدود أخلاقيات المهنة. “أجواء” الصحافة والإعلام، حقيقة الواقع في جريدة إلكترونية. نسعى لنكون مع الجميع في كل المواقف، من الحدث وما وراءه، على مدار الساعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى